09-سبتمبر-2023
gettyimages

الانقسامات والخلافات ستكون حاضرةً خلال اجتماع قمة العشرين، وسط غياب الرئيس الروسي والصيني (Getty)

يسعى الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى اتخاذ خطوات جديدة، لاستقطاب الهند ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى تحالف مصمم لاحتواء الصين، وذلك بعد عقد أول اجتماع ثنائي لبايدن في القمة مع مودي، وهو الاجتماع الثاني خلال أشهر قليلة بعد استقبال مودي في زيارة دولة، للولايات المتحدة.

واتفق في الاجتماع، على عقد سلسلة من الصفقات التجارية والدفاعية، بما في ذلك الطائرات المُسيّرة، وأشباه الموصلات، والحوسبة الكمية.

وحضرت مسألة حرية الصحافة في الهند، على جدول الأعمال عشية انعقاد قمة مجموعة العشرين، حيث لم يسمح للصحافة بتغطية اللقاء بين بايدن ومودي.

اتخذ جو بايدن خطوات جديدة لجذب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى تحالف مصمم لاحتواء الصين

وانضم الرئيس الأمريكي جون بايدن إلى الرؤساء المشاركين في قمة مجموعة العشرين بالعاصمة الهندية نيودلهي، والتي ستعقد على مدار يومي السبت والأحد.

وجرت مراسم استقبال قصيرة للرئيس الأمريكي في مطار انديرا غاندي، قبل أن يلتحق بمقر إقامة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.

وبعد نهاية الاجتماع المغلق، أصدر بيان ومودي بيانًا مشتركًا، أكد على "الشراكة القوية والمستدامة بين البلدَين، التي من شأنها تعزيز الروابط الاقتصادية والشعبية".

وعبّر رئيس الوزراء الهندي عن تطلّعه إلى استضافة الرئيس الأمريكي مجددًا العام المقبل، لاجتماع مجموعة الحوار الأمني الرباعي "كواد" التي تضمّ الهند، والولايات المتحدة، واليابان، وأستراليا.

وقبل رحلته إلى الهند، كتب بايدن  منشورًا على منصة إكس، جاء فيه: "أتوجه إلى مجموعة العشرين، المنتدى الرئيسي للتعاون الاقتصادي الدولي، الذي يركز على إحراز تقدم في أولويات الأمريكيين، وتقديم الخدمات للدول النامية، وإظهار التزامنا تجاه مجموعة العشرين كمنتدى يمكنه تحقيق الإنجازات"، وأضاف: "في كل مرة تشارك فيها الولايات المتحدة في قمة العشرين تحرز تقدمًا".

حل القضايا الخلافية

هذا، وأعلنت الولايات المتّحدة أنها اتفقت مع الهند، على حل آخر القضايا الخلافية بينهما في منظمة التجارة العالمية.

وقالت ممثلة التجارة الأمريكية في البيت الأبيض، كاثرين تاي، أمس الجمعة في بيان، إن "اتفاق اليوم يحل النزاع المتبقي منذ فترة طويلة، يفتح فصلًا جديدًا من التعاون الثنائي الذي سيعمّق العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والهند".

ويتعلق الخلاف بين البلدين، حول موضوع الدواجن، حيث قامت الهند بفرض قيود على استيراد بعض المنتجات الزراعية من الولايات المتّحدة، بسبب مخاوف من أنفلونزا الطيور.

تعزيز العلاقة

من جهة أخرى، تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز علاقاتها مع الهند لمواجهة الصين، حيث سيعمل الرئيس الأمريكي على استغلال القمة، لإثبات أن المجموعة تبقى المنتدى الرئيس للتعاون الاقتصادي العالمي، رغم انقساماتها.

ويعتزم الرئيس الأمريكي تسليط الضوء على الآثار السلبية للحرب الروسية على أوكرانيا، وانعكاساتها على البلدان النامية، من خلال قضايا أمن الغذاء والطاقة.

getty

تعزيز دور البنك الدولي

كما يخطط بايدن لاستخدام قمة العشرين في محاولة تعزيز مؤسستي البنك وصندوق النقد الدوليين لدعم جهودهما في تقديم القروض والمنح للبلدان النامية، خاصةً بعد أن اختار  بايدن، الرئيس التنفيذي السابق لماستركارد، الأمريكي من أصل هندي، أجاي بانغا، لمنصب رئيس البنك الدولي. 

وينظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لطرح برامج للإقراض، تكون بديلة عن القروض الصينية، بما في ذلك مبادرة "الحزام والطريق" التي أثقلت كاهل بعض الدول في آسيا وأفريقيا.

وكان البيت الأبيض قد طلب من الكونغرس في وقتٍ سابق 3.3 مليار دولار، كتمويل إضافي للبنك الدولي، لدعم برامج المساعدة، مما "سيولد 25 مليار دولار من قدرة الإقراض الإضافية، فضلًا عن مليار دولار في شكل منح لمواجهة أزمات أفقر البلدان، ومليار دولار لتمويل البنية التحتية العالمية"، وفق الإدارة الأمريكية.

المواجهة مع الصين

سيعمل الرئيس الأمريكي، والوفد المرافق له، على إيصال رسالة مفادها أن "الولايات المتحدة لا تزال القوة الاقتصادية العالمية الأكبر، وأن التحالف العالمي الذي تقوده واشنطن هو الأذكى والأفضل لأي حليف محتمل، وأن الصين تبدو كشريك أقل ثقة به للبلدان النامية"، خاصة بعد التقارير التي تتحدث عن تراجع النمو الاقتصادي، وارتفاع مستويات البطالة في الصين.

بدوره، شدد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، قبل مغادرته واشنطن، على ضرورة مواجهة استراتيجية الصين بإغراق الدول الفقيرة بالديون، وقال: "بالنظر لحجم الحاجة، والإقراض القسري وغير المستدام لجمهورية الصين من خلال مبادرة الحزام والطريق، نحتاج إلى ضمان وجود حلول عملية مالية للتحديات التي تواجهها البلدان الفقيرة".

وبحسب سوليفان: "يعول البيت الأبيض على مليارات أخرى من بقية شركاء واشنطن ضمن مجموعة العشرين"، متوقعًا أن "تلتزم الدول الأخرى بزيادة التمويل للبنك، وضخ ما مجموعه 100 مليار دولار من قدرات الإقراض الجديدة"،  وتابع: "إصلاحات البنك الدولي ليست ضد الصين"، مشيرًا إلى أن بكين مساهم كبير بالبنك.

من جهتها، قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، خلال مؤتمر صحفي، إن "الصين تواجه مشكلات اقتصادية مختلفة، لكن لديها أيضًا هامش مناورة معين للتعامل معها"، وأضافت: "ندرك المخاطر التي تهدد النمو العالمي"، وشددت على أن "التأثير السلبي الأكبر يأتي من حرب روسيا ضد أوكرانيا"، لكنها أضافت أنه رغم ذلك فوجئت بقوة النمو العالمي، والصمود الذي أظهره الاقتصاد العالمي".

دور هندي أكبر

في حين تحاول الهند ترسيخ دورها  على الساحة الدولية، رغم خلافها مع الولايات المتحدة بخصوص الموقف من روسيا، إذ لم تنضم نيودلهي إلى العواصم التي فرضت عقوبات على موسكو، بعد غزوها أوكرانيا، بالإضافة لموضوع احترام حقوق الإنسان في الهند.

هذا، ويُتوقع أن يناقش قادة الدول المشاركة في القمة، عددًا من  القضايا العالمية الراهنة، في ظل انقسام أعضاء المجموعة حول ملفات خلافية، منها الحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة المناخ، والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وإعادة هيكلة الديون، وفرض الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات.

اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن غياب الرئيسين الصيني والروسي يعكس مدى "الخلل الوظيفي" في هذه المجموعة

وسيتغيّب عن القمة الرئييس الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ. وتعليقًا على ذلك، اعتبر مستشار الرئيس الأمريكي كورت كامبل، أن "غياب شي وبوتين، يشكل خيبة أمل للهند".

في سياق متصل، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن غياب الرئيسين الصيني والروسي يعكس مدى "الخلل الوظيفي" في هذه المجموعة.

وقال في نيودلهي "تزداد الانقسامات، وتنفجر التوترات، والثقة تتآكل، وكل ذلك يعزز شبح التشرذم والمواجهة في نهاية المطاف".