02-أبريل-2024
من الأنبياء العرب؟ وكم عددهم؟

بعث الله أربعة أنبياء عرب (هود، صالح، شعيب، محمد عليهم السلام)

أرسل الله أنبياءه مبشرين ومنذرين وليقيم الحجة على عباده أن قد بعث فيهم من يوصل الرسالة من بين ظهرانيهم، وأيدهم بالدلائل والمعجزات، وكانت رسالتهم بسيطة، توحيد الله والإيمان برسالته والحث على كل خير والنهي عن كل منكر وشر، رسالات تُرجع للفطرة المنتكسة براءتها، وتطهر ما علا القلب والجوارح من شوائب. ولكن من سنن الله في كونه أن لا يؤمن الناس جميعًا، فقد كفل الله تعالى للبشر منذ آدم حرية الاختيار ( إنا هديناه السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا). وقد ورد في القرآن 25 نبيًا ورسولًا بعثوا إلى أقوام عديدة ومنهم من ارتحل يدعو إلى دين التوحيد في غير بقعة من أرض الله. ومنهم أنبياء عرب بعثوا لأقوام عربية. فكم نبيًا عربيًا بعث الله؟ ومن هم هؤلاء الأنبياء عليهم السلام؟

تزوج إسماعيل عليه السلام من قبيلة جرهم وبذلك يقال لنسله العرب المستعربة لأنه عليه السلام غير عربي الأصل

الأنبياء العرب وعددهم أربعة

الأنبياء العرب هم هود عليه السلام، صالح عليه السلام، شعيب عليه السلام، ومحمد عليه الصلاة والسلام، وعددهم 4 كما ورد في حديث شريف يرويه أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، يسأل النبي عن الأنبياء، ويفصل عليه السلام الإجابة ومن ضمنها يقول إن 4 من الأنبياء عرب، وبعثوا لأقوامهم من العرب، وهم كما ورد في الحديث: عن أبي ذر الغفاري "قال عليه السلام… وأربعةٌ من العربِ هودٌ وصالحٌ وشعيبٌ ونبيكَ يا أبا ذر" حديث ضعيف.

نبي الله هود

ورد في القرآن الكريم سورة كاملة باسم النبي هود عليه السلام، وفيها ذكر لراسالات أنبياء آخرين ومن ضمنهم قصة إرسال هود عليه السلام إلى قوم عاد. وهم من قبائل العرب البائدة التي سكنت منطقة الربع الخالي بين حضرموت وعُمان وتسمى المنطقة (بالأحقاف) وسورة الأحقاف على اسم المكان، وهم من العرب البائدة لأنهم استحقوا الإفناء بالعذاب ولم يبق لهم أي أثر إلا إخبار القرآن عنهم وما تناسل منهم من المؤمنين الذين نجوا، ولكنهم فيما يبدو لم يلبث نسلهم أن انقطع مع تقادم القرون.

ووردت قصة هود وقومه في عدة سور في سياق متعدد من قصص الأنبياء مع أقوامهم كما في السور (الأعراف والمؤمنون والأحقاف) تفصيلًا وفي سور أخرى ذكرت قصتهم إيجازًا منها (فصلت والقمر والحاقة). وكان عقاب الله على صدودهم ورفضهم التوحيد والعمل بمقتضى هدي الرسل أن أرسل إليهم ريحًا قوية أهلكتهم وأبادتهم. ونجّى الله نبيه ومن آمن معه برحمته.

نبي الله صالح

وردت قصة نبي الله صالح في عدة مواضع في القرآن الكريم بين تفصيل وإيجاز أو إشارة سريعة كما في السور (الأعراف، هود، النمل، التوبة، والفرقان والذاريات والحجر والبروج). وسورة الحجر على اسم المكان الذي استوطنت فيه قبيلة صالح ويقع الآن بين شرق الأردن وشمال السعودية) والحاصل أن نبي الله صالحًا أُرسل إلى قوم ثمود، وهم أيضًا من العرب البائدة، وكانوا مشهورين بالقوة والجبروت والقدرة على بناء والعمران وتشييد المساكن. هذا الجبروت أعمى بصائرهم عن الهدي الرباني، ورفضوا الإيمان، فأيد الله نبيه بالناقة التي شاع أنها مقدودة من الصخر التي بُعثت حية يُنتفع من لبنها، وهذا مما لا دليل عليه، ويُكتفى بإخبار القرآن بأنها معجزة، وأنها آية الله حتى لو لم يُفصل القرآن وجه الإعجاز. وقد كان الشرط لهذه المعجزة أن لا يقربها القوم ولا يؤذوها وأن يُفرد لها يوم للشرب وللقوم يوم يتناوبون على الماء، لكنهم عقروا الناقة فاستحقوا العقاب الذي حاق بهم. وقد تعددت الألفاظ الدالة على عقابهم (العذاب، الصيحة، الرجفة، الصاعقة، الطاغية) وكلها تصب في معنى واحد هو أن العذاب الشديد المهلك جزاء الكافرين، ونجى الله النبي صالح ومن آمن معه بعد أن أُمهل الكافرون 3 أيام قبل أن يحل العذاب عليهم حتى أصبحت مساكنهم خاوية كما ورد في سورة النمل (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً). 

نبي الله شعيب

أرسل الله نبيه شعيبا إلى قوم مدين الذين كانوا يعبدون شجر الأيكة، ونسبوا إليها في القرآن في عدة مواضع (أصحاب الأيكة) وهم من العرب الذين سكنوا في منطقة مدين التابعة لتبوك اليوم شمال غرب السعودية. وقد وردت قصتهم في سور عديدة منها (الأعراف، هود، الشعراء والعنكبوت). وكانوا مشهورين بالتجارة والزراعة، وشهرتهم كذلك بأنهم يطففون بالميزان ولا يوفون الكيل إذا كالوا. وقد نهوا عن الشرك وأمروا بالعدل فلم يستجيبوا. وبكفرهم بالنبي واستكبارهم عن التوحيد ورفضهم الوزن بالقسط سلط عليهم العذاب. إذ حُبس عنهم الظل وعانوا من الحر الشديد، ثم بعث الله الغيم بالعذاب. حتى أُبيدوا، وعبر القرآن عن عذابهم بـ(عذاب يوم الظلة) وكما هي سنة الله في خلقه نُجي النبي ومن آمن معه، وأُهلك الكافرون.

محمد رسول الله

أُرسل محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي، إلى قوم قريش في قلب مكة، مهوى الأفئدة ومحج الناس، قوم الفصاحة والبيان والبلاغة، فجاءت معجزته بما يتناسب معهم فتنزل القرآن الكريم  الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه حجة للنبي على قومه.

وأهل قريش ومنهم النبي من العرب المستعربة، ويتصل نسب النبي بالعرب العدنانية من نسل سيدنا إسماعيل عليه السلام. بُعث لما بلغ أشده وأتم 40 عامًا، كان قومه يلقبونه بالصادق الأمين قبلها حتى بُعث فكذبوه! وقد أوحي إلى النبي وهو في غار حراء، وتنزلت عليه آيات من سورة العلق (اقرأ باسم ربك الذي خلق). وبدأت بعدها رحلته في الدعوة السرية التي آمن له فيها أبو بكر وأم المؤمنين خديجة وعلي وغيرهم. حتى جاء الأمر بالجهر بالدعوة ونشر الرسالة، فعاداه قومه وأقرب الناس إليه، ونُكل بالصحابة أشد تنكيل، حتى انقضت 10 سنوات هي المرحلة المكية ثبت فيها على دينه من ثبت، وأُمر النبي وصحابته بالهجرة إلى يثرب، وسماها المدينة وكان ومعه أبو بكر آخر من هاجر، وأول ما أمر به كان بناء مسجد ثم أرسى قواعد المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.

وقد أظهر الله الدين ونصر نبيه في غزواته على الكافرين، حتى فُتحت مكة بنصر الله، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، وعلا أمر الإسلام وذاع صيت الدين الجديد في أرجاء الجزيرة، فبعث النبي برسائل إلى ملوك القبائل والمدن القريبة يدعوهم إلى الإسلام، ومنهم من آمن ومنهم من كفر، وكانت آخر الغزوات هي تبوك ضد الروم، وعُدت انتصارًا للمسلمين. وظل يدعو حتى تمكن هذا الدين ورست قواعده، إلى أن انتقل إلى رفيقه الأعلى عليه أزكى الصلاة والسلام بعد حجة الوداع وقد أكمل الله للناس دينهم وأتم نعمته عليهم ورضي لهم الإسلام دينا.

العرب البائدة والعاربة والمستعربة

ينقسم العرب إلى 3 أقسام: العرب البائدة والعاربة والمستعربة، وفيما يلي تفصيل القول فيها:

  • العرب البائدة: وهم قبائل العرب الذين استوطنوا الحجاز قديمًا مثل قوم عاد وثمود، وقد سموا بالعرب البائدة لاندثارهم وعدم بقاء نسلهم
  • العرب العاربة: هم من عرب القحطانية اليمانية المشهورين بالحضارة والتمدن، منسوبون إلى قحطان بن هود عليه السلام
  • العرب المستعربة: وهم العدنانيون، نسبة إلى عدنان من نسل سيدنا إسماعيل. فقد تزوج إسماعيل عليه السلام من قبيلة جرهم وتعلم العربية، وبذلك يقال لنسله العرب المستعربة لأنه عليه السلام غير عربي الأصل، وهم أول من تكلم اللغة العربية.

تضمن المقال ذكر الأنبياء العرب وعددهم أربعة، مستندين إلى حديث أبي ذر، رغم أن تخريج الحديث كما اضح في موقع الدرر السنية (ضعيف). والحقيقة أن (الدين عند الله الإسلام) كما ورد في القرآن الكريم، وهو مفهوم واسع لا يُحصر دلالة لفظ الإسلام برسالة محمد عليه السلام، وإنما ذكر هذا التعبير في سياق الحديث عن كل الرسل والأنبياء في القرآن، فدين الله واحد للناس جميعًا في مختلف العصور ولمختلف الأقوام.