شهدت المنطقة حراكًا دبلوماسيًا إيرانيًا واسعًا، على مدار أيام الماضية، زار وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان لبنان، معلنًا عن الاقتراب من تبادل السفارات مع السعودية، كما كشف عن زيارة الرئيس الإيراني للنظام السوري. فيما شهد اليوم زيارة الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد لطهران، بناءً على دعوة موجهةً من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
وصل الرئيس العراقي إلى طهران، اليوم السبت، بناء عل دعوة من الرئيس الإيراني
وخلال مؤتمر صحفي عقد اليوم السبت، في أعقاب اجتماع رئيسي ورشيد، وصف الرئيسي الاجتماع بالإيجابي، مشيرًا للتوافق على "مواضيع كثيرة". وأكد رئيسي أن العلاقات بين البلدين "استراتيجية"، موضحًا أنها تطورت بشكل جيد في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية.
وقال رئيسي إن بلاده تولي "أهمية كبيرة لأمن البلدين، وزعزعة أمن العراق تعني زعزعة أمن إيران بالنسبة لنا"، لافتًا النظر إلى أن الحوارات بين دول المنطقة تؤدي إلى تحسين الأمن والاستقرار.
وخلال الحديث الصحفي، تطرق رئيسي للوجود الأمريكي في العراق، قائلًا: إن "الوجود الأميركي في المنطقة يضر بأمنها واستقرارها، والأميركيون لا يريدون مصلحة شعوب المنطقة، ولا سيما الشعب العراقي". مؤكدًا تطبيق المذكرة الأمنية بين البلدين. وأشار رئيسي خلال كلمته إلى نقاط ذكرها الرئيس العراقي رشد، حول مكافحة المخدرات والتعاون في مجال المياه، قائلًا إن إيران في الخط الأمامي لمكافحة المخدرات، داعيًا الأمم المتحدة ودول المنطقة إلى التعاون المشترك في مكافحة الإرهاب.
وحول المياه، أوضح رئيسي أن إيران تؤكد ضرورة احترام حصة إيران من المياه وحصة دول المنطقة، مضيفاً: "نؤكد ضرورة استفادة إيران من أروند رود (شط العرب)، ونؤكد أن حصة العراق أيضا محفوظة، وعلى البلدين احترام حصص بعضهما البعض حسب الاتفاقيات".
بدوره، قال الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد إن العلاقات العراقية الإيرانية "متماسكة وتزداد قوة، وعلينا جميعا تطويرها بالتنسيق المستمر على جميع الأصعدة". كما هنأ رشيد إيران والسعودية على تحسين العلاقات بين الطرفين.
وتحدث رشيد عن نقطة المياة، داعيًا إيران إلى "مراعاة حصة العراق من المياه"، كما أكد رشيد ضرورة تعاون إيران في مجال مكافحة المخدرات.
وفي السياق نفسه، تحدث عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب عامر الفايز، لـ"الترا عراق" عن أبرز ملفات زيارة الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد إلى إيران.
وقال الفايز لـ"الترا عراق"، إنّ "زيارة الرئيس والوفد المرافق له تحمل في طياتها ملفات مهمة، تخص أزمة المياه والطاقة والغاز المستورد وملف التعاون بمجال الأمن بين العراق وإيران، فضلًا عن مشاريع النقل والربط السككي والمنافذ البرية ودخول وخروج السياح والزائرين من البلدين وما يخصه من منح التأشيرات وتسهيلاتها".
وأضاف الفايز أن "الحوارات المشتركة السابقة بجميع الملفات بين البلدين كانت عبر لجان عالية المستوى وبعضها توصلت لعدة نتائج".
وزعم الفايز أنّ "للجانب الإيراني استحقاقات مالية على العراق بملف الغاز والطاقة الكهربائية"، بالرغم من أنه في حزيران/يونيو 2022، أكدت وزارة الكهرباء العراقية، تسديد جميع الديون التي بذمتها لصالح إيران.
وأشار الفايز إلى أن للعراق متطلبات وصفها الفايز بـ"الضرورية"، بما يخص "ملف المياه وضرورة تقاسم الضرر في الأزمة التي تعصف بدول المصب كالأراضي العراقية ودول المنبع كالأراضي الإيرانية". مضيفًا: أنّ "البلدين بينهما علاقة تجارية كبيرة ومستويات الميزان التجاري بينهما سنويًا بمليارات الدولارات، ولذلك يجب التوصل لاتفاقات مفيدة ومرضية للطرفين من أجل ديمومة الفائدة للشعبين على جميع الأصعدة"، معربًا عن "أمله بخروج الزيارة بنتائج جيدة ومختلفة بجميع الملفات".
عبد اللهيان في لبنان
وزار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لبنان، في زيارة استمرت لعدة أيام، واختتمت يوم أمس الجمعة، وقابل خلالها رئيس البرلمان اللبناني والحكومة اللبنانية ونظيره وزير الخارجية وعدة نواب في البرلمان اللبناني، بالإضافة للأمين العام لحزب الله.
وفي مستهل زيارته، تحدث عبد اللهيان عن استعداد إيران لمساعدة لبنان في حل أزماته، وخاصةً تلك المرتبطة بالطاقة، بالإضافة إلى دعم أي اتفاق سياسي لإنهاء الفراغ الرئاسي.
وقال عبد اللهيان: "نحن في إيران دعمنا وندعم دوماً انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، وندعم التوافق والانسجام بين اللبنانيين، وإيران ستستفيد من القدرات السياسيّة المُتاحة لديها في استكمال العمليّة السياسيّة من خلال التّوصيات التي تعطيها بشكلٍ أخويّ إلى أصدقائها وحلفائها في لبنان".
وحول ترشيح حزب الله لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة لبنان، أشار عبد اللهيان إلى أن "إيران لم ولن تتدخّل بتاتًا في انتخاب اللبنانيين رئيسهم، فهم لديهم الكفاءة والقدرة على استكمال هذه العمليّة، الرئاسة شأن لبناني داخلي".
وحول اللقاءات الرسميّة التي أجراها في لبنان، قال عبد اللهيان إنها جاءت "حول آفاق العلاقات الثنائيّة بين البلدين الشقيقين، واستشارات في المواضيع الإقليميّة والدوليّة".
وفي سياق متصل، كشف عبد اللهيان عن زيارة قريبة للرئيس الإيراني للنظام السوري، دون تقديم تفاصيل حول الزيارة التي ستكون الأولى منذ عام 2011 وبداية الثورة السورية التي قمعها نظام الأسد بدعم من إيران.
وفي السياق نفسه، قال مصدر إقليمي كبير مقرب من حكومة النظام السوري لرويترز إن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي سيزور دمشق الأسبوع المقبل. وأضاف أن دفء العلاقات بين السعودية وإيران والتطبيع بين النظام وبعض الدول العربية، مهد الطريق للزيارة.
من جانبها، كشفت صحيفة الوطن المقربة من النظام، أن زيارة رئيسي ستتم يوم الأربعاء المقبل وستستمر يومين وستتوج بسلسلة من الاتفاقات، لا سيما في مجال التعاون الاقتصادي.
وأكد مساعد الشؤون السياسية لمكتب الرئاسة الإيرانية محمد جمشيدي، اليوم السبت، في تغريدة عبر موقع تويتر، أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي سيزور سوريا قريبًا، من دون الإعلان عن موعد الزيارة.
وبالعودة إلى زيارة عبد اللهيان، شدد وزير الخارجية الإيراني على أن "التطوّرات الإيجابيّة الأخيرة بعد الاتفاق الإيراني - السعودي تفتح مناخاتٍ إيجابيّة على مستوى المنطقة، ولا شكّ في أنّ لبنان يحتلّ مكانةً مرموقة في هذه المنطقة، وهو موجود في الخطّ الأمامي للمواجهة والمقاومة، وهو يحظى دائماً باهتمامنا".
تحدث عبد اللهيان عن استعداد إيران لمساعدة لبنان في حل أزماته، وخاصةً تلك المرتبطة بالطاقة
وفي السياق الإقليمي، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير اللهيان إن السعودية وإيران ستعيدان فتح السفارتين في عاصمتي البلدين "في غضون أيام" من دون تحديد موعد رسمي لإعادة فتح السفارات. وتحدث عبد اللهيان خلال المكالمة الهاتفية الأخيرة التي جمعته مع وزير الخارجية السعودي في عيد الفطر عن الاتفاق على العمل في الأيام المقبلة على إعادة فتح السفارتين الايرانية والسعودية في طهران والرياض.