01-أبريل-2024
مقال أنواع تعلم الآلة

يُمثِّل تعلم الآلة عاملًا أساسيًا في التطور التكنولوجي وتحسين الحياة اليومية

في عصر يعتمد فيه العالم بشكل مُتزايد على التكنولوجيا، أصبح تعلم الآلة أمرًا محوريًا في تطوير الحوسبة وتقنيات الذكاء الاصطناعي. تعلم الآلة مجال مثير للاهتمام؛ يعتمد في عمله على قوة الحوسبة في تحليل البيانات ومُعالجتها من أجل تقديم الحلول الذكية. كما تهدف أنواع تعلم الآلة إلى تمكين الحواسيب من فهم الأنماط والتعلم من البيانات بشكلٍ مُستقل، ما يجعلها قادرة على اتخاذ القرارات وتقديم التوقعات بدقة.

من خلال أنواع تعلم الآلة المختلفة؛ يمكن للأنظمة والتطبيقات أن تتعلم وتتكيف بشكلٍ مستمر، مما يجعلها قادرة على تحليل البيانات الكبيرة واستخلاص الفوائد منها في مجموعة متنوعة من المجالات. يُتيح تعلُّم الآلة أيضًا استخدام البيانات الضخمة لتحسين الخدمات، وتسهيل اتخاذ القرارات، وتطوير التكنولوجيا بشكل مستدام.

بشكلٍ عام، يُمثِّل تعلم الآلة الآن عاملًا أساسيًا في التطور التكنولوجي وتحسين الحياة اليومية، ومن المتوقع أن يستمر دوره المحوري في تحويل الطريقة التي نفكر ونتفاعل مع التكنولوجيا في المستقبل. في هذا المقال، سنتعرف معًا على ماهية تعلم الآلة، وأهم أنواع تعلم الآلة.

يمكن استخدام تعلم الآلة لتقديم توصيات للمستخدمين حول المنتجات أو الخدمات التي قد يهتمون بها

تعلم الآلة 

بشكلٍ مُختصر، يُعتبر تعلم الآلة (Machine Learning) فرع الذكاء الاصطناعي الذي يُركِّز على تصميم وتطوير خوارزميات تسمح للحواسيب بالتعلُّم من البيانات واتخاذ القرارات دون الحاجة إلى برمجة صريحة. ويُستخدم تعلم الآلة في مجموعة واسعة من التطبيقات، بما في ذلك:

  • التشخيص الطبي: يتم تشخيص الأمراض من خلال تحليل الصور الطبية مثل الأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي، يبدأ الأمر بتعليم الأنظمة عبر عرض عدد كبير من صور الأشعة والاستنتاجات، ليُصبح بإمكانها في النهاية تحليل أنواع الأشعة المُختلفة وتشخيص الأمراض بشكلٍ سليم.
  • التنبؤ بالأسعار: تُستخدم تقنيات تعلم الآلة للتنبؤ بأسعار الأسهم والعملات والسلع من خلال دراسة التحركات السابقة للأسهم والعملات ودراسة حالة السوق.
  • التوصية: يمكن استخدام تعلم الآلة لتقديم توصيات للمستخدمين حول المنتجات أو الخدمات التي قد يهتمون بها.
  • التعرف على الصور: يمكن استخدام تعلم الآلة للتعرف على الأشخاص والأشياء في الصور.
  • التعرف على الكلام: يمكن استخدام تعلم الآلة لتحويل الكلام إلى نص والعكس، مما يُساعد ذوي الاحتياجات الخاصة بشكلٍ كبير.

 

أنواع تعلم الآلة

مع أهمية تعلم الآلة وتأثيره على تطور العديد من التطبيقات والتقنيات المعاصرة، تلعب أنواع تعلم الآلة المختلفة أدوارًا حيوية في تطوير أنظمة ذكية تؤثر في حياتنا اليومية بشكل متسارع، وتختلف فيما بينها وفقًا لمقدار الإشراف على النوع. وفيما يلي الأنواع الرئيسية لتعلم الآلة مع استكشاف مميزات كلٍ منها واستخداماته العملية في عالمنا اليوم:

  1. تعلم الآلة المُشرف (Supervised Learning)

يعتمد التعلّم المُشرف (Supervised Learning) على بناء نماذج تستطيع الربط بين مجموعة مُدخلات مُصنفة مع المُخرجات المتوقعة. يتطلب هذا النوع من التعلم وجود مجموعة بيانات تدريبية تحتوي على أمثلة من المُدخلات و"التسميات" أو "الملصقات" الصحيحة المقابلة لها. خلال التدريب، يتعلم النظام استنتاج القواعد والأنماط التي تصف العلاقة بين المدخلات والمخرجات، ما يمكنه فيما بعد من التنبؤ أو التصنيف لبيانات جديدة غير مألوفة.

تعلم الآلة المشرف
أحد أمثلة تعلم الآلة التي تستخدم في توقع حجم المبيعات واتجاهات السوق

  • الاستخدامات: تصنيف الصور والكلام، تشخيص الأمراض، التنبؤ باتجاهات الأسواق المالية، ترشيحات المنتجات في منصات التجارة الإلكترونية، اكتشاف الاحتيال وغيرها الكثير.
  • المزايا :الدقة العالية في التنبؤ والتصنيف بمجرد توفر مجموعة بيانات تدريبية جيدة ومتوازنة.
  • أمثلة عملية: أنظمة تصنيف البريد الإلكتروني كبريد مرغوب فيه (Spam) أو لا، برامج التعرف على الوجه والعلامات التجارية (logos) في الصور، نماذج التنبؤ بأسعار الأسهم أو العملات الرقمية.
  1. تعلم الآلة غير المُشرف (Unsupervised Learning)

يبرز التعلم غير المُشرف كأحد أهم أنواع تعلم الآلة، حيث تُزوّد النماذج ببيانات غير مُصنفة أو بدون "تسميات" (labels).  لا يُقدم للخوارزمية هنا نماذج إجابة مسبقة، بل يعتمد الأمر على قدرتها على اكتشاف الأنماط الخفية، والبنى الكامنة، والعلاقات بين عناصر البيانات بشكلٍ مستقل.

على سبيل المثال، يمكن تدريب نموذج لتجميع البيانات في مجموعات بناءً على أوجه التشابه بينها.

  • الاستخدامات: تقسيم العملاء إلى مجموعات تسويقية (Segmentation)، تخفيض أبعاد البيانات لتسهيل تحليلها وتصورها، اكتشاف الموضوعات في المستندات النصية، التعرف على الأنماط الشاذة (anomaly detection).

تعلم الآلة شبه المشرف
الفارق بين التصنيف واكتشاف الشذوذ باستخدام تقنيات تعلم الآلة

 

  • المزايا: القدرة على العمل مع البيانات غير المصنفة (unlabeled data)، استكشاف البنى الخفية داخل البيانات، توفير رؤى وأفكار غير متوقعة قد لا تكشفها الأساليب التقليدية.
  • أمثلة عملية: أنظمة التوصية على منصات البث (Netflix، Spotify) التي تقترح محتوى جديدًا بناءً على تفضيلات المستخدم، برامج اكتشاف الاحتيال في التأمين من خلال تحليل أنماط المعاملات، برمجيات تقسيم المحتوى الإخباري إلى موضوعات مختلفة.

 

  1. تعلم الآلة شبه المشرف (Semi-supervised Learning)

يقع التعلم شبه المشرف كحلقة وصل بين أنواع تعلم الآلة المُشرف وغير المُشرف، مما يعني اعتماده على مزيج من البيانات المصنفة (labeled) والبيانات غير المصنفة (unlabeled). يُعتبر هذا النهج مفيدًا بشكل خاص عندما تكون عملية الحصول على كميات كبيرة من البيانات المصنفة مكلفة أو تستغرق وقتًا طويلاً.

في نموذج تعلم الآلة شبه المشرف، يتم استخدام البيانات المصنفة المحدودة لتوجيه عملية التعلم، مع الاستفادة من البيانات غير المصنفة الأوفر نسبيًا لاكتشاف أنماط إضافية وتعميم النتائج. هذا يؤدي إلى نماذج تعلم آلي أكثر دقة بتكلفة أقل مقارنة بالاعتماد الكامل على البيانات المصنفة.

على سبيل المثال، يمكن تدريب نموذج للتعرف على القطط باستخدام مجموعة من الصور التي تحتوي على قطط وصور أخرى لا تحتوي على قطط، ولكن عدد الصور المحددة قد يكون أقل من عدد الصور غير المحددة.

  • الاستخدامات: تصنيف الصور الطبية عند محدودية البيانات المصنفة، تعزيز نماذج الترجمة الآلية، تحسين تصنيف النصوص.
  • المزايا: الاستفادة من البيانات المحدودة المصنفة (النادرة أحيانًا) والكميات الكبيرة من البيانات غير المصنفة، تحسين دقة النماذج بتكلفة أقل مقارنة بالتعلم المشرف بالكامل.
  • أمثلة عملية: تدريب أنظمة التعرف على الأنماط الحيوية (biometric patterns) باستخدام كمية ضئيلة من البيانات الموثقة، أنظمة تدقيق المحتوى المرفوع على منصات التواصل الاجتماعي والتي تعتمد على مزيج من القواعد البشرية والبيانات المتاحة.
  1. تعلم الآلة بالتعزيز (Reinforcement Learning)

يتخذ تعلم الآلة بالتعزيز (Reinforcement Learning) منحىً فريدًا في تعلم الآلة، حيث يتفاعل نظام ذكي (الوكيل Agent) مع بيئة ديناميكية ليصل إلى أفضل سلوك ممكن. يعتمد النظام على تلقي المكافآت أو العقوبات كإشارات تحدد مدى نجاح أفعاله السابقة، ويتعلم من هذه الإشارات بهدف تعظيم المكافآت الإجمالية على المدى الطويل. يمكّن هذا النوع من أنواع تعلم الآلة حلّ مشكلات اتخاذ القرارات المعقدة في بيئات غير محددة تمامًا، ما يفتح مجالاتٍ تطبيقية جديدة في الروبوتات والألعاب وأنظمة التحكم الذاتي. على سبيل المثال، يمكن تدريب نموذج للعب لعبة من خلال مكافأته على الفوز ومعاقبته على الخسارة.

  • الاستخدامات: تطوير روبوتات ذاتية التوجيه، تعليم الآلات لعب الشطرنج والألعاب الاستراتيجية، تحسين استراتيجيات التسويق والمزادات عبر الإنترنت، أتمتة العمليات الصناعية المعقدة.
  • المزايا: إمكانية اكتشاف حلول مبتكرة لمشاكل معقدة، التعلُّم المستمر وتحسين الأداء بمرور الوقت، التعامل مع البيئات الديناميكية والمتغيرة بشكل تكيفي.
  • أمثلة عملية: أنظمة الروبوتات العاملة في المستودعات والتي تتعلم تنظيم حركة البضائع بفعالية أكبر، أنظمة القيادة الذاتية في السيارات، برامج التداول الآلي في الأسواق المالية، المحركات الحاسوبية في ألعاب الفيديو التي تتجاوز قدرات البشرية.

 

فرض تعلم الآلة تغييرًا في اللعبة في عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. من خلال دقتها العالية، وكفاءتها الفائقة، وقدرتها على التكيف مع التحديات الجديدة، تقدم تقنيات تعلم الآلة حلاً مبتكرًا وفعالًا لمجموعة واسعة من المشاكل والتحديات. بفضل تطوراتها المستمرة واستخداماتها المتزايدة، نتوقع أن تظل مجالات تعلم الآلة في صدارة التطورات التكنولوجية في المستقبل القريب والبعيد.

فإن تعلم الآلة ليس مجرد مجال تقني، بل هو أداة تحويلية تشكل أساسًا لبناء مستقبل أكثر ذكاءً وفعالية. ومع استمرار تطور التكنولوجيا واستخداماتها المتنوعة، فإن الفرص المتاحة لتعلم الآلة ما تزال غير محدودة، ويمكن للابتكارات في هذا المجال أن تغير العالم بشكل إيجابي وجذري.