08-مارس-2024
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، في خطاب حالة الاتحاد، أن الجيش الأمريكي سيبني رصيفًا قبالة ساحل غزة لتسهيل توصيل المساعدات. يأتي ذلك، في ظل تعطيل الاحتلال الإسرائيلي وصول المساعدات إلى غزة، وانعدام الأمن الغذائي في القطاع المحاصر، الذي يتجه نحو مجاعة محققة.

الأمر قد يستغرق أسابيع قبل أن يصبح رصيف غزة المؤقت جاهزًا للعمل (EPA-EFE/MOHAMMED SABER)

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، في خطاب حالة الاتحاد، أن الجيش الأمريكي سيبني ميناءً قبالة ساحل غزة لتسهيل توصيل المساعدات.

يأتي ذلك، في ظل حصار وتعطيل الاحتلال الإسرائيلي وصول المساعدات إلى غزة، وانعدام الأمن الغذائي في القطاع المحاصر، الذي يتجه نحو مجاعة محققة.

وقال بايدن : "الليلة، أصدرت تعليماتي للجيش الأمريكي بقيادة مهمة طارئة لإنشاء رصيف مؤقت في البحر الأبيض المتوسط ​​على ساحل غزة يمكنه استقبال شحنات كبيرة تحمل الغذاء والماء والدواء والمأوى المؤقت".

وأشار إلى أنه لن يتواجد أي جندي على الأرض، فيما سيكون الهدف زيادة كمية المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة كل يوم.

التقديرات تشير إلى أن الميناء الأمريكي المؤقت، لن ينهي الحالة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة، مع التأكيد على ضرورة فتح المعابر البرية

وقال بايدن في خطابه إن الحرب تسببت في خسائر فادحة في صفوف المدنيين الأبرياء أكبر من كل الحروب السابقة في غزة مجتمعة. مضيفًا: "لقد قُتل أكثر من 30 ألف فلسطيني. معظمهم لا ينتمون إلى حماس".

وتابع بايدن: "الآلاف والآلاف من النساء والأطفال الأبرياء. كما تيتم الأطفال. وما يقرب من مليوني فلسطيني آخرين يتعرضون للقصف أو نازحين. دمرت المنازل، وأحياء تحت الأنقاض، ومدن مدمرة. عائلات بدون طعام وماء ودواء. إنه أمر مفجع". واستمر في القول: "لإسرائيل الحق في ملاحقة حماس، لكنها تتحمل أيضًا مسؤولية أساسية لحماية المدنيين الأبرياء في غزة".

وحول المساعدات قال: "يجب على إسرائيل أيضًا أن تقوم بدورها. يجب على إسرائيل أن تسمح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة. ولقيادة إسرائيل، أقول ما يلي: لا يمكن للمساعدات الإنسانية أن تكون اعتبارًا ثانويًا أو ورقة مساومة. إن حماية وإنقاذ أرواح الأبرياء يجب أن تكون أولوية".

أمّا عن الجانب السياسي فقال الرئيس الأمريكي إن الحل الوحيد للصراع هو حل الدولتين. وأضاف: "أقول هذا كمؤيد لإسرائيل مدى الحياة... لا يوجد طريق آخر يضمن أمن إسرائيل وديمقراطيتها". وشدد على أن حل الدولتين هو المسار الوحيد الذي يضمن السلام بين إسرائيل وجميع جيرانها العرب، بما في ذلك السعودية.

وقالت بريطانيا إنها ستعمل جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة لفتح ممر بحري لتوصيل المساعدات مباشرة إلى غزة، حسبما قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، يوم الجمعة.

وقال كاميرون: "إلى جانب الولايات المتحدة، أعلنت المملكة المتحدة وشركاؤها أننا سنفتح ممرًا بحريًا لتوصيل المساعدات مباشرة إلى غزة".

وأضاف: "نواصل حث إسرائيل على السماح لمزيد من الشاحنات بالدخول إلى غزة باعتبارها أسرع وسيلة لإيصال المساعدات إلى من يحتاجون إليها".

وفي ظل الحالة الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وبالأخص في شماله، تحدثت مستويات أمريكية عدة، عن رغبتهم في "إغراق" غزة بالمساعدات، من أجل تجاوز كارثة المجاعة، وعداد وفياتها، الذي يرتفع يوميًا.

وبينما كان جو بايدن يناقش الحرب في غزة، قام اثنان من الديمقراطيين التقدميين في مجلس النواب الجالسين بين الحضور بتنظيم احتجاج بسيط. وبقيت رشيدة طليب وكوري بوش جالستين ورفعتا لافتات كتب عليها: "وقف إطلاق النار الدائم الآن".

قال منسق المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة للأراضي الفلسطينية، بعد اجتماع مغلق لمجلس الأمن، إن توصيل الإمدادات الإنسانية إلى غزة عن طريق الإنزال الجوي أو البحري لا يمكن أن يكون بديلًا كافيا للتسليم البري. وقالت سيغريد كاغ إن "تنويع طرق الإمداد عبر الأرض يظل الحل الأمثل".

أمّا في سياق الميناء العائم، وصل مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي إلى قبرص لتفقد الاستعدادات لإرسال المساعدات التي تشتد الحاجة إليها إلى غزة عن طريق البحر، بعد ساعات فقط من إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الجيش الأمريكي سيقيم ميناء مؤقتًا قبالة ساحل غزة على البحر الأبيض المتوسط ​​لدعم عمليات تسليم المساعدات، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.

وقال مسؤولون أمريكيون، إن الأمر قد يستغرق أسابيع قبل أن يصبح رصيف غزة جاهزًا للعمل.

ووصلت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى قبرص في وقت متأخر من يوم الخميس لتفقد المنشآت في ميناء لارنكا، حيث من المتوقع أن تغادر سفن المساعدات إلى غزة.

ووفقًا لوكالة أسوشيتد برس، فإن سفينة تابعة لمنظمة Open Arms غير الحكومية الإسبانية راسية في لارنكا في انتظار الحصول على إذن لتوصيل المساعدات الغذائية من World Central Kitchen، وهي مؤسسة خيرية أمريكية أسسها الشيف الشهير خوسيه أندريس.

وقال خبير بالأمم المتحدة يوم الخميس، إن إسرائيل تدمر النظام الغذائي في غزة في إطار "حملة تجويع" أوسع نطاقًا في حربها على غزة، وانتقد لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لعدم بذل المزيد من الجهد.

وقال مايكل فخري، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، في كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إن "صور المجاعة في غزة لا تطاق وأنتم لا تفعلون شيئًا".

وأضاف أن "إسرائيل تشن حملة تجويع ضد الشعب الفلسطيني في غزة"، مشيرًا إلى أن ذلك يشمل استهداف صغار الصيادين.

وقال إن حوالي 80% من قطاع صيد الأسماك في غزة قد تم تدميره منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، مضيفًا أن القوات الإسرائيلية دمرت كل قارب في الميناء الرئيسي لمدينة غزة.

ودعا فخري الدول الأعضاء إلى النظر أيضًا في فرض العقوبات وقطع العلاقات الدبلوماسية وحظر الأسلحة على إسرائيل. وقال "هذا تحت رقابتكم. من فضلكم حولوا كلماتكم إلى أفعال".

getty

ماذا نعرف عن الميناء البحري العائم قبالة غزة؟

ووضع المسؤولون الأمريكيون الخطة، التي من شأنها أن تجعل الولايات المتحدة تشارك بشكل مباشر بشكل أكبر في تقديم المساعدات، قبل ساعات من الموعد المقرر لإلقاء الرئيس الأمريكي بايدن خطابه عن حالة الاتحاد مساء الخميس.

ووصف البيت الأبيض الميناء بأنه "مهمة طارئة" من شأنها أن تسمح بتسليم مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإضافية إلى غزة عبر الميناء المؤقت، الذي سيتم ربطه بجسر مؤقت.

وفي إحاطة للصحفيين، قال المسؤولون إن الأمر قد يستغرق أكثر من 30 إلى 60 يومًا للتنفيذ، وسيشمل مئات أو آلاف القوات الأمريكية على متن السفن قبالة الشاطئ مباشرةً، تماشيًا مع تفويض بايدن بعدم وجود جنود أمريكيين على الأرض داخل غزة. 

وقال المسؤولون إنه سيتم بناء الميناء بالتعاون مع دول أخرى في المنطقة.

وأوضح المسؤولون الأمريكيون أنهم "عملوا بشكل وثيق" مع الإسرائيليين أثناء تطوير مبادرة الميناء البحري، لكنهم لم يحددوا ما إذا كانت إسرائيل ستقدم مساعدة أو دعمًا مباشرًا لبنائه أو تشغيله.

ومن غير الواضح أين تعتزم إدارة بايدن بناء ميناء أو رصيف عائم جديد قبالة غزة. وستكون إحدى الوحدات العسكرية الرئيسية المشاركة في البناء هي لواء النقل السابع التابع للجيش الأمريكي.

وقال مسؤول الكبير في الاتحاد الأوروبي، إن إسرائيل ستقوم بفحص الشحنات في قبرص. مشيرًا إلى أن إسرائيل ستراقب الطرق البحرية التي تسلكها سفن الشحن بعد مغادرتها قبرص، بحسب ما ورد في "وول ستريت جورنال".

وقال مسؤولون أمريكيون، إنهم سيسعون إلى التنسيق مع إسرائيل بشأن تسليم المساعدات، وكذلك العمل مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية غير الربحية بشأن توزيع المساعدات داخل غزة. لكن المسؤولين قالوا إن الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لتعزيز المساعدات لغزة عن طريق البحر والجو ستمضي قدمًا حتى دون مشاركة إسرائيلية.

وقال أحد كبار المسؤولين: "أوعز الرئيس بأن ننظر في جميع الخيارات، وألا ننتظر الإسرائيليين، وأننا نتبع كل قناة ممكنة لتوصيل المساعدة إلى غزة". 

وقال مسؤولون أمريكيون، إنه يتعين نقل المساعدات برًا داخل غزة للوصول إلى المحتاجين بمجرد وصولها إلى الرصيف، مضيفين أنهم يعملون مع الأمم المتحدة والشركاء الآخرين لإيجاد طرق آمنة داخل غزة. 

وقال مسؤول أمريكي: "من المؤكد أن حل هذا الأمر سيكون معقدًا، لكنني أعتقد أنه كلما زادت السبل المتاحة لدينا للحصول على المساعدة، كلما تمكنا من نقلها بشكل موثوق داخل غزة".

وقال أربعة مسؤولين من الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط إن العديد من العناصر في الخطة لا تزال قيد المناقشة، إذ سوف تأتي الطرود الصغيرة قريبًا عن طريق البحر. ولكن بمجرد وضع خطة منسقة، سيستغرق الأمر من 45 إلى 60 يومًا قبل أن يكون هناك إيقاع منتظم لشحن حزم المساعدة الكبيرة عبر البحر الأبيض المتوسط، وفق "بوليتيكو".

وسوف تتدفق المساعدات في البداية عبر ميناء لارنكا في قبرص ، الذي يقع على بعد حوالي 230 ميلاً من غزة. وهو مجهز بالفعل بمعدات فحص عالية التقنية تسمح للمسؤولين الإسرائيليين المتمركزين في قبرص بالتحقق من محتويات الشحنات.

ووفق صحيفة "يديعوت أحرونوت": "زار وفد عسكري أمريكي شمال قطاع غزة وتفقد النقاط المناسبة لإقامته. وفي إسرائيل كانوا على علم بالأمر، لكنهم مع ذلك فوجئوا بالسرعة التي يخطط بها الولايات المتحدة لتنفيذ هذه الخطوة".

هل سينهي المجاعة؟

قال زياد عيسى، رئيس السياسة الإنسانية في منظمة أكشن إيد الخيرية: "عندما نتحدث عن الطريق البحري، سيستغرق إنشاءه أسابيع، ونحن نتحدث عن سكان يتضورون جوعًا الآن. لقد رأينا بالفعل أطفالاً يموتون من الجوع"، بحسب ما صرح لصحيفة "الغارديان".

وقالت "الغارديان": "قدم المسؤولون الأمريكيون الخطة بينما تتولى واشنطن القيادة ولا تنتظر الإسرائيليين، لكن سيظل للإسرائيليين رأي في مدى فعاليتها في توصيل المساعدات، خاصة في الشمال، حيث أصبح خطر المجاعة وشيكًا للغاية".

وسوف يتواجد المفتشون الإسرائيليون في ميناء لارنكا القبرصي، لفحص شحنات المساعدات المتجهة إلى جنوب غزة.

وقال عيسى: "يقول الناس إن هذا الوضع معقد، لكنه بسيط للغاية. إسرائيل لا تسمح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة".

وتتضمن الخطة قيام مهندسين عسكريين أمريكيين ببناء رصيف عائم قبالة شاطئ غزة، يمكن من خلاله تفريغ المساعدات الغذائية المنقولة على متن السفن من لارنكا، وإنشاء جسر لنقلها إلى الشاطئ. وتوضح الغارديان: "السؤال هو ثم ماذا؟ معظم سكان غزة، الذين تم تهجير معظمهم عدة مرات، لا يتركزون على الشاطئ".

سأل جيريمي كونينديك، مسؤول مساعدات كبير سابق في إدارة بايدن ، والآن رئيس مجموعة الدفاع عن المساعدات الدولية للاجئين: "من سيقوم بتوزيعها؟ إن وجود منظمات الإغاثة في شمال غزة يقترب من الصفر، لأن الإسرائيليين يريدون خروج الجميع ومن ثم يقيدون الوصول إلى الشمال منذ ذلك الحين".

وقال كونينديك إن ممر المساعدات البحرية المقترح "لا يتجنب مشكلة العرقلة من جانب إسرائيل، ولكن بدلًا من أن يكون مشكلة عند نقطة الدخول، فإنه سيصبح الآن مشكلة في مرحلة التوزيع".

وأضاف: "أنت بحاجة إلى سائقين غير موجودين، وشاحنات غير موجودة تغذي نظام توزيع غير موجود". متابعًا القول: "الأمر صعب للغاية وأعتقد أنه من المفيد تجربة ذلك. أعتقد أنهم سوف يكتشفون الكثير من الأمور أثناء تقدمهم، وأعتقد أن هذا أمر جيد. أنا أؤيد أي شيء يساعد في هذه المرحلة".

وقال كونينديك: "لكن دعونا أيضًا نكون واقعيين بشأن سبب ضرورة ذلك، وهو ضروري بسبب خمسة أشهر من عرقلة الوصول إلى الشمال من قبل الجيش الإسرائيلي وخمسة أشهر من التدهور المتعمد للقدرات الإنسانية في القطاع. وبصراحة، لقد تسامحت الولايات المتحدة مع ذلك لمدة خمسة أشهر".

وقال جيمي ماكجولدريك، كبير مسؤولي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة في القدس: "نحن ندعم جميع وسائل إيصال الإمدادات إلى غزة - عمليات الإنزال البحري والجوي - ولكن الأولوية هي القوافل البرية"، مضيفًا أن إنشاء البنية التحتية للممر البحري سيستغرق بعض الوقت.

وقال مايكل وحيد حنا، مدير البرامج الأمريكية في مجموعة الأزمات الدولية، إن المبادرة لن تلبي الاحتياجات العاجلة لسكان غزة الذين يواجهون خطر المجاعة المتزايد.

وأضاف حنا لـ"الفايننشال تايمز": "لا يمكن أن يكون هذا هو الخيار الوحيد، وإلا فإن المجاعة سوف تصيب أعدادًا أكبر من الناس. هناك حل أسهل بكثير، وهو أن تسمح إسرائيل بدخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود البرية القائمة".