05-سبتمبر-2023
الرئيس الصيني وقمة 20

قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إنه يشعر "بخيبة أمل" لأنه لن يرى الرئيس الصيني، شي جين بينغ في قمة مجموعة العشرين في الهند (Getty)

أعلنت وزارة الخارجية الصينية في بيان، يوم أمس الإثنين، أن رئيس الوزراء لي تشيانغ، سيحضر قمة مجموعة العشرين في نيودلهي التي تعقد نهاية الأسبوع الجاري. وهو ما يعني أن الرئيس الصيني، شي جين بينغ لن يحضر القمة. 

وفي أول رد فعل على الإعلان الصيني، علق الرئيس الأمريكي جو بايدن، قائلًا: إنه يشعر بخيبة أمل لأنه لن يرى الرئيس الصيني في القمة. ويحمل غياب شي جين بينغ عن قمة العشرين المنعقدة في نيودلهي عدة رسائل حسب المتابعين، خاصة أنّ هذه هي المرة الأولى التي لا يحضر فيها زعيم صيني قمة قادة مجموعة العشرين منذ انعقاد القمة الأولى في عام 2008، مع الإشارة إلى أن الرئيس الصيني سبق وأن حضر افتراضيًا لقمتين من قمم مجموعة العشرين عامي 2020 و2021 بسبب جائحة كورونا. 

واعتبر محللون أن عدم حضور شي جين بينغ قد يكون بمثابة ازدراء لدلهي العاصمة المضيفة التي تتورط الصين معها في نزاعات حدودية، أو جزء من استراتيجية صينية لرفع مستوى المجموعات المتعددة الأطراف الأخرى (على غرار بريكس) على تلك التي يُنظر إليها على أنها تهيمن عليها الولايات المتحدة.

اعتبر محللون أن عدم حضور شي جين بينغ قد يكون بمثابة ازدراء لدلهي العاصمة المضيفة التي تتورط الصين معها في نزاعات حدودية، أو جزء من استراتيجية صينية لرفع مستوى المجموعات المتعددة الأطراف الأخرى

فقد سافر شي مؤخرًا إلى قمة البريكس في جنوب أفريقيا، وهي كتلة يدفع بها الزعيم الصيني كبديل للمجموعات التي يقودها الغرب مثل مجموعة العشرين ومجموعة السبع.

وأمس الإثنين، أعلن المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الصينية ماو نينغ أن رئيس الوزراء الصيني سيرأس الوفد. في تأكيد على غياب الرئيس شي، فمن غير المرجح أن يكون أكبر زعيمين في الصين خارج البلاد في نفس الوقت، ناهيك عن حضور نفس الحدث.

وعلّق الخبير الصيني  وين تي سونج، لصحيفة الغارديان بالقول: "إن تخطي شي لنادي مجموعة العشرين الذي يهيمن عليه الغرب مباشرة بعد حضور قمة البريكس قد يكون توضيحًا مرئيًا للسردية التي يدافع عنها شي" حول أنّ "الشرق يصعد والغرب يتراجع". 

وقال سونج إن ذلك قد يكون أيضًا تجنبًا للقاء رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، أو موقفًا تضامنيًا مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، الذي لن يحضر أيضًا قمة العشرين، بسبب مذكرة الاعتقال الصادرة ضده من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وكان شي وبايدن، اللذان تحاول حكومتاهما إصلاح العلاقات بعد سنوات من تدهورها، التقيا شخصيًا آخر مرة في تشرين الثاني/نوفمبر، على هامش قمة مجموعة العشرين في إندونيسيا.

getty

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إنه يشعر "بخيبة أمل" لأنه لن يرى الرئيس الصيني، شي جين بينغ في قمة مجموعة العشرين في الهند، مشيرًا إلى أنه سيلتقي به في المستقبل.

واستبق بايدن انعقاد قمة مجموعة العشرين ورحلته إلى فيتنام، بالقول: "نريد مزيدا من التنسيق، وأعتقد إن الدول الأخرى تريد علاقة أوثق بكثير مع الولايات المتحدة ويمكنني أن أكون مفيدًا للغاية".

قمة تعاني من الانقسام

ووفق محرر الشؤون الاقتصادية في صحيفة "الغارديان" لاري إليوت، فإن "مجموعة العشرين تمزقها الصراعات وتكافح من أجل البقاء ذات صلة".

إذ تمثل مجموعة العشرين حوالي 80% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويجب أن تكون في وضع جيد للتوصل إلى اتفاق بشأن قضايا مثل أزمة المناخ والاستقرار المالي وتخفيف عبء الديون عن أفقر دول العالم. ويعلق إليوت على ذلك، بالقول: "في الواقع، كان سجلها متواضعًا، ومنذ ذروة التعاون التي تم التوصل إليها في لندن في عام 2009، وأصبح من الصعب على نحو متزايد التوصل إلى اتفاق ذي معنى".

ويفصل إليوت أسباب ذلك، بالإشارة إلى أن السبب الأول يتعلق بهيكل مجموعة العشرين، التي تضم عضوية متنوعة ورئاسة تتناوب كل عام، ولكنها تفتقر إلى أمانة دائمة. وهذا يفسح المجال لمؤتمرات القمة التي توفر فرص التقاط الصور والمحادثات الثنائية بدلًا من اتخاذ القرارات. 

ويشير إليوت، إلى أن المشكلة الثانية تتلخص في خطوط الصدع العميقة التي تمر عبر مجموعة العشرين، موضحًا: "أن إحدى القضايا الكبرى المثيرة للانقسام هي الحرب في أوكرانيا، حيث تم إحباط محاولات الدول الغربية لفرض حصار اقتصادي كامل على روسيا بسبب رغبة الصين والهند في استيراد النفط الروسي".

في المقابل، يشير إلى توترات في العلاقات بين الصين والهند، التي أبعد ما تكون عن الودية. إذ يشهد البلدان نزاعًا حدوديًا طويل الأمد، كما أنهما متنافسان اقتصاديًا. ويسعى مودي بنشاط إلى بناء علاقات اقتصادية أقوى مع الولايات المتحدة، وهو حريص على عدم الانحياز إلى أي طرف في الحرب الباردة الجديدة التي تطورت بين واشنطن وبكين.

وفق محرر الشؤون الاقتصادية في صحيفة "الغارديان" لاري إليوت، فإن "مجموعة العشرين تمزقها الصراعات وتكافح من أجل البقاء ذات صلة"

أما المشكلة الثالثة، هي أن مجموعة العشرين أنشئت لإدارة العولمة، ولكن العولمة في تراجع، وفق إليوت.

ومع ذلك، يشير تحليل "الغارديان"، إلى أن هناك قضايا يمكن تحقيق اختراقات فيها، مثل العمل على إجراءات لتجنب أزمة ديون تلوح في الأفق في أفقر دول العالم. ولكن هذا سوف يتطلب من الولايات المتحدة والصين أن تضعا خلافاتهما جانبًا.

ويختتم التحليل، بالقول: "الاتفاق الاقتصادي سيكون صعبًا على نحو متزايد بالنسبة لمجموعة العشرين، بسبب الاختلافات الجيوسياسية. من المحتمل أن يصدر إعلان مشترك بين الزعماء من القمة، ولكن الخلافات المستمرة بين الأعضاء حول النص المتعلق بالحرب بين روسيا وأوكرانيا تشير إلى أن المفاوضات سوف تستمر حتى اللحظة الأخيرة. إن الفشل في إصدار إعلان يشير إلى أن مجموعة العشرين تفقد قدرتها على البقاء كمنظمة".