08-مارس-2017

من مظاهرات المواطنين في الاسكندرية احتجاجًا على خفض الدعم الحكومي على الخبز (أ.ف.ب/Getty)

شهدت مصر أمس الثلاثاء "انتفاضة خبز" مصغرة، فقد خرج عشرات المواطنين في محافظات مصرية مختلفة في مظاهرات عفوية دون اتفاق، وذلك بعدما ذهبوا جميعًا لصرف حصصهم ليفاجؤوا بأصحاب المخابز يبلغونهم بتقليل حصة الفرد من الخبز من خمسة أرغفة إلى ثلاثة فقط لحائزي ما يُعرف بـ"الكارت الذهبي"، وهو منظومة دعم حكومية.

شهدت مصر يوم الثلاثاء "انتفاضة خبز" مصغرة، فقد تظاهر عشرات المواطنين في محافظات مختلفة احتجاجًا على خفض الدعم الحكومي للخبز

اقرأ/ي أيضًا: 102 مليار دولار ديون مصر الخارجية.. فلنسأل السيسي!

وتخفيض حصة المواطن من الخبز نية مبيّتة لدى علي المصيلحي، وزير التموين الجديد القديم، حيث كان وزيرًا للتموين أيضًا في عهد حسني مبارك، الذي أعلن عن مشروعه لخفض الدعم عن "رغيف العيش" منذ لحظة توليه منصبه بالحكومة حين أعلن خطته، التي تشمل وضع خطة لتحرير سعر الدقيق المدعم لأصحاب المخابز على أن يقوم صاحب المخبز بشراء الدقيق من الحكومة بالسعر الحر، وبيع الرغيف بخمسة قروش للمواطنين على أن يحصل المخبز على فرق تكلفة الإنتاج بعد توزيع الخبز على المواطنين.

ويكمن سر تحرير سعر الدقيق المدعم في تقليل كميته، وبالتالي زيادة تكلفته على المخبز، الذي سيقوم - بدوره - بمضاعفة أعباء المواطن، وتقليل الخبز المدعم من خمسة أرغفة إلى ثلاثة فقط.

وقالت مصادر حكومية أنّ الهدف من تقليل الدعم على الخبز ومجموعة سلع أخرى هو سدّ عجز الموازنة الرسمي، الذي وصل خلال العام الماضي إلى أعلى حدوده مسجِّلًا 305 مليار جنيه. وجاء الردّ من عدّة اقتصاديين بأن منع الدعم عن جميع السلع لن يمنع العجز، لأن المزايا الاجتماعية والمنح والدعم بقيمة 206 مليار جنيه فقط. وبذلك سيصل العجز إلى 100 مليون جنيه.

وكان المصيلحي أصدر قرارًا رقم 5 لسنة 2017، أمس الأول الأحد، بتخفيض عدد الأرغفة على الكروت الذهبية لأصحاب المخابز بحجة الحد من استغلالهم الدعم المخصص للمواطنين.

وردًا على الإجراءات الحكومية، تجاه مستحقي الدعم، خرج آلاف المتظاهرين في القاهرة والمنيا وكفر الشيخ والإسكندرية للتنديد بما يجري من إجراءات لتقليل الدعم تنفيذًا لتعليمات صندوق النقد الدولي، التي فرضت مقابل منح مصر قرضًا الـ12 مليار دولار، الذي حصلت مصر على دفعة منه، ولا تزال تواصل فرض إجراءات "رأسمالية" كاملة وفق مطالب البنك.

في الإسكندرية، قطع مواطنون بعض الطرق الرئيسية احتجاجًا على عدم تمكنهم من صرف الخبز المدعم، بسبب تخفيض مخصصات الكارت الذهبي من ألف رغيف إلى 500 فقط، ووقعت اشتباكات مع قوات الأمن لتفريق الغاضبين في شارع السبع بنات بالإسكندرية.

ونظَّم أهالي كفر الشيخ وقفة احتجاجية إزاء القرار، وقطع الأهالي المحتجين أكبر طرق المحافظة في مدينة دسوق، المسمى بشارع الجيش، أمام مجلس المدينة، مهدِّدين بعصيان مدني واعتصام مفتوح يشلّ مفاصل المدينة. كان المشهد يمكن اختزاله في كونه "بوادر ثورة جياع" يعبّر عنها بيت الشعر القائل "عض عيني ولا تعضّ رغيفي إن قلبي على الرغيف ضعيف"، وفق وصف البعض.

إصرار وزير التموين على تعديل منظومة الخبز، والتقليل من عدد الأرغفة للفرد في المخابز، يعيد إنتاج "انتفاضة الخبز" في مصر

اقرأ/ي أيضًأ: مصر.. مسلسل تسمم التلاميذ مستمر

وتصدر هاشتاج "انتفاضة التموين" موقع "تويتر" باعتباره الأكثر مشاركة، ما عبَّر عن أعداد الغاضبين، والمتأثّرين بقرار تخفيض حصة الخبز المدعوم، التي تتجاوز بضعة ملايين، وتعليقًا على ذلك قارن الحقوقي جمال عيد، بين موقف برلمان انتفض لكشف شراء 3 سيارات بـ18 مليون جنيه، وموقف "ناس انتفضت عشان مش لاقية العيش"، محذِّرًا: "اتقوا غضب الفقراء".

ورغم ذلك، واصل وزير التموين عناده حتى ختام اليوم، مؤكِّدًا أنَّه لن يتراجع عن قرار رفع الحد الأقصى لعدد الأرغفة المسموح بها للكارت الذهبي لتكون أكثر من 500 رغيف بالمخابز، وذلك بناءً على اجتماع جرى مع مديري مديريات المحافظات تناول تحليل ورؤية ما حدث خلال يومين بعد القرار، مع التأكيد على أن القرار سيسري تطبيقه ومتابعته في باقي المحافظات، معتبرًا التظاهرات التي خرجت، ورجَّت أرجاء مصر "كأن لم تكن".

إصرار وزير التموين على تعديل منظومة الخبز، ، حيث منع الدعم، والتقليل من عدد الأرغفة المتاحة للفرد في المخابز، يعيد إنتاج "انتفاضة الخبز"، التي ضربت مصر في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وأسماها - سخرية - "انتفاضة الحرامية"،. وإذا ما استمرت إجراءات النظام المصري في نفس المسار الحالي، فمن المنتظر أن يواجه "السيسي" نفس ما واجهه السادات من قبل.

اقرأ/ي أيضًا: 

ماذا يعني حكم براءة حسني مبارك؟

تمديد السيسي لنفسه.. اسأل عن التوقيت