01-فبراير-2024
حياة صعبة في قطاع غزة

(Getty) ترسم التقارير الحقوقية صورة صعبة للظروف الحياتية في قطاع غزة

تزداد الحالة الإنسانية في قطاع غزة صعوبة مع وصول ذروة شهر الشتاء، واستمرار العدوان الإسرائيلي، وتطوره إلى مناطق تحتوي على مئات آلاف العائلات النازحة، مع مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي، وغياب المعدات الأساسية، من أجل توفير خيام مؤقتة للعيش فيها، خلال النزوح.

وترسم التقارير الحقوقية صورة صعبة للظروف في قطاع غزة، في ظل انخفاض مستويات المساعدات، وقلة التمويل، وهي أمور مهددة بالتفاقم، في ظل قرار عدة دول بقطع تمويل الأونروا.

لا يزال هناك حوالي 6000 مريض على قائمة الانتظار لإجلائهم خارج غزة للحصول على الرعاية الطبية المتخصصة

وبحسب تحديث جديد صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن الحالة الإنسانية في قطاع غزة مهددة بشكلٍ كبير، وتحتاج إلى تحرك عاجل وسريع من أجل تقليل مستويات المجاعة في القطاع المحاصر، وتوفير أساسيات الحالية.

نزوح فوق النزوح

مع تواصل عمليات الاحتلال العسكرية في قطاع غزة، أفادت الأونروا في 31 كانون الثاني/يناير، أن حوالي 184,000 شخص قد قاموا بالتسجيل للحصول على المساعدة الإنسانية في الضواحي الغربية لخانيونس، بعد نزوحهم من غرب مدينة خانيونس، مع تصاعد عدوان الاحتلال وإصدار أوامر الإخلاء. وهذا أجبر الأونروا على نقل خدماتها من غرب خانيونس، مما ادى إلى خسارة المراكز الصحية والملاجئ.

في 29 كانون الثاني/يناير، أمر الجيش الإسرائيلي سكان أحياء النصر والشيخ رضوان ومخيم الشاطئ للاجئين والرمال الشمالي والجنوبي وحي الصبرة والشيخ عجلين وتل الهوى في غرب مدينة غزة بالإخلاء باتجاه الجنوب. وشمل الأمر الجديد مساحة قدرها 12.43 كيلومترًا مربعا، أي ما يعادل 3.4% من إجمالي مساحة قطاع غزة. وكانت هذه المنطقة موطنًا لما يقرب من 300,000 فلسطيني قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، وبعد ذلك ضمت 59 ملجًأ يأوي ما يقدر بنحو 88,000 نازح داخليًا. 

وأعلن جيش الاحتلال، أوامر الإخلاء هذه مرة أخرى في 30 كانون الثاني/يناير. ومنذ 1 كانون الأول/ديسمبر، عندما بدأ الجيش الإسرائيلي بإصدار أوامر للناس بالإخلاء من مناطق محددة، تم وضع 158 كيلومترًا مربعًا، أي ما يعادل 41% من قطاع غزة، تحت هذه الأوامر. وكانت هذه المنطقة موطنًا لـ 1.38 مليون فلسطيني قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، وبالتالي أصبحت تحتوي على 161 مأوى تستضيف ما يقدر بنحو 700,750 نازحًا.

واعتبارًا من 26 كانون الثاني/يناير، هناك ما يقدر بنحو 1.7 مليون نازح في غزة. وقد نزح الكثير منهم عدة مرات، حيث اضطرت العائلات إلى التنقل مرارًا وتكرارًا بحثًا عن الأمان.

حالة صحية هشة

رغم وصول بعثة إنسانية إلى مستشفى ناصر في خانيونس، يوم 29 كانون الثاني/يناير، وإيصال الإمدادات الطبية الأساسية إلى 1000 مريض. ومع ذلك، في 30 كانون الثاني/يناير، تأخر تسليم الطعام إلى مستشفى ناصر عند حاجز إسرائيلي.

ومع وقوع مستشفى ناصر تحت الحصار، انتقل من عمله جزئيًا إلى الحد الأدنى، مما يعكس "التفكيك غير المبرر والمستمر للنظام الصحي"، بحسب تقرير "أوتشا". واستمر في العمل 14 مستشفى بشكلٍ جزئي، من أصل 36 مستشفى في غزة.

وأضاف تحديث "أوتشا" الأخير: "هناك حاجة ماسة إلى خدمات الرعاية الصحية الأولية في الملاجئ غير الرسمية في جميع أنحاء قطاع غزة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التحصين الروتيني والرعاية الجنسية والإنجابية، وأدوية الأمراض غير المعدية أمور ضرورية لتلبية الاحتياجات الطبية للسكان. وسيكون إنشاء مستشفيات ميدانية في مناطق مختلفة من قطاع غزة بمثابة عامل تمكين حاسم لتلبية الاحتياجات الطبية للسكان المحليين".

ومع ذلك، لا يزال هناك حوالي 6000 مريض على قائمة الانتظار لإجلائهم خارج غزة للحصول على الرعاية الطبية المتخصصة. وأوضح التحديث: "هناك حاجة ملحة لمعدات المختبرات والكواشف لتمكين التشخيص والاختبار الدقيق؛ ووحدات الدم لدعم الإجراءات الطبية والعمليات الجراحية؛ وممر إنساني لإحالة المرضى ذوي الحالات الحرجة من مستشفى ناصر إلى المستشفى الميداني الأردني في خانيونس. كما تحتاج المرافق الصحية، بما فيها المستشفيات، بشكل عاجل إلى الوقود والإمدادات الطبية والغذاء لمواصلة تقديم الخدمات الطبية في جميع أنحاء قطاع غزة". 

يأتي ذلك، مع حصار الاحتلال مستشفى الأمل واقتحامه الليلة الماضية، ووضع مستشفى ناصر والخير تحت الحصار، واقتحام مستشفى الشفاء في مدينة غزة.

جباليا بدون وقود

أفادت تقارير إعلامية اليوم صباحًا، بانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من معظم شمال قطاع غزة، ولكن حتى نشر التحديث، أفادت "أوتشا" بعد قدرة المؤسسات الإنسانية على الوصول إلى جباليا، وتقديم الوقود.

كما تم الإبلاغ في مخيم جباليا عن فيضانات الصرف الصحي في 5 كانون الثاني/يناير. ويقدر أن ما لا يقل عن 100000 نازح يقيمون في ملاجئ الأمم المتحدة والملاجئ العامة في هذه المنطقة. 

ويقول التقرير: "يواجه معظم الشركاء نقصًا في الموارد، مع عدم الالتزام بتمويل جديد، لا سيما في المخيمات والمناطق الأخرى التي يستقر فيها العديد من النازحين. اعتبارًا من 29 يناير، تم تمويل 27% فقط من متطلبات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية (148.6 مليون دولار)".

صورة قاتمة

وبحسب التقديرات، فإنه ونتيجة القصف الإسرائيلي، لن يجد أكثر من 650000 شخص لن يكون لديهم منزل يعودون إليه، وأن الكثيرين لن يتمكنوا من العودة على الفور، بسبب مستوى الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المحيطة، فضلًا عن المخاطر التي تشكلها مخلفات الحرب القابلة للانفجار. 

ويقدر بأن كمية الأنقاض الناتجة عن تدمير الوحدات السكنية بالقصف الإسرائيلي ستتجاوز 8000000 طن متري وستستغرق إزالتها أكثر من ثلاث سنوات، نظرا لقدرات غزة الحالية.

نقص في الخيام

وبحسب التحديث الأخير، فإن العائلات النازحة في ملاجئ طوارئ رسمية أو غير رسمية، تفتقر إلى المقومات الأساسية للحياة. ويضيف التحديث: "هناك حاجة ماسة إلى الخيام والمقاطع الخشبية وأغطية القماش المشمع للسماح للمجتمعات النازحة بحماية نفسها وأطفالها من الظروف الجوية القاسية والتقليل من الاكتظاظ والظروف غير الصحية في الملاجئ المؤقتة الحالية".

كما أن الملاجئ غرقت في المياه خلال الأيام الماضية الممطرة، وهي تحتاج إلى المساعدة بشدة على مستوى توفير المأوى، وحتى 29 من الشهر الماضي، لم يتم تمويل سوى 24% من الاحتياجات الأساسية المطلوبة. 

وهناك نقص كبير في جميع المواد غير الغذائية الأساسية للنازحين داخل وخارج الملاجئ. ويشمل ذلك 50000 خيمة عائلية شتوية، و200000 من الأغطية، و200000 مجموعة ملابس شتوية، وأخشاب خشبية لدعم النازحين داخليًا في إنشاء ملاجئ ذاتية البناء.

تم الإبلاغ في مخيم جباليا، عن فيضانات الصرف الصحي في 5 كانون الثاني/يناير. ويقدر أن ما لا يقل عن 100000 نازح يقيمون في ملاجئ الأمم المتحدة والملاجئ العامة في هذه المنطقة

انعدام الأمن الغذائي

وحسب التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC): يواجه 2.2 مليون شخص خطر المجاعة الوشيك.  وحوالي 378000 شخص في المرحلة الخامسة (مستويات كارثية). وتشير المرحلة الخامسة، إلى النقص الشديد في الغذاء، والجوع، واستنفاد قدرات التكيف. وحوالي 939000 شخص في المرحلة الرابعة (مستويات الطوارئ). 

ونظراً للمخزون والتمويل، لا تستطيع وكالات الإغاثة تلبية سوى 25% من الاحتياجات الغذائية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في الشهرين المقبلين. وبدون تمويل فوري واستجابة موسعة، فإن حوالي 375000 شخص معرضون لخطر نقص التغذية الحاد.