01-سبتمبر-2018

ازدادت أعداد المهاجرين إلى دول مجموعة العشرين، خلال العقد الأول من الألفية الثالثة، بنسبة 60% (Education Central)

بات مصطلح "هجرة العقول" أكثر شيوعًا في الألفية الثالثة، مع ازدياد أعداد المهاجرين من أصحاب الكفاءات من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية، أي مما يصنف دول جنوب العالم تجاه الشمال المركزي، التي بدورها تبدي ترحيبًا أكبر لذوي الكفاءات عن غيرهم من المهاجرين، ويثير هذا النوع من الهجرات جدلًا مستمرًا، خاصة في الدول المصدرة لهؤلاء المهاجرين. مجلة الإيكونوميست استطلعت آراء متعلمين من دول أكثر فقرًا، حول هجرة المهرة وأصحاب الكفاءات من بلدانهم، إلى البلدان الغنية، وذلك في تقرير  قدمته مجلة الإيكونومست الأمريكية ننقله لكم مترجمًا بتصرف فيما يلي.


تميل الدول الغنية للترحيب بالمهاجرين فائقي المهارة من الأجزاء الفقيرة من العالم. وقد أظهرت مناظرة حول الهجرة في الغرب، أن الجراحين ومهندسي البرمجيات، رغم هجرتهم بأعداد تفوق أي وقت مضى، إلا أنهم يتعرضون للضرر بالقدر الذي يتعرض له عمال المزارع والمطاعم.

خلال العقد الأول من الألفية الثالثة ارتفع أعداد المهاجرين الجامعيين إلى دول مجموعة العشرين بنسبة 60%

ووفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي هي بمثابة نادي لمعظم الدول الغنية، فقد ارتفع عدد المهاجرين الجامعيين بنسبة 60% أي 32 مليون، في مجموعة العشرين، خلال العقد الأول من الألفية الثالثة. ومجموعة العشرين، هي الدول صاحبة أضخم الاقتصاديات في العالم، وتستضيف ثلثي المهاجرين في العالم.

اقرأ/ي أيضًا: هجرة العقول العربية.. النزيف متواصل

يبدو هذا في ظاهر الأمر وكأنه صفقة مربحة للجانبين؛ حيث تستفيد البلدان المضيفة من مهارات المهاجرين الذين يستفيدون بدورهم من دخول بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا. لكن القلق يساور بعض الاقتصاديين في مجال التنمية؛ لأن الأمر سيئ بالنسبة لبلدان المهاجرين، ويدفعون بحجة أن "هجرة الأدمغة" من البلدان الفقيرة، تحرم تلك البلدان من الأشخاص الذين تحتاج إليهم لتخطي الفقر، وهناك آخرون يشككون في النظرية مجادلين بأن فوائد التحويلات المالية من المنفيين والمهارات الجديدة التي يعود بها المهاجرون العائدون إلى الوطن؛ تفوق بكثير أضرار مغادرتهم.

ما موقف المتعلمين في البلدان الفقيرة من هذا الجدل؟ قال ياسين صادق مايانجا، وهو مسؤول اقتصادي في الحكومة الأوغندية، إن "هناك قطاعات، مثل العلوم الإنسانية والفنون، حيث تكون القوى العاملة المؤهلة بها فائضة عن الحاجة".

ويعتقد مايانجا، أن استثمار المتعلمين تعليمًا عاليًا، تعليمهم في مكان آخر، هو أفضل من أن يظلوا غير منتجين في أوطانهم: "إذا أتيحت لنا الفرص، سنغادر". المجموعة الوحيدة التي يقلق حيالها هم الأطباء الأوغنديين؛ حيث كانوا يحظون بفرص هجرة ميسرة نسبية. وفي عام 2015، شُغلت نسبة 69% فقط من الوظائف الشاغرة بالرعاية الصحية للدولة.

تميل الدول الغنية للترحيب بالمهاجرين أصحاب الكفاءات وفائقي المهارة
تميل الدول الغنية للترحيب بالمهاجرين أصحاب الكفاءات وفائقي المهارة

فيما يؤكد آخرون أن اختيار البقاء أو الهجرة، ليس قرارًا اقتصاديًا بسيطًا. يعمل شقيقا فرح منير مع مايكروسوفت في والولايات المتحدة الأمريكية ومع الحكومة الأسترالية. وقد غادرا على الرغم من ثراء عائلتها بما يكفي لحياة مريحة في بنغلاديش.

منيرة التي تعمل باحثة في الاقتصاد بالعاصمة البنغالية دكا، آثرت البقاء خارج الوطن كذلك. لكن ولكونها الأصغر بين إخوتها، وغير متزوجة كذلك، فمن المتوقع أن تعود للعيش في منزل والديها ببنغلاديش بعد أن تحصل على درجة الماجستير من بريطانيا.

وتقول فيوليتا هرنانديز، وهي مستشارة إدارية غادرت غواتيمالا لتلحق بزوجها الإيطالي: "يحكم العائدون إلى الوطن على المغادرين بقسوة شديدة في بعض الأحيان"، موضحة: "يعتقد معظم الناس أنه عندما يهاجر شخص ما، فإن لديه حياة سهلة في الخارج". لكن كونها بالخارج لم يقلل من حبها لبلدها الأم، كما تقول. 

وأشارت إلى أنه بالنسبة للعديد من المهاجرين الغواتيماليين، فإن البلاد دائمًا ما تكون في وجدانهم: "إذا بدأنا نشاطًا تجاريًا في الخارج، فنحن دائمًا نفكر في كيفية تقديم بعض الفوائد لغواتيمالا".

فيما يشعر ﺁﺧﺮون أن ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ "هجرة اﻟﻌﻘﻮل"، ﺗﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻔﺮﺿﻴﺔ ﺨﺎﻃﺌﺔ. مثلًا، ناثان جون، الكاتب النيجيري الذي سخر من العقبات التي يواجهها هو وزملاؤه النيجيريون في الهجرة، أو حتى الحصول على تأشيرات لفترات قصيرة للدول الغربية؛ يعترض على تأطير الهجرة في هذا المنظور.

ثلث أطباء فنزويلا مهاجرين إلى الدول الأغنى
ثلث أطباء فنزويلا مهاجرين إلى الدول الأغنى 

يقول ناثات جون الذي يعيش في برلين الآن: "إن الكثير من الجدل حول المهاجرين المهرة، هو جدل طبقي، لأنه يميز بين القيمة البشرية للأشخاص المهرة، وبين المهاجرين غير المهرة، أيًا كان معنى ذلك"، مضيفًا: "كما يفترض أنه إذا بقي جميع الأشخاص المهرة في بلد غير منتج فسوف يتحسن هذا البلد بطريقة ما".

فنزويلا مثلًا تعد واحد من البلدان التي تعاني نزيف هجرة سكانها، سواءً كانوا متعلمين أم غير متعلمين تعاليمًا عاليًا. وهي أيضًا بمثابة برهان على أن الأمر غير قاصر على المهرة أو "هجرة العقول".

إن ضعف البلد وانهياره الاقتصادي بالتحديد، هو الذي دفع سكانه إلى الخارج، ومن بينهم حوالي ثلث أطبائه. ومع ذلك، ثمة إحساس طفيف بأن أي شيء يمكنه أن يتحسن إذا بقي عدد أكبر من الناس في البلاد، لذلك فإن أولئك الذين ظلوا في بلادهم ينتقدون المهاجرين بشدة.

يرى البعض أن النقاش حول هجرة العقول أو الأشخاص المهرة في أعمالهم، هو نقاش طبقي، لأنه يميز بين القيمة البشرية لـ"المهرة" و"غير المهرة"

قالت لويسا، وهي ناشطة فنزويلية: "يحصل الأطباء على أجر يبلغ 10 دولارات في الشهر إذا كانوا محظوظين"، مضيفةً: "لا يرغب كثير من الناس في انتقادهم، بل يرغبون في فعل ما فعلوه وهو أمر منطقي". وعلى الرغم من أنها نفسها حصلت على مزيد من العمل مع المنظمات الدولية في البلاد بسبب هجرة الأشخاص المهرة، تفكر لويزا باستمرار في مغادرة البلاد: "العيش هنا تضحية باهظة الثمن"، كما تقول.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"نكران الثقافات".. عن الهجرة والاندماج

وقف الهجرة أم وقف الحروب؟