06-فبراير-2021

مدرسة في إندونيسيا (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

منعت إندونيسيا المدارس الحكومية من فرض ارتداء أزياء دينية محددة على الطالبات، خاصة الأزياء الدينية الإسلامية، أي الحجاب. وأتى هذا القرار بعد تداول أخبار عن ضغوطات تعرضت لها إحدى الطالبات المسيحيات بارتداء الحجاب داخل الصف الدراسي في شهر كانون الثاني/يناير 2021، وكانت الطالبة ترتاد مدرسة مهنية في منطقة بادانج ينص قانونها على إلزامية وضع الحجاب لكل الفتيات في الفصول الدراسية. 

جذبت قضية فرض ارتداء الحجاب في المدارس اهتمامًا عامًا في إندونيسيا خلال الأسابيع الماضية، ما فتح المجال أمام سجالات حول التعليم والحجاب والأطر القانونية والتعددية الدينية والثقافية

وذكر تقرير أعده المراسل الصحفي في إندونيسيا واحودي سورياتماجا، الذي يعمل في شبكة سترايتس تايمز، أن الفتاة لم توافق على وضع الحجاب خلال التعليم عن بعد، ومن ثم وجهت لها الملاحظات لاحقًا أثناء حضورها إلى الصف وتم استدعاء والديها. إلا أن الطالبة البالغة من العمر 16 عامًا رفضت طلب إدارة المدرسة وقتها، فتم استدعاء ذويها للحديث إلى إدارة المدرسة. وقامت عائلة الفتاة بتصوير مقطع فيديو للقاء مع مسؤول الإدارة في المدرسة وقد أصر على احترام القوانين المدرسية التي تقضي بوجوب ارتداء جميع الطالبات للحجاب، بما في ذلك الطالبات غير المسلمات. ليثير هذا الحدث سجالات وردود أفعال غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي في إندونيسيا. وترافق ذلك مع حملة لناشطين في المجتمع المدني للمطالبة بإقرار قانون يمنع فرض الحجاب في المدارس الحكومية.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تلقّى المصريون أنباء "إخلاء سبيل" الصحفي محمود حسين؟

في حين أشار تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية أن والد الطالبة، إليانو هاي، قال في حديثه إلى بي بي سي إندونيسيا،  "تقريبًا كل يوم كان يتم طلب ارتداء الحجاب من ابنتي في المدرسة، وكان جوابها الدائم بأنها فتاة غير مسلمة". وأضاف إذا أجبرت ابنتي على وضع الحجاب، فهذا يعني أنني أكذب حول حقيقة انتماء ابنتي الديني" وتساءل بالقول "أين حقوقي الدينية؟! وهذه مدرسة حكومية في نهاية المطاف". وصدر في وقت لاحق اعتذار عن مسؤول المدرسة في مؤتمر صحفي، وقال أنه يحق للطلاب ارتداء ما يرونه متناسبًا مع انتمائهم الديني.

بينما أعطت السلطات الإندونيسية مهلة 30 يومًا للمدارس من أجل سحب وإبطال القرارات التي تنص على تضييق حرية اللباس، حيث تم إصدار مرسوم يوم الأربعاء 3 شباط/فبراير 2021، وقعه كل من وزراء التعليم والثقافة، الشؤون الداخلية، والشؤون الدينية. وقد تواجه المدارس المتخلفة عن تطبيق المرسوم عقوبات من قبل السلطات الإندونيسية تصل إلى حد توقيف الدعم والتمويل المالي للمدرسة. 

جذبت قضية فرض ارتداء الحجاب في المدارس اهتمامًا عامًا في إندونيسيا خلال الأسابيع الماضية، ما فتح المجال أمام سجالات حول التعليم والحجاب والأطر القانونية والتعددية الدينية والثقافية وغيرها من القضايا. وقال وزير التعليم والثقافة في الحكومة الإندونيسية، ناديم ماكاريم، أن اختيار نوع الملابس يعتبر "حرية شخصية" وأضاف "المعلمون وأولياء الأمور والطلاب هم من يقررون ما هو الأفضل، مع التشديد على موافقة الأهل على أي إجراء، وهذا ليس قرار يخص المدرسة". إلا أن القرار وبحسب وزير التعليم والثقافة، قد استثنى إقليم "أتشيه" الإندونيسي، الذي يتمتع بالحكم الذاتي ويطبق الشريعة الإسلامية.

اقرأ/ي أيضًا: شهادات جديدة عن الاغتصاب الممنهج وتعذيب النساء في معسكرات اعتقال الإيغور

من جهته قال وزير الشؤون الدينية في إندونيسيا، ياقوت شوليل قوماست، تعقيبًا على قصة الفتاة "هذه القضية ليست سوى رأس جبل الجليد" وأضاف "الأديان لا تروج للصراعات، ولا تبرر التصرف بشكل غير عادل ضد المختلفين عقائديًا" في  تصريحات نقلتها وكالة رويترز. أما مفوض الهيئة الحقوقية الرئيسية في إندونيسيا، بيكا ألونغ هابسرا، فقال أن "المرسوم يحترم اختيار الناس والتعبير عن معتقداتهم" وأشار إلى أن "أماكن التعليم هي فضاء لتنمية النفوس المستقلة الخالية من التمييز حيث يتم تعزيز الاحترام".

في سياق متصل، قال الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش، أندرياس هارسونو، لوكالة رويترز أن "المرسوم الصادر عن السلطات الإندونيسية كان خطوة إيجابية، بالنظر إلى أن المدارس في أكثر من 20 مقاطعة ما زالت تجعل الملابس الدينية إلزامية في حرمها وفي نظامها الداخلي". وأشار هارسونو إلى أن هناك العديد من المدارس الحكومية التي تفرض  على المعلمات أيضًا ارتداء الحجاب.

يذكر أن عدد سكان إندونيسيا يبلغ حوالي 238 مليون شخص، وهو ما يجعلها رابع أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم، كما أنها أكبر بلد بغالبية سكانية مسلمة، حيث يشكل المسلمون 90% من السكان، ولكنها تعترف بباقي الأديان دستوريًا حيث يتعايش في البلد 6 ديانات، وكرست التعددية في فلسفة الدولة الرسمية المعروفة باسم "بانتشاسيلا"، التي هي عبارة عن 5 مبادئ صاغها أحمد سوكارنو في عام 1945 تنص على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ووحدة إندونيسيا والإيمان بإله واحد وإنسانية عادلة ومتحضرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إدانات لبنانية واسعة لعملية اغتيال لقمان سليم واتهامات لحزب الله

هل يمكن وصف تحقيق منظمة الصحة العالمية في الصين بالمهمة المستحيلة؟