30-مارس-2023
getty

عاد الخلاف الدبلوماسي مع قضية الناشطة الجزائرية- الفرنسية أميرة بوراوي (Getty)

طويت صفحة الأزمة الدبلوماسية بين فرنسا والجزائر التي استمرت قرابة شهرين بعودة السفير الجزائري لدى فرنسا سعيد موسي إلى باريس، الأربعاء 29 آذار/مارس، حيث سيباشر مهامه من جديد ويشرف على تنسيق الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى باريس أيار/مايو المقبل. 

وجاء قرار عودة السفير الجزائري إلى باريس عقب مكالمة هاتفية جمعت الرئيس الجزائري بنظيره الفرنسي قبل أسبوع. مع الإشارة إلى سبب الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين البلدين يعود إلى قضية "هروب الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي إلى فرنسا بعد وصولها إلى تونس".

طويت صفحة الأزمة الدبلوماسية بين فرنسا والجزائر التي استمرت قرابة شهرين بعودة السفير الجزائري لدى فرنسا سعيد موسي إلى باريس

وبعودة السفير الجزائري إلى باريس سيستأنف التعاون بين باريس والجزائر في جميع المسائل التي علّقت على خلفية الأزمة، على غرار "استصدار التصاريح القنصلية وترحيل المهاجرين إلى الجزائر".

مكالمة الانفراجة

واتفق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، على تجاوز الخلافات ودفع العلاقات الثنائية، خلال مكالمة هاتفية جمعتهما ليل الثلاثاء الماضي، حيث أكّد بيان صادر عن الرئاسة الجزائرية حينها أن الرئيسين "اتفقا بشأن العلاقات الثنائية على إعطائها دفعةً طموحةً على أسس دائمة تضمن المصلحة المشتركة المتبادلة، والاحترام الكامل لخصوصية وسيادة كلا البلدين".

كما أبلغ تبون ماكرون، في ذات المكالمة، أنّ عودة السفير الجزائري إلى باريس باتت قريبة، وأكّد البيان "الاتفاق بين الرئيسين على تعزيز وسائل الاتصال بين إدارتي الدولتين، حتى لا تتكرر مثل هذه الحالات"، وعلى هذا الأساس ثُبِّتَت الزيارة المقرر أنّ يقوم بها الرئيس الجزائري لباريس نهاية أيار/مايو المقبل.

getty

أبرز الأزمات بين الجزائر وفرنسا خلال فترة تبون

نشب أول صدام دبلوماسي بين الجزائر وفرنسا، خلال عهدة تبون التي بدأت 2019، عند دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "ضرورة فتح حوار شامل في الجزائر"، الأمر الذي ردّ عليه تبون حينها بالقول إن "ماكرون رئيس فرنسا وليس الجزائر وحدوده تنتهي هناك".

وبدأت العلاقات بعد ذلك تشهد برودًا بين الطرفين، إلا أن لقاء الرئيسين ببرلين على هامش ندوة خاصة حول ليبيا شهر كانون الثاني/يناير 2020 أذاب الجليد بينهما، تلتها اتصالات هاتفية بين الطرفين لتلطيف الأجواء خاصة بعد ما لمس الرئيس تبون رغبة ماكرون في تحسين العلاقات.

لكن هذه الاتصالات الودية، لم تمنع فرنسا من ارتكاب هفوات جديدة، ففي شهر أيار/مايو 2021، تم استدعاء السفير الفرنسي فرانسوا غوييت احتجاجًا على "بث تلفزيون عمومي فرنسي لشريط مسيء للشعب الجزائري والمؤسّسات الوطنية"، وبعدها وصف ماكرون النظام الجزائري بالعسكري مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2021 مشكّكًا في ذات الوقت في وجود أمة جزائرية قبل وصول الاستعمار الفرنسي، وذلك خلال لقائه مجموعة من الطلبة من الأصول الأفريقية، وقبلها في أواخر أيلول/سبتمبر 2021، استدعت الجزائر السفير الفرنسي فرانسوا غوييت احتجاجًا على قرار تقليص منح التأشيرة للجزائريين.

على إثر هذه التصريحات، سحبت الجزائر سفيرها بباريس، ومنعت الطائرات الفرنسية العسكرية من التحليق على الأراضي الجزائرية نحو مالي، وانقطعت الاتصالات بين البلدين لعدة أشهر، وفي ردها، وصفت الرئاسة الجزائرية، خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالتدخّل غير المقبول في الشؤون الداخلية للبلاد، حيث وصفت الخارجية الجزائرية في ردها على ماكرون، تصريحات الرئيس الفرنسي باللامسؤولة ومحاولة التدخل في شؤون البلاد.

أنهت زيارة ماكرون إلى الجزائر في أواخر شهر آب/أغسطس الماضي، الأزمة الدبلوماسية مع الجزائر، قبل أن تنتكس العلاقات مرةً أخرى

وأنهت زيارة ماكرون إلى الجزائر في أواخر شهر آب/أغسطس الماضي، الأزمة الدبلوماسية مع الجزائر، حيث نتج عن الزيارة توقيع اتفاقيات اقتصادية واستراتيجة، أعقبها وافد الإيليزيه، بتصريحات "تدعو إلى عدم التقيد بالماضي وبناءمستقبل مشترك بين البلدين".

قبل أن تعود قضية الناشطة الجزائرية- الفرنسية أميرة بوراوي، وتتسبب في أزمة دبلوماسية جديدة، على خلفية خروجها من الجزائر إلى تونس، ومن ثم انتقالها إلى فرنسا، مع الإشارة إلى دور فرنسي رسمي في عملية إخراج الناشطة بوراوي. وساهمت هذه القضية، في التقليل من التقارب بين الجزائر وباريس، الذي انتعش قليلًا بعد سلسلة من الأزمات.