26-مارس-2024
ما أصعب الوظائف في العالم؟

أصعب الوظائف في العالم

في مقطع للكوميدي والممثل الأمريكي بول برر، عنوانه (أصعب وظيفة في العالم ليست الأمومة) يستعرض بطريقة الكوميديين المعروفة التناقضات بين ما تشتكي منه الأمهات دومًا من ضغط التعامل مع الأطفال ومهام الأمومة والتدبير المنزلي وبعض الوظائف الخطيرة جدًا التي يضطلع بها الرجال. وبعيدًا أو قريبًا من هذه الفكاهات التي يلقيها بول برر، فإنه يستعرض خلال نكاته قائمة من أخطر الوظائف وأصعبها. ونحن وإن كنا لن نعتمد ما أورده مرجعًا بطبيعة الحال، ولكن كان الأمر يستحق الانتباه إليه.

يمكن تصنيف أصعب الوظائف في العالم حسب عدة عوامل، منها درجة التوتر التي يرزح تحتها العامل فيها، وهنا تحتل المحاماة وتخصصات الجراحة أصعب الوظائف. ويمكن اعتبار الصعوبة من ناحية الحاجة إلى قوة بدنية وجسدية ومتطلبات تدريبية، وهنا نجد الوظائف العسكرية أو الأمنية عمومًا في أعلى القائمة. ويمكن اعتبار كثرة التعرض للإصابات الخطيرة معيارًا لأصعب الوظائف فما بالكم إن كانت وظائف مميتة! وفي محاولة لمقاربة العوامل كلها (الخطر ونسبة التوتر والحاجة إلى متطلبات بدنية وذهنية) نعرض قائمة بأصعب الوظائف في العالم وأخطرها، بالاستعانة بتحليل الوظائف في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة. وغيرها من التقارير. وفي المقال نقدم الخلاصة.

 

أصعب 9 وظائف في العالم

رغم صعوبة هذه الوظائف إلا أنها تجد دومًا من يرغب في العمل بها، قد يكون السبب متعلقًا بالشعور بالرضا الذي يتركه العمل في هذه الوظائف؛ الرضا عن النفس لأنها تصب في خدمة المجتمع، وفيما يأتي أبرز الوظائف الصعبة حسب موقع حقوق العمال، وهي منصة إعلامية رقمية مستقلة تطرح القضايا الحقوقية في العمل والحياة.

  1. الوظائف العسكرية

يعد العمل في الجناح العسكري من أصعب الوظائف لما تحتاج إليه من تدريب وتأهيل بدني مكثف وشديد، لتجهيز الجنود للعمل في أوضاع تتطلب مخاطرتهم بحياتهم في سبيل الدفاع عن أوطانهم أو تنفيذ المهمات العسكرية الصعبة من تعامل مع الأسلحة وكنس الألغام، وغيرها، ولعل العمل في صفوف جنود البحرية والمشاة أصعبها.

  1. الوظائف في القطاع الطبي

تتفاوت صعوبة العمل ضمن وظائف القطاع الطبي، رغم نبل هذه الوظيفة وحساسية العمل فيها؛ كما تعد وظيفة المسعف أصعبها، لما تتطلبه من مهارات استدراك العلاج في اللحظات الحرجة، ولما تبعثه من ضغط وتوتر على المسعف في حال إسعاف الإصابات في مواقع خطرة كمواقع البناء أو عند الكوارث الطبيعية أو الحروب أو حتى من المرضى أنفسهم لو كانوا أشخاصًا خطرين، وكذلك أطباء غرف الطوارئ يتعرضون لضغوطات مشابه. ومن بين أصعب وظائف القطاع الصحي وظيفة الجراحين وأطباء التخدير، لحساسية هذه الوظيفة وصعوبة متطلباتها الدراسية وساعات العمل.

  1. وظائف قطاع استخراج النفط

يتطلب العمل في وظائف استخراج النفط جلدًا شديدًا، وقوة بدنية ونفسية شديدة، فالقوة البدنية مطلوبة للتعامل مع الآلات الخطرة سواء لاستخدامها أو لصيانتها، والقوة النفسية مطلوبة لتحدي هذه المخاطر، ورغم طول ساعات العمل (54 ساعة/أسبوع) إلا أنه لا يكون متواصلًا، بل غالبًا ما يُعتمد نظام المناوبات، بالعمل لـ6 أسابيع، تليها استراحة 6 أسابيع وهكذا، ورغم كونها من الوظائف عالية الأجور إلا أنها مصنفة كثالث أخطر وظيفة في المملكة المتحدة. ليس بسبب خطر الإصابات وحدها بل لأن التعرض للنفط ومشتقاته يسبب زيادة فرص الإصابة بسرطان الجلد والدم والبروتستاتا، إضافة إلى المشاكل النفسية الناجمة عن الإجهاد والعزلة حسب دراسة للأمم المتحدة 2021.

  1. العمل في القطاع البحري

العمل في قطاعات بحرية يتفاوت صعوبة وسهولة كذلك، ولعل أصعب الوظائف البحرية هي صيد السلطعون، لأن الصيادين يضطرون إلى العمل في ظروف شديدة الصعوبة وغير آمنة في البحر، فالطقس وحده يشكل تهديدًا كافيًا، وليس ذاك فحسب، بل كثيرا ما يضطر الصيادون إلى العمل لـ24 ساعة متواصلة، وقد يضطرون في كثير من الأحيان إلى العودة خالي الوفاض. إضافة إلى ذلك يتعرض صيادوا السمك عمومًا إلى خطر الموت بسبب السقوط في البحر مما يعني أن نسبة الوفيات في هذه الوظيفة عالية بمعدل 53 وفاة سنويًا، حسب دراسة أعلنتها مجلة الطب الصناعي، عدا عن الإصابات بالكسور والانزلاق. مما جعلها أصعب وظيفة في أمريكا، تليها وظيفة الغواص التجاري، إذا يواجهون ظروفًا جوية قاسية وخطر التعرض إلى مواد كيميائية ضارة أو فقدان الوعي تحت الماء، عدا عن المشاكل الصحية المترتبة على هذه الوظيفة على المدى الطويل، فقد تبين أن الغواصين معرضون لخطر ضعف وظائف الرئتين، ففي دراسة لعينة من الغواصين التجاريين على مدار 30 عامًا تبين أنه من الشائع أن يعانوا من خطر فقدان السمع وآلام المفاصل والظهر إضافة إلى كونهم أكثر عرضة للمشاكل المتعلقة بالجانب الذهني كفقدان التركيز أو الذاكرة.

وظيفة الإطفاء من أصعب الوظائف
تتطلب وظيفة الإطفائي جهدًا بدنيًا وجاهزية نفسية وحسًا بالإيثار ورغبة صادقة في خدمة الناس وقت حاجتهم

  1. العمل في قطاع الإنشاء والبناء

يحتاج العمل في قطاع البناء إلى قوة جسدية كبيرة، تمكن العامل من التعامل مع المواد بكفاءة، وتمكنه من احتمال ضغط العمل، ولعل العمل في بناء الأسقف أو إصلاحها هو الأصعب، نظرًا لتعرض العامل إلى خطر السقوط بسبب الارتفاع، وتزداد الوظيفة خطورة عندما تسوء حالة الطقس، أو عند الحرارة العالية، فيواجه العمال خطر السقوط بسبب الإغماء الناتج عن الإصابة بضربة شمس مثلًا.

العمل في السقالات والرافعات أيضًا من أصعب الوظائف بل هو مصنف كثالث أخطر وظيفة في أمريكا بسبب العلو الشاهق بطبيعة الحال الذي يهدد بالسقوط. ناهيك عن مخاطر عدم استقرار البناء أو مخاطر التعامل مع الآلات أو مخاطر الانزلاقات والتعرض للاصابات والكسور. وتشير الإحصائيات إلى أن معدل الإصابات بسبب هذه الوظيفة يصل إلى 4500 إصابة سنويًا، بمتوسط 60 حالة وفاة. كما أنه على المدى البعيد يعاني العمال من آلام مزمنة في الظهر ومشاكل الجهاز التنفسي ومشاكل السمع. ومن الناحية النفسية فإن هذه الوظيفة تسجل أعلى معدل لحالات الانتحار بين القطاعات المهنية الأخرى في أمريكا.

  1. العمل في الحدادة

تعد الحدادة من الوظائف الصعبة التي تتطلب من العامل قوة بدنية كبيرة، فالعمل باستخدام أدوات خطرة، لصناعة هياكل وصفائح معدنية لعدد ساعات طويل يعد شاقًا وصعبًا من الناحيتين الجسدية والنفسية.

رغم انخفاض معدل الوفيات في العمل في الإطفاء مقارنة بغيرها من الوظائف إلا أن تأثيرها على صحة العاملين بها يتبدى في ارتفاع معدلات الإصابة بالربو، ومشاكل السمع، والمشاكل النفسية المترتبة على مشاهدتهم أحداثًا صادمة ومؤلمة أو تعرضهم شخصيًا لها.

  1. العمل في الإطفاء

الظروف التي يضطر رجال الإطفاء إلى العمل فيها هي الأصعب. فعند استدعاء الإطفاء يلبي نداء الواجب وهو مدرك للمخاطر المحدقة فيه، فبين إطفاء الحرائق أو إنقاذ العالقين وسط الحريق من طابق عال أو من طابق أرضي سيواجه الإطفائي خطر الانهيارات والاختناق. أو حتى في حوادث السيارات أو عند الكوارث الطبيعية. تظل هذه الوظيفة كيفما نظرنا إليها من أصعب الوظائف في العالم وأخطرها، وتتطلب جهدًا بدنيًا وجاهزية نفسية وحسًا بالإيثار ورغبة صادقة في خدمة الناس وقت حاجتهم، وتصنف هذه الوظيفة كثاني أصعب وظيفة في المملكة المتحدة، ورغم انخفاض معدل الوفيات فيها مقارنة بغيرها من الوظائف إلا أن تأثيرها على صحة العاملين بها يتبدى في ارتفاع معدلات الإصابة بالربو، ومشاكل السمع، والمشاكل النفسية المترتبة على مشاهدتهم أحداثًا صادمة ومؤلمة أو تعرضهم شخصيًا لها.

  1. العمل في قطع الأشجار

يعد العمل في قطع الأشجار من الوظائف الصعبة والأشد خطورة لأنه في كثير من الأحيان لا يمكن التنبؤ باتجاه سقوط الأشجار في حال كان الظرف الجوي سيئًا والرياح شديدة. وتسجل هذه الوظيفة أعلى معدل وفيات بين الوظائف الأخرى، أو التعرض للإصابات بسبب المعدات الثقيلة التي يلبسها العاملون أو المعدات الخطيرة التي يتعاملون معها.

  1. العمل ضمن فرق البحث والإنقاذ

كالعمل في الإسعاف والإطفاء، يتطلب العمل ضمن فرق الإنقاذ تفانيًا وصلابة جسدية ونفسية لصعوبة المهمة وخطورة ظروف العمل، والصلابة الذهنية مطلوبة كذلك، لأن هذا العمل يتطلب سرعة في التفكير واتخاذ القرار وحساب المخاطر في المواقف الصعبة، وتتنوع أعمال فرق الإنقاذ وتتخصص،؛ فهناك فرق الإنقاذ البحري وخفر السواحل، وفرق الإنقاذ الجبلي، وكلاهما خطر فإما مواجهة البحر العاتي أو مجابهة الجبال والمنحدرات والمواقع الأخرى أوقات الكوارث والحروب.

 

لعل العديد من الوظائف الأخرى تندرج أيضًا ضمن أصعب الوظائف في العالم؛ فالوظائف التي تتطلب العمل بآلات حادة أو ثقيلة كالنجارة أو الصيانة أو العمل في المناجم تعد صعبة وخطيرة، وكذلك التخصصات التي تتطلب تكريسًا لجهود على مدى أعوام كالعمل في قطاعات البحث العلمي التجريبي والإنساني كذلك صعبة. ولكن ربما كانت القائمة السابقة منحازة للوظائف التي تهدد الحياة بشكل عام أو تسبب للعاملين فيها إعاقات جسدية ونفسية شديدة. وربما تكون أصعب الوظائف تلك التي تتعلق بتسيير حياة الناس والشعوب وقيادة الأمم والتلاعب بمصائرها، لما في تولي سدة الحكم من أمانة ثقيلة لا يرعاها أصحاب المناصب. وهنا نستذكر أن الإعلامي والمحلل السياسي الأمريكي جون ديكرسون قد ألف كتابًا بعنوان أصعب وظيفة في العالم: الرئاسة الأمريكية.