08-سبتمبر-2023
gettyimages

الانقسامات ستلقي بظلالها على القمة 24 لمجموعة العشرين منذ تأسيسها في عام 1999 (Getty)

تنعقد في العاصمة الهندية دلهي يومي السبت والأحد 9 و10 أيلول/سبتمبر قمةُ مجموعة العشرين. وهيمنت قضيتان  على الفترة التي تسبق انعقاد القمة. القضية الأولى، تتمثل في الجهود التي تبذلها الدولة المضيفة لإبراز نفسها كقوة عظمى، خاصة أن الهند أصبحت أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان متجاوزة الصين، وكذلك خامس أكبر اقتصاد في العالم متجاوزة بريطانيا القوة المستعمرة سابقًا للهند؛ أما القضية الثانية التي استأثرت بالاهتمام فهي القرار المثير للجدل الذي اتخذه الرئيس الصيني شي جين بينغ بعدم الحضور، وهو فراغ سيستغله بايدن لمصلحته لمنافسة الصين في الجنوب العالمي، خاصة مع غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وإن كان غياب الرئيسين الصيني والروسي قد يكون مؤشرًا سلبيًا على استمرارية المجموعة التي تعد ناديا للدول الغنية، لمناقشة خطط الاقتصاد العالمي، وتمثل فيما بينها نحو 85 في المئة من الناتج الاقتصادي العالمي، و75 في المئة من التجارة العالمية. فضلًا عن كونها تضم ثلثي سكان العالم.

ترى صحيفة الغارديان أن الولايات المتحدة، الباحثة عن أي ميزة في المنافسة الجيوسياسية المستمرة مع الصين على النفوذ في الجنوب العالمي، عازمة على استغلال انسحاب شي جين بينغ المتأخر من الحضور لقمة العشرين في دلهي

وفي هذا الصدد ترى الغارديان، أنه من المحتمل أن تكون قمة هذا العام بمثابة لحظة نجاح أو انهيار للمنظمة التي تضم أغنى 19 دولة في العالم بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي ككتلة. خاصة أن أطرافًا دولية بارزة تندمج على نحو متزايد في صيغة البريكس الموسعة الآن، حيث تلعب الصين دورًا قياديًا.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد تحدث أمس الخميس، عن خطر حقيقي يتمثل في تفتيت النظام العالمي، في وقت تعاني منظمته (الأمم المتحدة) من الشلل بسبب الحرب في أوكرانيا.

هذه الانقسامات ستلقي بظلالها على القمة 24 لمجموعة العشرين منذ تأسيسها في عام 1999.

وهناك "خطر بالغ" من عدم صدور بيان مشترك لمجموعة العشرين، في قمتها المنعقدة بنيودلهي، وفي هذا الصدد يقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كامبريدج تريستن نايلور للغارديان، إنه "من الممكن أكثر من أي وقت مضى ألا يكون هناك بيان مشترك"، خاصة مع رفض كل من الصين وروسيا السماح بمناقشة مسألة أوكرانيا. 

وإحدى الأفكار المقترحة للخروج من هذا المأزق هي أن تقوم مجموعة العشرين بتكرار ما تم الاتفاق عليه في قمة مجموعة العشرين الأخيرة في بالي، لكن روسيا تقول إن التدخل الغربي كان مكثفًا للغاية منذ ذلك الحين لدرجة أن خط الأساس في بالي لا يمكن أن يصمد.

ويعتبر تريستن نايلور أنّ غياب بيان مشترك سيكون بمثابة خيبة أمل كبيرة للهند، لأنها عززت مكانتها من خلال كونها الدولة القادرة على العمل كوسيط نيابة عن الجنوب العالمي. 

وسبق لوزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جيشانكار، أن ألمح إلى خطورة الانقسامات، بالقول إنه لا ينبغي أبدًا النظر إلى مجموعة العشرين على أنها "ساحة لسياسات القوة، وإنما ساحة للتعاون"، مدّعيًّا أنه لم يقم أي مضيف سابق لمجموعة العشرين بالتشاور على نطاق واسع مع العالم النامي مثل الهند بشأن ما يراد نقاشه. معلنًا أنه تم طلب آراء 125 دولة. وكرمز لهذه الشمولية التشاورية، ستتمكن الهند من الإعلان عن منح الاتحاد الأفريقي مقعدًا دائمًا على الطاولة العليا لمجموعة العشرين.

وستسعى الهند المتحفزة إلى لعب دور عالمي ريادي إلى تحقيق إجماع حول إعادة هيكلة الديون أو التغير المناخي.

getty

ويرى تانفي مادان من معهد بروكينغز، في حديث لوكالة فرانس برس أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أراد "بطريقة ما، أن يجعل مجموعة العشرين مناسبة كبرى يحتفل فيها بحلول الهند على الساحة الدولية، كقوة كبرى ذات صوت مستقل وهو مقتنع بأن وقته قد حان"، خاصة أن واشنطن، ترى في الهند حليفًا طبيعيًا قادرًا على مواجهة دور الصين الذي يتزايد بقوة، مع الإشارة إلى وجود نزاع حدودي طويل الأمد بين نيودلهي وبكين.

وسيبذل جو بايدن كل ما في وسعه، حسب الغارديان، للإشادة بمودي بشأن المواضيع التي اختارها مثل التحول الرقمي، حيث تعتبر الهند الحليف الحاسم في صراع واشنطن مع الرئيس الصيني الغائب عن القمة.

الولايات المتحدة ستستغل غياب الصين

ترى صحيفة الغارديان أن الولايات المتحدة، الباحثة عن أي ميزة في المنافسة الجيوسياسية المستمرة مع الصين على النفوذ في الجنوب العالمي، عازمة على استغلال انسحاب شي جين بينغ المتأخر من الحضور لقمة العشرين في دلهي.

وفي هذا الصدد، تتم الإشارة إلى تصريحات جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، الذي قال "إنه إذا كان [الرئيس الصيني] شي يريد إفساد لحظة ناريندرا مودي الكبرى فالأمر متروك له"، مضيفًا أن الصين "تبدو وكأنها تهدر فرصة المشاركة بشكل بناء في حل المشاكل بشأن المناخ، وإصلاح بنوك التنمية المتعددة الأطراف، وتخفيف عبء الديون، ومسألة التكنولوجيا"، داعيًا الصين إلى أن "تطرح جانبًا المسائل الجيوسياسية وتركز على حل المشكلات وتقديم الخدمات للدول النامية".

ووعد سوليفان بأن الولايات المتحدة ستأتي إلى القمة ومعها "عروض قيّمة" بشأن تخفيف الديون والتكنولوجيا وإصلاح البنوك واتخاذ إجراءات بشأن أزمة المناخ.

ويركز النزاع حول أزمة المناخ، وفقا للهند، على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري والموعد الذي يمكن فيه مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات.

هذا وتقود الصين، حسب الغارديان، مجموعة تضم روسيا والمملكة العربية السعودية تعارض مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030 وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 60% بحلول عام 2035. 

ترى الغارديان، أنه من المحتمل أن تكون قمة هذا العام بمثابة لحظة نجاح أو انهيار للمنظمة التي تضم أغنى 19 دولة في العالم بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي ككتلة

ومن المرجح أن تقوم مجموعة العشرين أيضًا بتوسيع استخدام تمويل التحول المناخي لتغطية التكيف مع تغير المناخ.

وسوف تكون هناك أيضًا ضغوط على الدول الغنية للوفاء بالتزامها الذي قطعته على نفسها قبل ثلاث سنوات بتوفير 100 مليار دولار سنويا  لمساعدة الدول النامية على التكيف مع تغيرات المناخ.