06-أبريل-2024
(freepik) التعلم العميق في الذكاء الاصطناعي

(freepik) التعلم العميق يؤدي دورًا هامًا في أي مجال يعتمد على الذكاء الاصطناعي

لا يوجد من لم يتساءل كيف تستطيع جوجل ترجمة أي كلمة أو فقرة من لغة إلى أخرى في أجزاءٍ من الثانية؟ كيف يُمكن لمواقع مثل نتفليكس ويوتيوب وغيرهما تقديم توصيات سريعة ومفيدة تتوافق مع تفضيلات المستخدمين، أو حتى آلية عمل السيارات ذاتية القيادة وكيف تتحرك على الطرقات بشكل سلس ودون تدخل بشري؟ يكمن السر في التعلم العميق والذكاء الاصطناعي.

لمن لديه رغبة في تعلم المزيد عن تلك التقنية الناشئة، سنتعرف خلال السطور التالية، ونُجيب عن أسئلة مثل: ما هو التعلم العميق في الذكاء الاصطناعي؟ وكيف يمكنه اتخاذ القرارات على غرار الدماغ البشرية؟

حدثت القفزة الأكثر أهمية بالنسبة للشبكات العصبية بسبب إدخال كميات كبيرة من البيانات المصنفة باستخدام ImageNet

ما هو التعلم العميق؟

 ما التعلم العميق؟
شبكات عصبية متعددة الطبقات

 

يمكن القول بأن التعلم العميق هو أحد فروع الذكاء الاصطناعي، وهو مجموعة فرعية من التعلم الآلي تستخدم شبكات عصبية متعددة الطبقات، تُعرف بـ "الشبكات العصبية العميقة" والتي تعمل على مُحاكاة عملية اتخاذ القرار التي تتم داخل الدماغ البشرية. وبالنسبة إلى الشبكة العصبية العميقة (DNN) فتتكون من ثلاث طبقات أو أكثر، ويتم تدريب تلك الشبكات على كميات كبيرة من البيانات لتحديد وتصنيف الظواهر، والتعرّف على الأنماط والعلاقات، وتقييم الاحتمالات، ومعرفة التنبؤات واتخاذ القرارات.

ولكن؛ في حين أن الشبكة العصبية أحادية الطبقة يمكن أن تُقدم نتائج مفيدة، إلا أن الطبقات الإضافية في الشبكة العصبية العميقة تساعد في تحسين هذه النتائج واتخاذ القرارات بدقة أعلى.

يقود التعلم العميق العديد من التطبيقات والخدمات التي تعمل على تحسين الأتمتة وأداء المهام التحليلية والمادية دون تدخل بشري. حيث يكمن التعلم العميق وراء العديد من الخدمات والمنتجات بما في ذلك؛ المساعدين الرقميين مثل سيري لآبل وأليكسا من أمازون، وأجهزة التحكم عن بُعد في التلفزيون التي تعمل بالصوت، واكتشاف الاحتيال على بطاقات الائتمان والتعرف على الصوت.

بالإضافة إلى التقنيات الناشئة مثل السيارات ذاتية القيادة والذكاء الاصطناعي التوليدي وربوتات الدردشة مثل شات جي بي تي وجيميني ودعونا لا ننسى الواقع الافتراضي والمعزز والميتافيرس.

يحتل التعلم العميق مكانة قوية أكثر من أي وقت مضى إذ يُمكنه تدريب نفسه دون تدخل بشري وتقديم نتائج رائعة

نشأة التعلم العميق

يُقال إن التعلم الآلي قد بدأ في الخمسينيات من القرن الماضي عندما كتب آلان تورينج، عالم الرياضيات البريطاني، ورقة بحثية عن آلة التعلم ذات الذكاء الاصطناعي. ثم تبعه آرثر صموئيل عندما طوّر أول برنامج لتعلم الكمبيوتر. لقد استطاع من خلال برنامجه أن يجعل حاسوب IBM يتحسن في لعبة الداما كلما زاد وقت اللعب. وعلى مدار العقود التالية، ظهرت تقنيات وأبحاث عن التعلم الآلي ثم اختفت إلى أن وصلنا إلى العام 2001، حينها، تم تطوير خوارزمية التعلم الآلي Adaboost لاكتشاف الوجوه داخل الصورة.

ما نشأة التعلم العميق
آلان تورينج، مُخترع الحاسوب

لقد صفّت الصور من خلال مجموعات القرار مثل "هل تحتوي الصورة على نقطة مضيئة بين البقع الداكنة؟ ربما تشير إلى جسر الأنف؟" عندما انتقلت البيانات إلى أسفل شجرة القرار، زاد احتمال اختيار الوجه الصحيح من الصورة.

لم تعد الشبكات العصبية مفضلة لعدة سنوات أخرى عندما دخلت وحدات معالجة الرسومات القوية السوق أخيرًا. تمكّن الباحثون الجدد من خلال الأجهزة من استخدام أجهزة الكمبيوتر المكتبية بدلًا من أجهزة الكمبيوتر العملاقة لتشغيل الصور، ومعالجتها.

 قاعدة ImageNet في التعلم العميق
قاعدة ImageNet، أكبر قاعدة بيانات للصور في العالم

حدثت القفزة الأكثر أهمية إلى الأمام بالنسبة للشبكات العصبية بسبب إدخال كميات كبيرة من البيانات المصنفة باستخدام ImageNet، وهي قاعدة بيانات تضم ملايين الصور المصنفة من الإنترنت. تم استبدال المهمة المرهقة المتمثلة في تصنيف الصور يدويًا بالتعهيد الجماعي، ما أعطى الشبكات مصدرًا غير محدودًا تقريبًا لمواد التدريب.

في السنوات التي تلت ذلك، جعلت شركات التكنولوجيا مكتبات التعلم العميق الخاصة بها مفتوحة المصدر؛ بما في ذلك جوجل Tensorflow، و Amazon DSSTNE ، و Microsoft CNTK وغيرهم الكثير.

 

 

كيف يعمل التعلم العميق؟

 كيفية عمل التعلم العميق؟

الفرق بين تعلم الآلة والتعليم العميق- المصدر موقع builtin

يعتمد التعلم العميق على ما يُسمّى بالشبكات العصبية التي تتكون من طبقات من العقد، على غِرار الخلايا العصبية في الدماغ البشري. ترتبط العُقد الموجودة داخل الطبقات الفردية بالطبقات المجاورة. وتُصبح الشبكة أعمق أكثر تعقيدًا، بُناءً على عدد الطبقات التي تحتوي عليها. تتلقى خلية عصبية واحدة في دماغ الإنسان آلاف الإشارات من الخلايا العصبية الأخرى. في الشبكة العصبية الاصطناعية، تنتقل الإشارات بين العقد وتُعيّن الأوزان المقابلة. ستمارس العقدة الأثقل وزنًا تأثيرًا أكبر على الطبقة التالية من العقد.

تجمع الطبقة النهائية المدخلات الموزونة لإنتاج المخرجات. تتطلب أنظمة التعلم العميق أجهزة قوية لأنها تحتوي على كمية كبيرة من البيانات التي تتم معالجتها وتتضمن العديد من الحسابات الرياضية المتعددة والمعقدة. ومع ذلك، حتى مع وجود أجهزة سريعة ومتطورة، قد يستغرق تدريب الشبكة العصبية بعض الوقت.

بالطبع، تتطلب تقنيات التعلم العميق كميات كبيرة من البيانات لتقديم نتائج دقيقة، وعند معالجة تلك البيانات، تكون الشبكات العصبية الاصطناعية قادرة على تصنيفها من خلال الإجابات الخاصة بسلسلة من الأسئلة الثنائية الصحيحة أو الخاطئة التي تتضمن حسابات رياضية معقدة للغاية. على سبيل المثال، يعمل برنامج التعرف على الوجه من خلال تعلم اكتشاف حواف وخطوط الوجوه والتعرُّف عليها، ثم الأجزاء الأكثر أهمية من الوجه، وأخيرًا؛ التمثيل العام للوجوه. ومع مرور الوقت؛ يُدرِّب البرنامج نفسه بنفسه، وتزداد احتمالية الإجابات الصحيحة. وفي هذه الحالة، سيُقدِّم برنامج التعرف على الوجه نتائج دقيقة دون أي خطأ.

تكمن أهمية التعلم العميق DL في قدرته على التعلم بشكل ذاتي وتطوير نفسه

أهمية التعلم العميق في الذكاء الاصطناعي

استطاع التعلم العميق في الذكاء الاصطناعي أن يحتل مكانة قوية ومُهيمنة أكثر من أي وقت مضى حيث يُمكنه تدريب نفسه دون تدخل بشري وتقديم نتائج أكثر من رائعة ولهذا تُستخدم تطبيقات التعلم العميق في العديد من الصناعات بدءًا من الرعاية الصحية والقيادة الآلية والأجهزة الطبية والفضاء والدفاع والإلكترونيات والأتمتة الصناعية. وتكمن أهمية التعلم العميق DL في قدرته على التعلم بشكل ذاتي وتطوير نفسه، فقط يحتاج إلى توفير كمية كبيرة من البيانات ووحدة معالجة رسوميات عالية. وستتمكن تقنية الذكاء الاصطناعي تلك من تقليل وقت التدريب من أسابيع ليصبح بضع ساعات فقط.

كمثال على ذلك؛ ومن أجل تطوير السيارات ذاتية القيادة؛ يحتاج التعلم العميق إلى مليارات من الصور الخاصة بالسيارات بالإضافة إلى الكثير والكثير من الساعات لمشاهدة مقاطع الفيديو عن السيارات. يُساعد هذا الأمر التعلم العميق في اكتشاف الأشياء تلقائيًا مثل المشاة وعلامات التوقف وإشارات المرور والسيارات الأخرى وكيفية القيادة بشكلٍ آمن وعدم تجاوز السرعات المحددة وهكذا.

 

أوضحنا في هذا المقال كل شيء عن التعلم العميق وطريقة عمله. ويمكن القول بأن التعلم العميق يؤدي دورًا هامًا في أي مجال يعتمد على الذكاء الاصطناعي. ذلك لأنه يجمع كميات هائلة من البيانات ويُحلِّلُها لإنشاء نماذج تنبؤيه متعددة من خلال فهم الأنماط والاتجاهات المختلفة داخل البيانات. وهكذا؛ تجعل نماذج التعلم العميق عملية بناء كميات كبيرة من البيانات وتشكيلها في معلومات مفيدة وسريعة يُمكن استغلالها في كافة القطاعات والمجالات المختلفة بكل سهولة.

في النهاية، لا يجب نسيان أن لكلٍ مما نذكره في هذه المقالات عيوبٌ ومزايا، ويجب التعرُّف على كليهما لكُل مُصطلح أو تقنية جديدة، للتأكد من دراسة كافة الجوانب، قبل اتخاذ قرار دراسة أو تعلُّم أو العمل في أي من هذه المجالات.