04-أغسطس-2019

شهد جنوب اليمن أيامًا دموية (Getty)

تصعيد من نوع آخر تواجهه المحافظات اليمنية الجنوبية، في من جهة تنظيم القاعدة، وتحول الحوثيين من الدفاع إلى الهجوم، فخلال أقل من ثمان وأربعين ساعة، قتل أكثر من ستين شخصًا، وأصيب آخرون.

جاءت عملية استهداف  الحوثيين لمعسكر الجلاء بعدن  متزامنة مع إطلاق صاروخ باليستي نحو مدينة الدمام السعودية، التي تبعد عن العاصمة صنعاء 1700 كم، وهو ما اعتبر تحولًا في منطق الجماعة من الدفاع إلى الهجوم

شهدت مدينة عدن جنوبي اليمن، العاصمة المؤقتة بدءًا من الخميس الذي يعد من الأيام الأكثر دموية في تاريخ المدينة،  حادثين منفصلين أحدهما استهدف قسم شرطة الشيخ عثمان بسيارة مفخخة، بينما الآخر استهدف حفل تخرج وحدات عسكرية من قوات الحزام الأمني وألوية الصاعقة، بمُعسكر الجلاء بالبريقة. واستهدفت سيارة مفخخة بوابة قسم الشرطة، وأسفرت عن مقتل 13 من منتسبي الشرطة، إلى جانب عشرات المصابين، بينهم مدير القسم العقيد محمد مطيع. 

اقرأ/ي أيضًا: ممارسة الحياة "العادية".. عن أحلام اليمنيين في سنوات الحرب

على الجانب الآخر، استهدف الحوثيون مُعسكر الجلاء، وهو معسكر اللواء الأول دعم وإسناد، أكبر معسكرات قوات الحزام الأمني الموالي للإمارات، خلال حفل تخرج وحدات عسكرية تابعة للواء، بحضور قيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي، أسفر عن مقتل نحو 36 فردًا، بينهم قائد اللواء الأول دعم وإسناد العميد منير اليافعي المعروف بـ"أبو اليمامة".

وفي محافظة أبين، شهدت مديرية المحفد هجومًا لعناصر من تنظيم القاعدة على معسكر لقوات الحزام الأمني، أودى بحياة 19 جنديًا من قوات الحزام وإصابة آخرين. وعقب مواجهات عنيفة تمكنت قوات الحزام الأمني بدعم من قوات النخبة الشبوانية، وطيران التحالف العربي، من السيطرة على معسكرات الحزام الأمني في المديرية وطرد عناصر التنظيم منها.

ماهي الرسائل السياسية لأحداث عدن؟

عدة رسائل حملتها الأحداث التي شهدتها مدينة عدن، ولاقت إدانات محلية ودولية واسعة، حيث أدانها الرئيس هادي ونائبه علي محسن وحزب الإصلاح جناح الإخوان المسلمين في اليمن، ومبعوث الأمم المتحدة وأيضًا الاتحاد الأرووبي وعدد من الدول العربية.

ونشر تنظيم ما يسمى  بالدولة الإسلامية صورة الانتحاري الذي فجر نفسه بقسم شرطة الشيخ عثمان بمدينة عدن جنوبي اليمن. وقال التنظيم إن الانتحاري يدعى عقيل المهاجر. وأدى الهجوم الذي قام به إلى مقتل  13 شرطيًا وجرح آخرين.  

الحوثيون من جهتهم، أكدوا وقوفهم وراء استهداف معسكر الجلاء الذي قالت الجماعة إنه "عملية استخباراتية" بصاروخ جديد، معتبرة ذلك هدفًا مشروعًا لقواتهم الصاروخية، وأيضًا اعتبرت الجماعة كافة قيادات المجلس الانتقالي الموالي للإمارات أهدافًا مشروعة لها.

أودت الهجمة التي استهدفت الحفل، بحياة منير اليافعي، المدعو "أبو اليمامة"، الذي يعد من أبرز القيادات العسكرية الموالية للإمارات، والمشهور أيضًا بوقوفه وراء حملات المداهمة والاعتقالات وكذلك إدارة أحد السجون السرية، بالإضافة إلى مشاركته في المواجهات مع القوات الموالية للرئيس هادي مطلع العام الماضي بمدينة عدن، ما اعتبرها مراقبون ضربة مؤثرة للإمارات.

 من جهة ثانية يتهم ناشطون الإمارات بالوقوف وراء أحداث عدن، بعد أن بدأت بالتقارب مع إيران وإعلان سحب بعض قواتها من اليمن. حيث قال القيادي في حزب المؤتمر ياسر اليماني، إن الإمارات بدأت في تصفية أدواتها ومرتزقتها، في جنوب اليمن، مشيرًا إلى أن الإمارات ستعمل على تصفية بقية قادة المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي نفسها.

وجاءت عملية استهداف  الحوثيين لمعسكر الجلاء بعدن  متزامنة مع إطلاق صاروخ باليستي نحو مدينة الدمام السعودية، التي تبعد عن العاصمة صنعاء 1700 كم، وهو ما اعتبر تحولًا في منطق الجماعة من الدفاع إلى الهجوم، بالإضافة إلى أنها رسالة للحكومة الشرعية وكذلك تحالف الرياض وأبوظبي أن الجماعة قادرة على استهداف أي موقع للقوات الحكومية، وأي منطقة داخل اليمن، وأن معسكراتهم باتت في مرمى القوات الصاروخية والطائرات المسيرة التابعة للجماعة.

من الجانب الآخر اعتبر مراقبون الهجوم رسالة تهديد إيرانية  للإمارات وتحذير أيضًا، من أجل أن تسحب ما تبقى من قواتها من اليمن، وعدم التدخل في الصراع الأمريكي الإيراني، وخصوصًا بعد تداول أخبار عن تنسيق أمني إيراني إماراتي واجتماع شهدته العاصمة طهران بين الطرفين.

وتعد الأحداث أيضًا حسب متابعين رسالة أخرى للمجلس الانتقالي الذي يطالب بإقامة دولة جنوبية والانفصال عن اليمن، بأن طموحه يتعارض مع مصالح الجماعة المدعومة من إيران.

ترحيل الشماليين من عدن

في حين أن الأحداث الدامية والمفاجئة بمدينتي عدن وأبين، تقف وراءها جماعة الحوثيين وتنظيمات أخرى، فإن الحزام الأمني بدأ بإخراج المئات من اليمنيين من أبناء المحافظات الشمالية إلى خارج المدينة، واعتقال العشرات منهم، بحسب مصادر محلية وإعلامية يمنية، في عملية وصفت بالعنصرية، واستغلال الأحداث التي شهدتها المدينة، ولاقت استنكارًا وإدانات واسعة  في أوساط الكتاب والناشطين والإعلاميين اليمنيين.

في هذا السياق، يقول الإعلامي اليمني سمير النمري إن  قوات الحزام الأمني في مدينة عدن تقوم بترحيل مئات المواطنين المنتمين للمحافظات الشمالية من المدينة ومنع دخول آخرين من دخولها لليوم الثاني على التوالي، وأشار في مدونة على "تويتر" إلى قيام قوات الحزام بتكسير عدد من السيارات والاعتداء على ملاكها.

ودوّن صحافيون وناشطون يمنيون اعتداءات القوات الموالية للإمارات على البساطين الشماليين في شوراع عدن، وحشرهم بطريقة مهينة.

يتهم ناشطون الإمارات بالوقوف وراء أحداث عدن، بعد أن بدأت بالتقارب مع إيران وإعلان سحب بعض قواتها من اليمن. حيث قال القيادي في حزب المؤتمر ياسر اليماني، إن الإمارات بدأت في تصفية أدواتها ومرتزقتها

من جانبه، بين الصحفي اليمني عبدالباسط الشاجع، أن "بن بريك والكائنات العنصرية" تذهب باتجاه الباعة والبسطاء الشماليين في عدن، وتقوم بحشرهم في ناقلات وتهجيرهم بالجملة، مضيفًا أن "حملة انتقام جنونية وغير أخلاقية، يدفع ثمنها البسطاء الذين لا ناقة لهم ولا جمل". كما أكد المحلل السياسي اليمني علي البخيتي، أن قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي لا يتجرؤون على إدانة الحوثي بوضوح حتى ببيان مع أنه اعترف باستهداف الجنود في عدن. مستدركًا: "لكن المجلس يحرك أطقمه ومليشياته لإحراق بسطات عمال ضعفاء يكدون لإعالة أسرهم وأطفالهم".