16-فبراير-2024
المجاعة تتفاقم في قطاع غزة

(Getty) المعاناة من المجاعة تتصاعد بشكلٍ كبير في قطاع غزة

"علاج مش متوفر، أكل مش متوفر، ملبس مش [غير] متوفر.. والله نفسي أشوف بندورة.. الشعب جاع.. أطفال جاعت"، بهذه الكلمات لخصت سيدة غزية في شمال قطاع غزة، الحالة التي يعيشها حوالي 500 ألف فلسطيني، في ظل مجاعة حقيقية، تعيشها مدينة غزة وشمال القطاع، مع استمرار الاحتلال في منع وصول المساعدات.

وأضافت سيدة أخرى من مخيم الشاطئ، في مقابلة مع التلفزيون العربي: "مي للشرب مفش [غير موجودة].. بتلف بتحاول توفر أي إشي للأطفال.. وفش أي إشي [لا يوجد شيء].. أحنا كل ذنبنا وجودنا في أرض محتلة.. الحصار موتنا". وبحسب ما توفر من معلومات، فإن الاحتلال يواصل منع دخول الدقيق إلى شمال قطاع غزة، إذ لم يعمل فيه أي مخبز منذ أسابيع.

جميع أهالي غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة يصنفون الآن على أنهم يواجهون إما أزمة أو حالة طوارئ أو مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي

من جانبها، تقول المنظمة البريطانية "أكشن إيد" الخيرية، إن أزمة الجوع في غزة وصلت إلى "مستويات غير مسبوقة. حيث لم يعد لدى الناس حتى علف الحيوانات ليأكلوه".

وقالت إن "أزمة جوع غير مسبوقة ويمكن تجنبها تمامًا" أدت إلى أن "يعاني كل شخص في المنطقة الآن من مستويات شديدة من الجوع"، محذرةً من أنه "على الرغم من كآبة الصورة، فإن الأمور ستزداد سوءًا إلى حد كبير" إذا واصلت إسرائيل خططها لعملية عسكرية كاملة في رفح.

وأوضحت ريهام الجعفري، منسقة المناصرة والاتصالات في منظمة أكشن إيد- فلسطين: "إنه لأمر مروع أن نرى العالم يقف متفرجًا بينما يتضور شعب غزة جوعًا ببطء في كارثة يمكن تجنبها تمامًا". 

وأضافت أن، الحكم الأخير لمحكمة العدل الدولية "ينص بوضوح على ضرورة تسهيل إمداد غزة بالمساعدات الإنسانية، ولكن بدلًا من ذلك، أصبح الناس أكثر جوعًا يومًا بعد يوم".

وأكدت الجعفري على أن الوضع أكثر كآبة في شمال غزة، حيث انقطعت المساعدات الإنسانية عن حوالي 300,000 شخص بشكل شبه كامل، مشيرةً إلى أن "علف الحيوانات، هذا البديل السيئ ينفد تمامًا". موضحةً: "رغم كآبة الصورة، فإن الأمور سوف تتفاقم إلى حد كبير إذا واصلت إسرائيل تنفيذ خططها للقيام بعملية عسكرية كاملة في رفح، التي تشكل المركز الرئيسي لتوزيع المساعدات في القطاع بأكمله. وسوف تتوقف عمليات الإغاثة بشكل كامل، مما يحرم مئات الآلاف من الأشخاص من شريان الحياة".

وتابعت بالقول: "العواقب لا يمكن تصورها. ويتعين على الحكومات في مختلف أنحاء العالم أن تبذل كل ما في وسعها لمنع وقوع المزيد من الهجمات في رفح، والضغط من أجل التوصل إلى وقف دائم وفوري لإطلاق النار. إنها الطريقة الوحيدة لوقف القتل العشوائي للمدنيين، والسماح بدخول المساعدات إلى غزة وتوزيعها بأمان على نطاق واسع لمنع المجاعة وتفشي الأمراض الفتاكة".

وأشارت منظمة أكشن إيد، إلى أنه بالإضافة إلى تضاؤل ​​وعدم انتظام إمدادات الغذاء التي يمكن للناس شراؤها، فإن الأسعار مرتفعة للغاية أيضًا. 

وقالت هبة، وهي أم نازحة تقيم الآن في الفصل الدراسي في ملجأ كان بالأصل مدرسة مع عائلتها، للمؤسسة الخيرية: "الأسعار غالية. إذا اشتريت كيلو من العدس بكلفك 20 شيكلًا [6 دولارات]. وكان في الأصل 10 شواكل [3 دولارات]. سعر الخميرة 35 شيكلًا [10 دولارات]. وبصعوبة، يجلبون لنا قسائم [طعام] لكنها ليست كافية... يقدمون لنا فقط علبة من الفاصوليا وعلبة من الحمص لعائلة مكونة من سبعة أفراد".

وأوضح البيان: "نقص الوقود وغاز الطهي يعني أن الأسر تحرق أي شيء يمكن أن تجده لطهي الطعام القليل الذي لديهم".

وقالت سهاد، وهي أم نازحة تبلغ من العمر 23 عامًا وتقيم على الشاطئ في خيمة مع عائلتها، للمؤسسة الخيرية: "احنا بنعيش على الرمال، والآن نحرق البلاستيك لنطبخ. لم نجد شيئًا نأكله. لم نجد ما نطعم به أطفالنا".

ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة يصنفون الآن على أنهم يواجهون إما أزمة أو حالة طوارئ أو مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي. 

وتوضح منظمة أكشن إيد، أن حجم المساعدات المسموح بدخولها إلى غزة كل يوم "غير كاف بشكل مخجل" ويجب "زيادته على الفور".

ووفقًا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، منذ بداية عام 2024، خطط الشركاء في المجال الإنساني لـ 77 مهمة لتقديم المساعدات وإجراء التقييمات للمناطق الواقعة شمال وادي غزة. ومن بين هذه المهام، قامت السلطات الإسرائيلية بتسهيل 12 مهمة فقط، مع منع ما تبقى أو عدم إكمال مهمتها.

وشملت البعثات التي تم تسهيلها في المقام الأول توزيع الأغذية، في حين ظل منع وصول البعثات لدعم المستشفيات والمرافق الحيوية التي توفر خدمات المياه والنظافة والصرف الصحي من بين تلك البعثات التي تم منعها بأغلبية ساحقة.

منظمة أكشن إيد: "نقص الوقود وغاز الطهي يعني أن الأسر تحرق أي شيء يمكن أن تجده لطهي الطعام القليل الذي لديهم"

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، كشف عن منع وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريش، شحنة دقيق تمولها الولايات المتحدة من الدخول إلى غزة، لأن الجهة المتلقية لها هي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وبحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي، قال مسؤولون أمريكيون إن هذا انتهاك لالتزام قطعه بنيامين نتنياهو شخصيًا للرئيس الأمريكي بايدن قبل عدة أسابيع، وسبب آخر لـ"إحباط الزعيم الأمريكي من رئيس الوزراء الإسرائيلي".