11-أغسطس-2021

ينتقل الفيروس للإنسان عبر خفافيش الفاكهة (Getty)

يبدو أن صراع البقاء بين الإنسان والفيروسات سيبقى مستعراً كما كان على مر العصور، ويعد فيروس ماربورغ دليلًا على استمرارية هذا الصراع.

ينتمي فيروس ماربورغ لنفس عائلة فيروس إيبولا الذي ظهر لأول مرة عام 1976 في السودان والكونغو، وانتشر منهما إلى العديد من بلدان العالم، و تسبب في حدوث أكثر من فاشية كان أشدها فاشية عام 2014 في غرب إفريقيا، إلى أن اعتمدت منظمة الصحة العالمية لقاح إيبولا لأول مرة عام 2019. وبعد شهرين فقط من إعلان منظمة الصحة العالمية انتهاء التفشي الثاني لفيروس إيبولا في غينيا أبلغت وزارة الصحة الغينية يوم 6 آب 2021 عن حالة مؤكدة للإصابة بمرض ماربورغ.

 صراع البقاء بين الإنسان والفيروسات سيبقى مستعراً كما كان على مر العصور، ويعد فيروس ماربورغ دليل على استمرارية هذا الصراع

تعد الحالات قليلة، ولكن الفيروس مصر على تذكيرنا دائما بوجوده إذ يظهر بين عام وآخر في عدد قليل من الحالات أكثرها كان عام 2005 في أنغولا حيث أصيب 252 شخصًا توفي منهم 227 مريضًا.

تم التعارف الأول بين الإنسان و هذا الفيروس عند ظهور حالات حمى نزفية في مدينة ماربورغ  الألمانية، عام 1967، و تم إيجاد سلالة فيروسات خيطية في دم المصابين سميت ماربورغ نسبة للمدينة الألمانية، وظهرت حالات أخرى بالتزامن في صربيا و بلغراد.

جزئيات فيروس ماربورغ (Getty)

يندرج فيروس ماربورغ من نفس عائلة إيبولا حيث ينتقل كلاهما للإنسان من الحيوانات المصابة، خاصة خفافيش الفاكهة و سعادين الهجرس، وتنتقل العدوى بين البشر عن طريق سوائل الجسم، إما بالاتصال الجنسي غير الآمن، أو ملامسة سوائل المصاب لجلد متشقق لشخص سليم، أو عن طريق الإصابة بأداة حادة ملوثة بإفرازات شخص مصاب.

تصف منظمة الصحة العالمية فيروس ماربورغ بشديد الخطورة، وتصنفه مراكز مكافحة الأمراض واتقائها على أنه عامل إرهاب بيولوجي تصنيف أ.

    وفيات جديدة بفيروس ماربورغ 

    قالت منظمة الصحة العالمية مطلع الأسبوع الجاري إن شخصين توفيا بعد أن ثبتت إصابتهما بعدوى فيروس ماربورغ في منطقة أشانتي الجنوبية من غانا، بعد تأكيد إصابتهما بالفيروس عبر فحص عينات من الدم في مختبرات رسمية معتمدة. هذا الفيروس الجديد قادر على التسبب بمرض شبيه بمرض إيبولا، إلا أنّه لا يتوفر لدى العالم اليوم لقاح قادر على التصدي له.

    المسؤولون في غانا أكدوا على اتخاذهم إجراءات أولية تتمثل بعزل المخالطين الذي تم التمكن من تحديدهم، أملًا في احتواء انتشار الفيروس الذي يبدو أنّه شديد العدوى. كما تواصلت السلطات المعنية مع منظمة الصحة العالمية لوضعها في صورة الوضع الوبائي المحتمل، وطلب المساندة وتقديم ما يلزم من الموارد المادية والبشرية للتعامل مع كارثة محتملة. 

    وقد أبدت السلطات الصحية في غانا اهتمامًا كبيرًا بالحالات التي تم رصدها، وشرعت سريعًا في الاستعداد لتفش محتمل مجهول العواقب لهذا الفيروس. وقد أثنت منظمة الصحة العالمية على سرعة الاستجابة من سلطات هذه الدولة الأفريقية، حيث قال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أفريقيا، ماتشيديسو مويتي، إن هذا أمر جيد لأنه بدون اتخاذ إجراء فوري وحاسم، يمكن لفيروس ماربورغ أن يخرج عن السيطرة بسهولة، على حد تعبيره. 

    وبحسب تقديرات أولية لمنظمة الصحة العالمية، فإنه يمكن أن تصل معدلات الوفيات الناجمة عن المرض إلى ما يقرب من 90 بالمئة. 

    ما هو فيروس ماربورغ؟ 

    تصنف ماربورغ باعتبارها حمى نزفية فيروسية نادرة، غير أنها شديدة العدوى، إذ تنتمي إلى نفس عائلة فيروس إيبولا، وهو الفيروس المعروف الذي تفشى في غرب إفريقيا على مدى سنوات، وراح ضحيته عدد كبير من الضحايا.  

    ووفق معلومات هيئة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC)، فإن فيروس ماربورغ هو فيروس حيواني المنشأ، ذو فرادة وراثية، وهو من سلالة الفيروسات الخيطية، والتي لا يعرف منها سوى الأنواع الستة من فيروس إيبولا الخطير.

    منظمة الصحة العالمية أعلنت أن معدل الوفيات المحتمل من الإصابة بعدوى فيروس ماربورغ يتراوح بين 24 إلى 88 بالمئة، وذلك بالاعتماد على النسخة المتحوّرة من الفيروس، ومدى الاستعدادت الوبائية في الدول التي قد ينتقل إليها الفيروس. 

    ووفق إحدى النظريات، فإن فيروس ماربورغ قد انتقل إلى البشر من خفافيش الفاكهة الأفريقية، نتيجة التعرض لها من قبل عمال المناجم.

    المرض لا ينتقل عبر الهواء

    بمجرد إصابة شخص ما بعدوى ماربورغ، فإنه يمكن للعدوى أن تنتقل للآخرين بسهولة، عبر الاتصال المباشر بالسوائل الجسدية للأشخاص المصابين مثل الدم أو اللعاب أو البول، وكذلك على الأسطح والمواد، كما ويمكن أن تظل الجثث معدية عند الدفن. وهو ما يزيد من المخاطر على العاملين في القطاع الطبي، بسبب تعاملهم المباشر والقريب مع المرضى. 

    ما هي الأعراض؟ 
    بحسب وصف منظمة الصحة العالمية، فإن المرض بعد الإصابة بالعدوى يبدأ على نحو "مفاجئ"، وتتنوع أعراضه على النحو التالي:

    • حمى شديدة
    • صداع شديد
    • توعك معوي
    • آلام العضلات والتشنجات العضلية 
    • الغثيان 
    • القيء 
    • الإسهال 

    وفي الحالات المتطورة للمرض، قد يتعرض المصاب للوفاة في غضون تسعة أيام من ظهور الأعراض، ويسبق ذلك فقدان للدم ونزيف، إضافة إلى اختلالات وظيفية قاتلة في الأعضاء. 

    كما أوضحت الهيئة الأمريكية للسيطرة على الأمراض، أنه المصاب بالعدوى قد يتعرض للطفح الجلدي على الصدر أو المعدة أو الظهر. وجميع هذه الأعراض المختلفة قد تجعل تشخيص حمى ماربورغ أمرًا صعبًا، ولاسيما أنها تتقاطع مع أمراض أخرى مثل الملاريا وحمى التيفوئيد.

    هل يتوفر علاج لمرض حمى ماربورغ؟ 

    لا تتوفر لقاحات أو علاجات معتمدة للتعامل مع فيروس ماربورغ. إلا أن الكشف المبكر عن المرض، والرعاية الجيدة للمرضى، قد تسهم في الوقاية من تفاقم الأعراض والحدّ من خطر الوفاة. وبحسب بعض خبراء الصحة، فإن بعض الأدوية المستخدمة في علاج إيبولا قد تكون فعالة في مقاومة حمى ماربورغ. 

    كيف تحمي نفسك من الإصابة بالمرض؟

    من الجيد أن الفيروس لا ينتشر عبر الهواء أو الرذاذ من شخص لآخر ولكن هذا لا يعني عدم التعامل بجدية في حال وجود إصابة في البيئة المحيطة، ومن الإجراءات الاحترازية الواجب اتباعها:

    منع الاتصال الجسدي مع الشخص المصاب وعدم استخدام أدواته الخاصة كالمنشفة وآلة الحلاقة وغيرها.

    • ارتداء القفازات والملابس الواقية عند التعامل مع الحيوانات.
    • غسل اليدين بشكل مستمر.
    • تغطية الجروح والعناية بنظافتها لمنع دخول الفايروس للجسم من خلالها.