28-فبراير-2017

عبدالفتاح السيسي (آدم بيري/Getty)

كانت الفكرة مطروحة منذ وقت طويل، مقترح برلماني بمدّ فترة الرئاسة قبل الانتخابات بقليل، يوافق عليها النواب، تنتقل إلى المحكمة الدستورية وتتحوَّل إلى مشروع ثم يتم التصديق عليها وتعديل الدستور، إذ لا يضطر النظام المصري للتفكير في الانتخابات المقبلة. هذا في حالة كان التمديد سيسري على فترة السيسي الحالية، السيناريو الآخر، أن يترشّح عبد الفتاح السيسي في الدورة المقبلة، يحصد أغلبية الأصوات، ينجح، يضمن بقاءه في قصر الرئاسة لدورة جديدة لكن، هذه المرة، لست سنوات حتى يصل عمره إلى عتبة السبعين عامًا.

دعوات المعارضة المصرية للاستعداد للانتخابات الرئاسية القادمة، جعلت النظام يفكر في تمديد فترة الرئاسة بدلًا من إجراء انتخابات جديدة

ما الذي جرى تحديدًا تحت القبة؟

تقدم إسماعيل نصر الدين، النائب بالبرلمان المصري عن حزب المصريين الأحرار، الذي يعاني أزمة على مستوى رئاسته خلال الفترة الماضية بعد اختراق الأمن له، بطلب إلى رئيس البرلمان، علي عبد العال، لتعديل بعض مواد الدستور المتعلّقة بمدة حكم الرئيس، وطريقة تكليف رئيس الجمهورية بتكليف الحكومة. ويشير الطلب إلى رفع مدة الرئاسة إلى ست سنوات.

وأرفق النائب طلبه بجملة "الدستور عمل بشري وليس إلهاميًا، معصومًا من الخطأ، أو يتبني حلولًا ربانية لمشكلاتنا، وفي النهاية يحتمل النقد لأنه يتصف بالطبيعة الناقصة لواضعه".

اقرأ/ي أيضًا: مصر .. ثلاث ملاحظات شعبية على التعديل الوزاري

لماذا الآن تحديدًا؟

يعتقد مراقبون أن دعوات المعارضة المصرية للاستعداد للانتخابات الرئاسية القادمة، ربما تكون من العوامل التي جعلت بعض أجنحة النظام تفكر في تمديد فترة الرئاسة بدلًا من إجراء انتخابات جديدة. لكن هذه الفكرة قد لا تكون بالسهولة التي تبدو عليها، فحتى يمر المقترح البرلماني بمراحل تحوّله إلى مادة في الدستور المصري، يكون السيسي بدأ الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية، ويبدأ التطبيق بدءًا منها.

بينما ألمحت مصادر إلى أنّ جناح رجال مبارك داخل النظام المصري القائم هو صاحب المقترح، استعدادًا لترتيب الأرض خلال فترة الرئاسة الثانية لظهور جمال مبارك من جديد، فبالنسبة لهم، الوجه العسكري لم يعد مقبولًا في الأوساط الدولية والعربية والمصرية، ونجل الرئيس الأسبق هو الأقرب باعتباره رأس حربة شبكة مصالح واسعة في القاهرة.  

ولأنّ السيسي لم يعد مقبولًا بالدرجة ذاتها لدى قطاع كبير من السياسيين الموالين له، واجه المقترح موجة غضب، حتى إن مصطفى بكري، السياسي والكاتب الصحفي العابر للأنظمة، وجَّه رسالة إلى زميله صاحب المقترح على تويتر، قائلًا: "أرفض وبكل شدة الاقتراح المقدم من أحد الزملاء النواب بمد فترة رئيس الجمهورية عن المدة المحددة دستوريًا، ولا أظن أن الرئيس يمكن أن يقبل بذلك".

مراقبون قللوا من أهمية عدم دستورية تعديل مدة الرئاسة، قائلين أن النظام إن شعر بالخوف من الانتخابات المقبلة قد يلجأ لذلك فعلًا

بعض السياسيين وقع في فخ الفهم الخاطئ، معتقدًا أنّ تعديل المدة الرئاسية سيسري من فترة ولايته الحالية، لكن الحقيقة أنه لا يجوز قانونًا، والمقترح، في حال إقراره، سيبدأ تنفيذه بعد الانتخابات المقبلة. لكن مراقبون آخرون قللوا من أهمية عدم دستورية تعديل مدة الرئاسة الحالية، قائلين أن النظام إن شعر بالخوف من الانتخابات المقبلة قد يلجأ لذلك فعلًا، ضاربًا بالدستور عرض الحائط، كما فعل كثيرًا من قبل.

اقرأ/ي أيضًا: خمس روايات عن انخفاض سعر الدولار في مصر

من جانبه، قال أيمن نور، المرشح الرئاسي السابق، عبر تغريدة تويتر، إنّ "الحديث عن تعديل وتمديد مدة السيسي عبر أحد نواب البرلمان هو فقط مجرد بالون اختبار تمهيدًا لخطوات سريعة سيُعلَن عنها فجأة بداية العام المقبل".

بينما يطوَّر النائب نصر الدين خطواته في رحلة زيادة مدة الرئاسة، وكانت أول خطوة فعلية موافقة خُمْس أعضاء المجلس لوضع التعديل في الاعتبار، أي 119 نائبًا، وبدأ أمس جمع توقيعات الأعضاء، موضحًا لهم أنّ "الصلاحيات ستساعد الرئيس في أداء عمله".

وكانت تقارير صحفية تحدَّثت في آيار/ مايو 2016، وفق مصادر لم تكشف عنها، عن بدء دوائر قانونية مقربة من الرئاسة التجهيز لتعديلات دستورية من المنتظر عرضها على مجلس النواب، وتستهدف التعديلات زيادة مدة رئيس الجمهورية لتصبحَ ست سنوات بدلًا من أربعة.

ويستعد النائب، الذي يعدّ من أصحاب نصف الشهرة، لتمرير التعديل الدستوري إلى معارضيه عبر تسويق أنّ الهدف منه تقليص صلاحيات الرئيس من خلال منح سلطته في تحديد أسماء الحكومة إلى النواب، ومنحه سلطات أقلّ تقتصر على الإشراف على التعديلات الوزارية.

لن يكتفي بذلك، لكن حملة إعلامية ضخمة ستنطلق عبر قنوات يجري إطلاقها وتأميمها حاليًا للترويج لانتخاب السيسي رئيسًا مجدّدًا بعد مرور ثلاث سنوات من ولايته، ستساعد على إنقاذ المقترح شعبيًا قبل طرحه للاستفتاء العام.

اقرأ/ي أيضًا: 

رسائل السيسي غير المضحكة في مؤتمر الشباب

وثائق المخابرات الأمريكية..أسرار ما قبل 25 يناير