09-سبتمبر-2019

الشاعر أحمد عبد الحسين

ألترا صوت – فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


أحمد عبد الحسين شاعر وصحافي من العراق. من أعماله الشعرية "عقائد موجعة" و"جنة عدم" و"دليل على بهتان العالم". يرأس تحرير مجلة "براءات" الفصلية المتخصصة بالشعر.


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

أبي ثمّ عمّي ومن قبلهما جدّي الذي كان رجل دين. ومن أبعد ما تلتقطه ذاكرتي شجارٌ بين أبي وعمّي لا أتذكر أسبابه ولا تفاصيله، لكنه انتهى برؤيتي عمّي غاضبًا عازمًا على مغادرة بيتنا إلى حيث يسكنُ وعائلته في محافظة واسط، وقف في صحن الدار وأقسم أنه لن يعود إلى بغداد أبدًا، لكنه حين وصل إلى باب البيت التفت صارخًا: أريد كتب الشيخ وادي كلّها. الشيخ وادي هو جدّي الذي لم أره. أعطاه أبي الكتب ولم أر عمّي ثانية إلا بعد عدّة سنوات منتحبًا في مأتم أبي.

انطبع في ذهني الطفل أن عمّي أخذ كنزًا منا لحظة غضب، كانت الكتب أنفس مقتنيات أبي، أتذكره الآن حزينًا لا على هجران أخيه له بل على ضياع كتبه.

من يومها تعلقت بالكتاب، صار فيه مسّ من قداسة ما، أمر ما يجعل المرء متعلقًا بالكتاب أكثر من تعلّقه بأخيه.

بعدها، صار لأخوتي الكبار مكتبة، وإذا كانت مكتبة أبي دينية خالصة، ستنضمّ إلى المكتبة الآن كتب ماركسية سنحرص لاحقًا على إخفائها كلما اضطرب الوضع السياسيّ في بغداد.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

"هكذا تكلّم زرادشت لنيتشه" زلزل كياني، أتى في أوّل مرحلة البلوغ، عند أوّل استمناء، كان وداعًا حزينًا للطفولة بصوت أجشّ، قضى نيتشه على براءتي. بعدها قرأت كتابًا صغيرًا عنوانه "مغامرات حنا المعافى" لإكرام أنطاكي أثّر بي كثيرًا وقتها لأني لم أفهمه، كان بوابة دخولي إلى هذا الغامض الجميل الذي سأكتشف أن اسمه الشعر. كتبت لاحقًا نصًّا طويلًا في تمجيد هذا الكتاب أسميته "كتاب حنّا".

لن أنسى القرآن طبعًا، أدمنتُ قراءته، الإيقاع التقليديّ لروحي إيقاع قرآنيّ، جعلني "طفلًا لاعبًا باللاهوت".

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

هايدغر. قبل قراءتي هايدغر كنت جهولًا وبعده عرفت أنْ لا شيء يفلتُ من سلطة العقل، حتى أشدّ القضايا تهويمًا، حتى ما لا يُقال، يمكن تعقّله وتفحصه بإمعان، ثم هو دلّني على أن جوهر كلّ ما يحاوله الإنسان له نحو ارتباط بالشعر. أعدّ قراءتي كتابه "مدخل إلى الميتافيزيقيا" من أجدى أفعالي في حياتي.

المتصوّفة وأرباب السلوك العرفاني، ابن عربيّ على وجه الخصوص، أظنّ أني أعدت قراءة "فصوص الحكم" أكثر من عشر مرات، وبمختلف الشروح، شروح القاشاني والتلمساني ويعقوب خان أفندي والخميني.

سأذكر لوكليزيو أيضًا في كتابه "الوجد الماديّ ـ نص من الشعر والفكر" لأنه منحني أوّل دليل على أن هذا الخليط "شعر ـ فكر" ممكن. كنت أعرف لكنْ كان ينقصني دليل!

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

دائمًا. كلّ كتاب قرأته سجلتُ مقتطفات منه وملاحظات عليه. أذكر أني جمعت تأملاتي وأنا أقرأ "المواقف والمخاطبات" للنفريّ وهي تصلح أن تكون كتيبًا في شرح كثير من فقراته. لي دفاتر كثيرة تختلط الآن مع الكتب في مكتبتي، حين أعود لتصفحها أجد تعليقات لي حول كثير من الكتب التي قرأتها.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

ليس كثيرًا. لا أقرأ كتبًا إلكترونية إلا نادرًا. لم تدركني هذه النعمة بعدُ. ما زلت حليف الورق.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟

لديّ عقدة مع المكتبة. أيامَ هجرتي الطويلة كنت أؤسس مكتبة وأحرص على تبويبها ثم يطرأ أمر يدعوني للسفر فأتركها. في السنوات التي عشتها في دمشق، كثرة انتقالي من بيت لبيت أعادتْ عليَّ صورة المكتبة باعتبارها كنزًا صعب المنال. لم أستطع تكوين مكتبة بسبب عدم استطاعتي تكوين بيت!

الآن، لديّ مكتبة، ليست كبيرة جدًا "أقلّ من ألف كتاب" لكنها مكتبة في بيت ولن يسلبها مني أخ أكبر!

 

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

"الذاكرة، التأريخ، النسيان" لبول ريكور.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة فجر يعقوب

مكتبة غطفان غنوم