16-سبتمبر-2019

الكاتب العراقي وليد غالب

ألترا صوت – فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


وليد غالب كاتب من العراق. من مواليد 1977. عمل مصممًا في عدة صحف. مهتم بقضايا النقد الأدبي.


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

ليست عندي ذاكرة أستطيع بها تحديد سبب دخولي عالم القراءة، لكن بالعودة للطفولة في الثمانينات، أتذكر أن أبي كان يجلب لإخوتي قصص أطفال، السندباد طبعة الكويت، بعدها وكالعادة - كما مرّ أغلبنا - أتت مرحلة قراءة كتب الدين بأنواعها.

لكن القدر مدّ يده لي وعملت في العام 1994 في مكتبة عامّة لمدة سنتين. ويبدو أنني قرأت فيها الكثير لكن بصورة عشوائية وبلا أي هدف غير تمرير الوقت كما يقول جوجو في مسرحية بيكيت "في انتظار غودو".

هناك شيء آخر تذكرته الآن، كان لأبي صديق لديه مكتبة كبيرة، كنت أختلس منها روايات نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس، والمنفلوطي، رواية بيت الأشباح، إصدارات الهلال، رواية الثعلب، الإنسان وقواه الخفية. ضياع في سوهو، رحلة نحو البداية.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

ربما كانت ألف ليلة وليلة، أول كتاب أقرؤه كاملًا، بروح شهريار المندهشة. مندهشة! لكن لماذا كان شهريار يملك هذا الاندهاش برغم أنّ القصص تؤكد هواجسه عن "خيانة النساء". لنتخيل الآتي: مريض نفسي عنده عقدة من خيانة الجنس الآخر، فيذهب لطبيب الذي سيؤكد له هذه الهواجس، لكنّه مع ذلك يُشفى ويعيش عيشة سعيدة بعد أن كان مهووسًا بتعرضه للخيانة! أظن أنه أمر مضحك بحاجة لدراسة.

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

الآن. سرڤانتس، هذا الرجل ساخر عجيب. مثلًا وبشكل لا يبدو ظاهرًا للقارئ الصوري، من الممكن أن أفهم السعادة بشكل مختلف من خلال شخصية دون كيخوته، هذه الشخصية لا تتعلق بشيء أبدًا، حتى دلثينا حبيبته هي من صنع خياله. إنه يعزل نفسه، لا بطريقة هايدغر في الغابة، ولا بطريقة غريب كامو. إن دون كيخوته كائن مُستغن عن الآخر، لكنه في الوقت نفسه ملتصق بالمجتمع، ناكر لذاته، مُضحي بنفسه. اللاتعلّق وصفة للسعادة يقدمها سرڤانتس بشكل ساخر ومحبب.

على كل حال، لا أعتقد أن الكاتب المُفضّل سيبقى دائمًا مُفضّلًا، بالذات حينما يتعلق الأمر بالتفكير، لأن الانبهار بالكاتب سيتغير كلّما تغير الوعي.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

ملاحظات نعم. ملخصات لا.

أحيانًا تكون الملاحظات كثيرة جدًا، وتتفرع بشكل غريب، وقد اُسجل حتى ألوان ملابس الشخصيات في الرواية وأبحث عن علاقة بينها. لأني أعتقد أن الرواية خطّة محكمة، وهي أبعد ما تكون عن خطّة الحياة العشوائية. في الرواية مثلًا، لا يوجد حلم لا يقصد هدفًا معينًا. بينما في الحياة من الممكن أن نحلم بلا أي هدف.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

لا أعرف إذا كانت كلمة "تغيرت" مناسبة، لأني بصراحة أحب القراءة الإلكترونية أكثر من الورقية، لا يهمني ملمس الورق أو رائحته. بعض القرّاء أتمنى أن يقلعوا عن عادة لعق أصابعهم لتصفح الكتب. القراءة الإلكترونية تخلّصنا من هذه الحالة.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟

حتى الآن لا أمتلك مكتبة شخصية، أعتمد على الكتاب الإلكتروني والذاكرة. المكتبة كائن حي يحتاج لإدامة ورعاية، وهذا ما لا أقدر عليه.

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

رواية التحوّل لكافكا. ومنبهر جدًا بذكائه. لماذا مثلًا يقرر كافكا تحويل جريجور سامسا إلى حشرة ضخمة. لماذا ضخمة أو كبيرة؟

بتدقيق جيّد من الممكن أن نعرف أن عائلة الابن سامسا لن تشعر بهذا التحوّل فيما لو جعله كافكا حشرة بحجم عادي، وسيفترضون غيابه أو حتى اختفاءه، فلن تستطيع حشرة صغيرة اقناعهم أنها هي نفسها ابنهم جريجور سامسا.

كان من الضروري لكافكا تحويل البطل لحشرة ضخمة لإثبات وجوده، ولإجبار العائلة والقارئ على التعامل معه كحشرة ضخمة لها وجود بيننا. ولا نستطيع مهما حاولنا صرف انتباهنا عنها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة أحمد عبد الحسين

مكتبة فجر يعقوب