16-مايو-2023
Getty

الصحف الغربية تعبر عن انحيازات واضحة للمعارضة التركية (Getty)

شكلت الصحافة الغربية وتعاطيها مع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية، ساحة تسبّبت بالكثير من النقاشات والجدل، نظرًا للانشغال الضخم في الانتخابات، والتعويل الكبير على مرشح المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو.

حضور الصحافة الغربية في الانتخابات، دفع أردوغان والعديد من أعضاء حزبه لانتقادها والحديث عنها 

ومع ترقب نتائج الانتخابات والتعويل الكبير على المعارضة التركية، جاءت نتائج الانتخابات بشكلٍ مختلف، ورغم عدم حسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى، والانتقال إلى جولة إعادة، إلّا أن النتيجة جاءت عكس كافة التوقعات، وبالأخص لدى الصحف الغربية.

تراجع الإيكونوميست

كانت صحيفة الإيكونوميست البريطانية، الأبرز في هجومها على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي وضعت كل تعويلها على مرشح المعارضة التركية، وسط دعوة صريحة للتصويت لها، انعكس في غلاف المجلة وتغيير صورة غلافها على تويتر.

ومع ظهور النتائج النهائية للانتخابات، قامت صحيفة الإيكونوميست البريطانية على بتغيير غلاف حسابها على تويتر، الذي كان يحمل عبارة "أردوغان يجب أن يذهب" إلى صورة تنين.

كمخنتال

وعلقت الإيكونوميست على النتائج، واصفةً إياها بـ"أسوأ نتيجة تصورتها قوى المعارضة في البلاد"، وأضافت أن نتائج كليجدار أوغلو "جاءت مخيِّبة لأنصاره في الداخل والخارج". 

وتابعت الصحيفة: "يبدو أن أردوغان المرشح الأوفر حظًا للفوز بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية". ومع ذلك أشارت إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "لم يتمكّن من بلوغ عتبة الحسم في الانتخابات لأول مرة منذ مدة طويلة".

نتائج غير مرضية

أمّا صحيفة الغارديان البريطانية، فقد كتبت افتتاحيتها بعنوان "نتائج الانتخابات التركية: خطوة نحو الاستبداد؟". وافتتحت مقالها، بالقول: "في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية في تركيا يوم الأحد، بدا أن هناك أسبابًا وجيهة للاعتقاد بأن الناخبين كانوا على وشك إدارة ظهورهم للنزعة القومية الاستبدادية لرجب طيب أردوغان". مضيفةً: "لقد تبين للأسف أن هذا التفاؤل في غير محله". معتبرةً أن نتائج الانتخابات التركية: "ستؤدي إلى إحباط محاولات المعارضة لإعادة الديمقراطية البرلمانية إلى تركيا". 

وتتابع الصحيفة، مشيرةً إلى أن جولة الانتخابات الثانية المقبلة من غير المرجح أن تعكس الواقع مع فوز العدالة والتنمية في البرلمان، قائلةً: "من المرجح الآن أن يمدد السيد أردوغان حكمه الاستبدادي المتزايد إلى عقد ثالث".

Getty

وتستمر الصحيفة في الافتتاحية، قائلةً: "بالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة، اللتين كانتا تأملان في أن يؤدي فوز المعارضة إلى تحول تركيا أكثر نحو الغرب، فإن خمس سنوات أخرى من حكم أردوغان ستكون تطورًا غير مرحب به للغاية -لا سيما قبل فترة حاسمة في أوكرانيا. بالنسبة لأولئك الذين من المحتمل أن يعانون من مزيد من التآكل لحقوقهم المدنية في ديمقراطية أردوغان غير الليبرالية بشكل متزايد، فإن الانتكاسة التي حدثت يوم الأحد هي خيبة أمل مريرة ونذير شؤم".

أمّا صحيفة صحيفة "ليبراسيون" اليسارية الفرنسية، فقد قامت بإجراء مقابلة مع الباحث بيرم بالسي، بعنوان "نتيجة الانتخابات الرئاسية التركية، معجزة حقيقية لأردوغان". قال فيها: "نعم، مندهش للغاية، وخائب الأمل. ولكن أيضًا أشعر بالخجل شخصيًا، لأنني أرى أنني لم أفهم الناخبين الأتراك". وأضاف: "أشعر وكأنني وقعت في فخ القراءات المناهضة لأردوغان بين مثقفي المعارضة في اسطنبول. تبدو لي نتيجة الانتخابات الرئاسية معجزة حقيقية بالنسبة له". 

بدورها، نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرًا لمراسلها في إسطنبول، تحت عنوان "أردوغان في موقع قوة قبل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية"، أكد فيه أن نتائج الجولة الثانية لن تكون حاسمة لجهة من سيقود تركيا فقط. ولكن أيضًا لتوجه السياسة الخارجية، لا سيما في علاقاتها مع الحلفاء التقليديين، ومع روسيا. 

من جهتها، نشرت صحيفة "الواشنطن بوست"، مقالة رأي، تشير إلى أن تقدم أردوغان في الانتخابات، يعود لسنوات حكمه الطويلة، التي مكنته من "تعزيز قوته الناعمة، وفهم دقيق لمزاج للناخبين، والاستفادة من سلطته الهائلة ونفوذه للقيام بحروب ثقافية وشيطنة للمعارضة". 

Getty

ورغم اعتراف المقال بنزاهة الانتخابات، إلا أنه حاول تقديم تبرير لنتائج الانتخابات، بالقول: إن "القيود المستمرة على الحريات الأساسية في التجمع، وتكوين الجمعيات والتعبير عن الرأي، أعاقت مشاركة بعض السياسيين والأحزاب المعارضة، والمجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة في العملية الانتخابية".

أما صحيفة "نيويورك تايمز"، فهي الأخرى لم تنشر افتتاحية لها، ولكنها من خلال مقال رأي، أشارت إلى أن نتائج الانتخابات، تظهر أن سلطة أردوغان تنحسر، لكنها لم تنكسر. واعتبرت أن ذلك نتيجة عدم الإعجاب بإدارته المالية والتشدد في مواقفه، وإحكام قبضته على السلطة، والتضييق على حرية الصحافة.

ولم يكن تعليق صحيفة "وول ستريت جورنال"، استثناءً على التوجه العام بالصحف الغربية في قراءة نتائج الانتخابات. فقد تحدثت الصحيفة الامريكية، عن أن النتائج الأولية أثارت المخاوف، وتراجعت أسعار الأسهم والسندات التركية. وقام المستثمرون الأجانب بسحب الأموال من تركيا. وأشارت "وول ستريت جورنال"، أنه يمكن أن يكون لنتائج الانتخابات التركية آثارًا مضاعفة في الداخل، إذ يواجه أردوغان غضبًا من السياسات الاقتصادية التي تركت العديد من الأتراك في حالة فقر، فضلًا عن الاستياء من التحركات الرامية إلى إحكام قبضته على السلطة وتقويض المؤسسات الديمقراطية في البلاد.

من جانبها، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، افتتاحية بعنوان "تركيا تذهب إلى جولة الإعادة: فشل أردوغان في تحقيق نصر نظيف على الرغم من الأفضلية".

نتيجة الانتخابات التركية، لم تتوافق وتوقعات الصحف الغربية 

وافتتح المقال، بالقول: "أظهر ناخبو تركيا الذين طالت معاناتهم في الانتخابات الرئاسية يوم الأحد أنهم يريدون التغيير، حيث صوتت الأغلبية ضد منح الرئيس رجب طيب أردوغان فترة ولاية أخرى. لكن شاغل المنصب قد يستمر في الفوز لأنه يستغل سيطرته الاستبدادية على المؤسسات التركية".