09-مايو-2023
Getty

للانتخابات التركية انعكاسات واسعة في السياسة الخارجية (Getty)

تبدو الأنظار مسلطة أكثر من أي وقت مضى على الانتخابات الرئاسية والتشريعية التركية المزمع تنظيمها بعد أقل من أسبوع في الرابع عشر من أيار/مايو الجاري، فهي الانتخابات التي ستكون لها تأثيرات واسعة في العالم نظرًا للدور التركي الواسع في عدة ملفات دولية وإقليمية.

تعترف الصحيفة الأمريكية أنه في ظل حكم أردوغان "نما دور تركيا كوسيط إقليمي ودولي وكقوة لا يستهان بها"

وبحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تعد الانتخابات التركية الراهنة "أخطر تحدٍ سياسي يواجهه أردوغان منذ فوز حزبه الكاسح في انتخابات عام 2002"، إلا أن الصحيفة تلاحظ، أنه على الرغم من الانتقادات التي تطال أردوغان من طرف خصومه، إلّا أنّه يمتلك شعبيةً كبيرة بين قاعدته.

وتعترف الصحيفة الأمريكية أنه في ظل حكم أردوغان "نما دور تركيا كوسيط إقليمي ودولي وكقوة لا يستهان بها"، وعلى ذلك الأساس، ستتم مراقبة نتائج الانتخابات عن كثب في جميع أنحاء الشرق الأوسط وحول العالم. 

.

وعلى مدار الأشهر الماضية، كانت تركيا الاسم الأبرز في كافة المناقشات التي تخص حلف الناتو، بعدما تمكنت من عرقلة انضمام السويد إليه، والموافقة على دخول فنلندا بعد معارضة طويلة.

كما لعبت دورًا في حرب أوكرانيا، حيث ساهمت بشكلٍ كبير في اتفاق نقل الحبوب، من أوكرانيا إلى العالم، وحاولت استضافة مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، ومما سبق يتضح انعكاس الانتخابات التركية على ملفات عدة بالمنطقة والعالم.

Getty

ماذا تعني الانتخابات لأوروبا وحلف شمال الأطلسي؟

وبحسب صحيفة واشنطن بوست فإنه ربما لن تراقب أي دولة أوروبية الانتخابات التركية عن كثب أكثر من السويد، التي عرقل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سعيها للانضمام إلى عضوية حلف الناتو.

وعلى الرغم من أن تركيا صوتت الشهر الماضي للسماح لفنلندا بالانضمام إلى التحالف العسكري -مما أدى إلى مضاعفة الحدود البرية لحلف الناتو مع روسيا - إلا أن أردوغان يواصل إعاقة محاولة السويد للحصول على العضوية، بذريعة رفض ستوكهولم تسليم "الإرهابيين" المنتسبين إلى حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيًا في تركيا. إلى جانب حملة عنصرية في السويد، تمثلت في إحراق نسخ من القرآن أمام السفارة التركية.

في مقابل موقف أردوغان الممانع لانضمام السويد، لفتت واشنطن بوست النظر إلى تصريح سابق آذار/مارس لكبير مستشاري السياسة الخارجية لكيليتشدار أوغلو، أونال سيفيكوز، لمجلة بوليتيكو قال فيه "إنه لن يقف في طريق طموحات السويد لحلف شمال الأطلسي". 

كما وعد كيليجدار أوغلو بتنشيط علاقات تركيا المتوترة مع الاتحاد الأوروبي، مما يزيد من احتمالية إلغاء تجميد محادثات الانضمام المتوقفة منذ فترة طويلة والتأكيد على أهمية تعميق العلاقات الاقتصادية والتعاون بشأن الهجرة واللاجئين، وعلى ذكر الهجرة واللجوء، أصبحت تركيا نقطة "عبور" رئيسية منذ عام 2011 للفارّين من القصف والمجاعة التي فرضها النظام السوري بقيادة بشار الأسد بعد قمعه الوحشي للثورة السورية في عام 2011، مع الإشارة إلى أن تركيا "تستضيف الآن ما لا يقل عن 4 ملايين لاجئ وطالب لجوء سوري". 

Getty

ويشكل هؤلاء مصدر "قلق" للاتحاد الأوروبي، خاصة أنه كثيرًا ما استخدموا من طرف المسؤولين الأتراك، سواء في الحكم أو في المعارضة، كورقة ابتزاز ضد الأوروبيين، فضلًا عن كون اللاجئين السوريين أصبحوا فريسة لسهام السياسيين القوميين المتطرفين في تركيا، حيث يلقون باللائمة عليهم فيما يخص المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد التركي، وعلى الرغم من أن أردوغان طالما وجّه اللوم لأولئك الذين يجعلون من اللاجئين هدفًا لسهام نقدهم، فإنه رضخ أخيرًا للضغط، من خلال وعده بإعادة توطين مليون سوري في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الشمال.

وحتى عندما قال كيليتشدار أوغلو إنه سيحاول إصلاح سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان، فقد أصدر العديد من الملاحظات نفسها التي قالها أردوغان بشأن سياسة اللاجئين، بتأكيده أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يوفر الأموال للمقاولين الأتراك لإعادة بناء أجزاء من سوريا لإعادة التوطين. مهددًا الأوروبيين في حال عدم دفع الأموال "بفتح الأبواب أمام اللاجئين للذهاب إلى أي مكان يريدون".

ماذا تعني الانتخابات بالنسبة للحرب الروسية في أوكرانيا؟

بعد الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي، قدمت تركيا نفسها على الفور كوسيط، واستضافت جولة أولية من المحادثات الدبلوماسية بين موسكو وكييف، إلا أن تلك الجهود تلاشت مع اشتداد حدة الصراع، ولعل أهم نتيجة قاد إليها التدخل التركي في الأزمة هو اتفاق الحبوب الذي تم بوساطة الأمم المتحدة بين كييف وموسكو في الصيف الماضي، حيث استضافت أنقرة توقيع الاتفاقية التي قضت بإعادة شحنات الحبوب التي كانت روسيا قد حظرتها.

اقتضى ذلك الموقف مقاومة أنقرة مساعي ضمها إلى العقوبات الغربية ضد روسيا، لكن أردوغان سمح مع ذلك ببيع طائرات مُسيّرة لأوكرانيا، وهي طائرات تم استخدامها ضد أهداف روسية في الحرب. لكن في المقابل استمر أردوغان في استيراد النفط الروسي واقترح في آذار/مارس أن يزور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تدشين أول مفاعل نووي في تركيا في نيسان/أبريل لكن بوتين اكتفى بدلًا من الحضور بالمشاركة عبر الفيديو.

وبحسب صحيفة واشنطن بوست فإنه ربما لن تراقب أي دولة أوروبية الانتخابات التركية عن كثب أكثر من السويد

ذات السياسة يبدو أنه متفق عليها بين أردوغان ومنافسه الرئيسي كليجدار أوغلو الذي تعهد بأنه في حالة انتخابه رئيسًا، فإنه سيحافظ على "استمرار سليم وذو مصداقية للعلاقات التركية الروسية"، كما سيواصل العمل كوسيط وسيحرص على تمديد صفقة الحبوب مع إعطاء الأولوية لمكانة أنقرة كعضو في الناتو.