26-مايو-2023
Getty

الاقتحام الإسرائيلي جاء قبل أيام من شهر رمضان وأسفر عن اسشهاد أربعة فلسطينيين (Getty)

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، نتائج تحقيقها حول اقتحام إسرائيلي لمدينة جنين شمالي الضفة الغربية، في 16 آذار/ مارس الماضي، أسفر عن استشهاد 4 فلسطينيين من بينهم طفل، أقرت فيه تنفيذ جيش الاحتلال عملية "إعدام"، وذلك من خلال جمع روايات الشهود وجمع مقاطع مصورة، من أجل إعادة بناء موقع الاقتحام.

بحسب الصحيفة الأمريكية فإن القوة الإسرائيلية الخاصة أطلقت أكثر من 20 رصاصة، تجاه الشبان خازم وشريم، دون أن يظهر أي سلاح بحوزتهم، مما أدى إلى استشهاد الطفل عمر عوادين

وأكد التحقيق قتل قوات الاحتلال للطفل عمر عوادين دون تعليق الاحتلال على استشهاده بشكلٍ علني، مشيرًا إلى أن الطفل عمر (14 عامًا) كان من بين 16 فلسطينيًا في موقع عملية الاغتيال خلال اقتحام قوة خاصة إسرائيلية لوسط مدينة جنين، وذلك بهدف اغتيال نضال خازم ويوسف شريم، مما أسفر عن استشهاد الطفل عوادين والشاب لؤي الصغير أيضًا.

بودكاست مسموعة

وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن القوة الإسرائيلية الخاصة أطلقت أكثر من 20 رصاصة من بنادق من طراز AR ومسدسات، تجاه الشبان خازم وشريم، دون أن يظهر أي سلاح بحوزتهم.

وقالت الواشنطن بوست إن "السلطات الإسرائيلية أشارت إلى الشبان خازم وشريم على أنهم ’مسلحون مشتبه بهم’ في بيان أولي لكنها لم تقدم أي دليل يدعم مزاعمها".

..
الطفل عمر عوادين باللون الأزرق خلال اقتحام قوات الاحتلال جنين (الواشنطن بوست) 

كما أشارت إلى إطلاق النار على الشهيد خازم، حيث أصيب برصاصات قاتلة وقبل انسحاب القوة الإسرائيلي تم إطلاق النار على رأسه بشكلٍ مباشر. وقالت الصحيفة الأمريكية: "أطلقت القوات الإسرائيلية النار على أحد المسلحين عدة مرات بعد أن أصبح عاجزًا، وهو ما يبدو أنه إعدام خارج نطاق القانون".

ويرجع الاقتحام الإسرائيلي لمدينة جنين، إلى منتصف شهر آذار/ مارس الماضي، وقبيل أيام من بداية شهر رمضان، حيث ظهر أربعة جنود وسط المدينة، وبزي مدني من وحدة اليمام الخاصة التابعة لشرطة الاحتلال، وقاموا بملاحقة الشبان خازم وشريم وإطلاق النار عليهم.

وبالعودة إلى الطفل عوادين، تتحدث الصحيفة الأمريكية عن أنه أمضى نهار 16 آذار/ مارس في مساعدة والده بالعمل في محل للمستلزمات الطبية، "الطفل الذي كان يحب المزاح والسباحة" بحسب والدته، غادر محل والده قبل الاقتحام الإسرائيلي بلحظات، قبل أن تبدأ عملية الاغتيال الإسرائيلي ويصاب خلالها.

وقال عبد الله عباهرة، أول الواصلين للطفل المصاب عمر، "ذهبت إلى عمر وسألته ما الخطب. قال: سقطت. سألته إذا كان قد أصيب. قال لا". ويتذكر عباهرة أنه لم يكن هناك دم حول عمر. ولكن، بعد ذلك بدأ وجهه يتحول إلى اللون الأصفر واتخذت المنطقة المحيطة بعينيه إلى صبغة زرقاء. 

وأضاف عباهرة: "كنت أمسك يديه، وبدأت تبرد مثل الجليد"، وفي تلك اللحظة أدرك عمر وعباهرة وجود رصاصة في ظهر الطفل، وأثناء محاولته مساعدته، مرت إحدى السيارات التي تقل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

.
الطفل عمر عوادين

وأضاف عباهرة، لم تتمكن أي سيارة إسعاف من الوصول إلى المكان، لذا حمل عمر في سيارة مدنية ونقلوه إلى المستشفى، وكان قد مات عند وصوله، بحسب تقرير المستشفى.

وقال خبراء لـ"واشنطن بوست"، إن الاقتحام الإسرائيلي يبدو و"كأنه ينتهك حظرًا دوليًا على عمليات القتل خارج نطاق القضاء"، مشيرةً إلى الشبان خازم وشريم لم يشكلوا أي "تهديد وشيك"، إلى جانب وجود العديد من المدنيين.

وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي بين عامي 2004 و2010 فيليب ألستون، بعد مراجعة الأدلة التي قدمتها الواشنطن بوست: "يمكن للمرء أن يقول بدرجة من الثقة أن هذه عمليات إعدام خارج نطاق القضاء".

أمّا المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية حتى العام الماضي مايكل لينك، فقد قال  كانت عمليات القتل هذه "غير قانونية إلى حد بعيد".

وقال المحامي بجمعية الحقوق المدنية في إسرائيل روني بيلي، إن المبدأ الأساسي هو أن "لا تفتح النار إلا إذا كنت في خطر، لكن مسألة ما يشكل خطرًا غامضة بموجب القانون الإسرائيلي- عن قصد".

Getty

وفي تواصل الصحيفة الأمريكية مع المتحدث باسم شرطة الاحتلال، رفض الحديث عن فتح تحقيق في الاقتحام الإسرائيلي لمدينة جنين، وقال: "كانت تعمل في ظل ظروف تهدد الحياة، للقبض على المطلوبين".

وفي تعقيبه على ذلك، قال مايك لينك إن خازم وشريم لم يشكّلا "أي تهديد، ناهيك عن تهديد وشيك، وكان من الممكن إلقاء القبض على [كليهما]". 

على وقع الرصاص، سقط الطفل عمر، والدته أشارت إلى أن تواصلها الأخير معه كان في ظهر ذلك اليوم، وقالت عنه: "كان جالسًا خلف مكتب والده، وكان فخورًا جدًا بأن يُظهر لي مدى مسؤوليته"، بعد أربع ساعات، رحل. أمّا الشاب لؤي الصغير فهو أب لطفلة واحدة، فيما اعتقلت قوات الاحتلال والد الشهيد خازم، قبل أسابيع قليلة.

وتتحدث صحيفة الواشنطن بوست، عن وجود تقييمات أمريكية للاقتحامات الإسرائيلية لمدن الضفة الغربية، ظهرت من خلال تسريبات ديسكورد، حيث تناولت واحدة من الوثائق المجزرة الإسرائيلية في مدينة نابلس، والتي نفذها جيش الاحتلال في 22 شباط/ فبراير، والتي اعتبرت أنها "ستحبط الجهود الدولية لتهدئة العنف في المنطقة". 

قال المحامي بجمعية الحقوق المدنية في إسرائيل روني بيلي، إن المبدأ الأساسي هو أن "لا تفتح النار إلا إذا كنت في خطر، لكن مسألة ما يشكل خطرًا غامضة بموجب القانون الإسرائيلي- عن قصد"

كما  حذر أحد التقييمات السرية الأمريكية من أن اقتحام مدينة جنين في 7 آذار/مارس من أنها "ستدفع بشكل شبه مؤكد المسلحين الفلسطينيين للرد"، وفق تعبيرها.