05-ديسمبر-2016

رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي( أندريه سولارو/أ.ف.ب)

في تقرير قامت به الصحفية ستيفاني كريجسنر في جريدة الجارديان حول هزيمة استفتاء رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، قامت ستيفاني في هذا التقرير بالإجابة على مجموعة من الأسئلة المطروحة عن مصير "إيطاليا جديدة"، تعاني عدم الاستقرار على عدة أصعدة، ويتسلط على رأيها العام حركة الخمس نجوم الشعبوية المتطرفة.

حركة الخمس نجوم الشعبوية الإيطالية، التي تعتبر نفسها فائزة في الاستفتاء ظلت لسنوات ترى ضرورة الاستفتاء على العملة الموحدة

__

مُني ماتيو رينزي بهزيمة كبيرة في استطلاع الرأي على أحد الإصلاحات المقترحة بالدستور يوم الأحد الفائت. أما" بي بيه جريللو" رئيس حركة الخمس نجوم واتحاد اليمين المتطرف الشمالي المناهض للهجرة فقد اعتبر ذلك انتصارًا كبيرًا. والآن ماذا؟ ما الذي سيفعله رينزي؟

في خطاب مؤثر ألقاه أثناء المؤتمر الصحفي، الذي أعقب نتائج التصويت، صرح رئيس الوزراء أنه سيقدم استقالته إلى الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا يوم الاثنين بعد الظهر (وهو ما قام به بالفعل).

نتوقع أن يقبل الرئيس ماتاريلا استقالة رينزي أو أن يطلب منه البقاء ولكن الخسارة الساحقة التي مُني بها رئيس الوزراء والتي صوت فيها ما يقرب من 60% من الإيطاليين على رفض التغييرات المقترحة بالدستور فإن الأرجح أن يترك قصر كيجيي Palazzo Chigi الآن.

اقرأ/ي أيضًا: كل ما تحتاج إلى معرفته عن الاستفتاء الإيطالي؟

ثم ماذا؟

على الأغلب سيتولى ماتاريلا تشكيل الحكومة، وسيدعو ماتاريلا كل الأطراف المتصدرة للمشهد السياسي ليرى ما إذا كانوا قد توصلوا إلى اتفاق لتشكيل الحكومة. واللاعبون الأساسيون هم رينزي، الذي لا يزال الرئيس، حتى الآن، من الحزب الديمقراطي الحاكم PD، سيلفيو برلسكوني، الذي يمثل حزب "فورزا إيطاليا "Forza Italia، وبي بيه جيريللو أو أحد لاعبيه، ومن الشباب لويجي ديمايو أو أليساندرو دي باتيستا وماتيو سيلفيني من الحزب الشمالي.

هل ستكون هناك انتخابات؟

هذا ما يريده اليمين المتطرف: تحالف الشمال وحركة الخمس نجوم، وهي تبدو على عجلة من أمرها في هذا الموضوع تحديدًا، فواحدة من الإجراءات التي كان رينزي يحاول تمريرها هي تغيير في النظام الانتخابي للبلاد وهو ما عارضته حركة الخمس نجوم بشدة. كان هذا التغيير سيتم تطبيقه على الانتخابات المزمع إقامتها في سنة 2018. قانون الـ "Italicum" الذي كان ينوي رينزي تمريره كان سيمكنه من أغلبية مقاعد البرلمان وقد شبهت حركة الخمس نجوم هذه الاستراتيجية بالاستيلاء الفاشي على السلطة.

أما الآن فإن الحزب الديمقراطي الحاكم بات مجبرًا على تغيير النظام الانتخابي وفق نظام "النسب". وليس مفاجئًا أن يرى تنظيم الخمس نجوم أنها فرصة ذهبية له للفوز في الانتخابات حال إجرائها في الوقت الحالي.

إذًا سيكون هناك انتخابات مبكرة أو لا؟

سنرى. على أي حال المراقبون يرون أنه احتمال غير مؤكد. فأحزاب الوسط والأحزاب التقليدية والحزب الحاكم و"فورزا إيطاليا" لديها مصلحة في تغيير قانون الانتخاب وعودته إلى النظام القديم، ويمكنها منع إجراء انتخابات مبكرة.

في هذه الحالة من سيكون رئيس وزراء إيطاليا المقبل؟

بعض الأسماء تُطرح لهذا المنصب منذ أسابيع، أما الاسم المقترح فهو بيير كارلو بادوان الذي يشغل منصب وزير المالية. اسم بادوان مطروح كخيار لتهدئة مخاوف المستثمرين، فلطالما كان بادوان الواجهة الأولى في التعامل مع تداعيات الأزمة الاقتصادية ومشكلات النظام المصرفي في إيطاليا. داريو فرانشيسكيني، وزير الثقافة، هو أيضًا أحد الأسماء المرجحة.

فيديريكو سانتي، أحد المحللين في مجموعة يوراسيا لندن، يقول إنه من المرجح أن تكون الشخصية التي ستحل محل رينزي من الحزب الديمقراطي والذي من شأنه أن يعتبر مقبولًا لدى العناصر الهامة داخل الحزب، وكذلك شركاؤه في الائتلاف الوسطي مثل أنجيلو ألفانو، وزير الداخلية، يمين الوسط.

اقرأ/ي أيضًا: أين ينتصر الشعبويون في العالم؟..ولماذا؟

ماذا عن برلسكوني؟ هل سيعود؟

بالطبع لن يعود لكن سيكون له دور مهم وربما كشريك بحصة أصغر في ائتلاف الحكومة الجديدة التي يقودها الحزب الديمقراطي. برلسكوني كان ضد التعديلات الدستورية، لكن الآن بعد استقالة رينزي من منصبه سيعمل على أن يكون جزءًا من التحالف المعارض للانتخابات المبكرة.

إذا استمرت مشاكل القطاع المصرفي في إيطاليا على نفس المنوال فإنه من الممكن جدًا أن يصل الأمر إلى التشكيك في فائدة الاتحاد الأوروبي

إلى متى ستستمر حكومة تصريف الأعمال؟

يتوقع محللون أنه ستقوم حكومة تسيير أعمال باستلام مقاليد الأمور في غضون أسابيع، أما رينزي فسيظل في منصبه حتى يتم تأمين حكومة جديدة بموافقة البرلمان وحتى يتم إقرار موازنة عام 2017.

هل تعامل ماتاريلا مع أزمات من هذا النوع في الماضي؟

منذ انتخابه عام 2015، لم يجد ماتاريلا نفسه أمام أزمة بهذا الحجم في البلاد، وهو الآن يفترض أن يكون طرفًا محايدًا قادرًا على اتخاذ القرارات التي تضمن المصلحة العليا للبلاد.

هل إيطاليا على طريق الخروج من منطقة اليورو؟

حركة الخمس نجوم تعتبر نفسها الفائز الرئيس في هذا الاستفتاء، وظلت لسنوات طويلة ترى ضرورة الاستفتاء حول العملة الموحدة، التي ترجع إليها الكثير من الصعوبات الاقتصادية في البلاد ولكن ليس من الواضح إذا ما كان الإيطاليون سيقدمون على هذه الخطوة الراديكالية بعد.

هل فكرة الخروج من منطقة اليورو ستحدث على أي حال؟

إنه من الصعب القيام بهذه الخطوة وحركة الخمس نجوم تعي العوائق التي تقف في طريق ذلك. بموجب الدستور الإيطالي فإنه لا يُسمح للبلاد أن تتنصل من معاهداتها الدولية طوعًا أو كرهًا. وبالتالي يتطلب الأمر تعديلًا دستوريًا، والذي (كما رأينا) يمكن أن يكون من الصعب جدًا تمريره. للقيام بذلك، سوف تحتاج قوى "مكافحة اليور"و إلى الفوز بأغلبية الثلثين في مجلسي الشعب والشورى، وحتى لو تمكنوا من تأمين كل هذه الأصوات، يمكن أن تقع القضية في نهاية المطاف بيد المحكمة الدستورية لتنظر فيها.

ماذا يعني هذا التصويت للنظام المصرفي في إيطاليا؟

البنوك الآن مثقلة بالديون، بما في ذلك بانكي مونتي دي باشي وبنك سيينا، أحد أكبر البنوك في إيطاليا، وتمثل تلك الديون أكبر تهديد لبطء الانتعاش الاقتصادي في إيطاليا. واستقالة رينزي تجعل من المستبعد جدًا أن تتمكن الحكومة من تفعيل إصلاحات جديدة كبيرة. وإذا استمرت مشاكل القطاع المصرفي في إيطاليا على نفس المنوال فإنه من الممكن جدًا أن يصل الأمر إلى التشكيك في الاتحاد الأوروبي وفائدته لإيطاليا.

اقرأ/ي أيضًا: 

اليمين الفرنسي ينادي فيون من بعيد: فخامة الرئيس

هل تحكم الشعبوية المجتمع الغربي؟