25-يناير-2017

لقطة من الفيلم

الوقت مساءً، مقهى شعبي به مسرح صغير يجلس عليه شاب يغني، الجمهور مندمج مع الأغنية وسعيد. بينما المغني تظهر عليه علامات التعب والحزن. من هنا نلتقي بـ"لوين ديفيس"، المغني وعازف الجيتار، الرجل الذي فقد صديقه الذي كون معه فرقة غنائية. لكن بعد فقدان صديقه يعود "لوين" إلى حياته المملة والفاشلة. ونقضي معه 3 ليالٍ متصلة تظهر وكأنها ليلة طويلة بدون نهار.

مثل دون كيخوته يخوض "لوين" المغامرات آملًا أن يعيد المجد الذي فقده بعد موت صديقه، آملًا أن يصلح علاقته بصديقته التي تكرهه. لكننا مع توالي أحداث الفيلم ندرك جيدًا أن "لوين" شخصية مكروهة، لا أحد يحبه ولا أحد يساعده، حتى حين يأتي بصيص من الأمل لا يلبث أن يزول سريعًا.

Inside Llewyn Davis بطولة أوسكار إسحاق، صاحب الأداء الرائع لشخصية لوين ديفيس، والفيلم من تأليف وإخراج العباقرة جول وإيثان كوين

صدر فيلم Inside Llewyn Davis عام 2013 من بطولة "أوسكار إسحاق" صاحب الأداء الرائع لشخصية "لوين ديفيس"، والفيلم من تأليف وإخراج العباقرة جول وإيثان كوين.

معظم شخصيات الفيلم الأساسية مستوحاة من شخصيات حقيقية، فمثلًا شخصية "لوين" مستوحاة من المغني "ديف فان رونك" وشخصية "تروي نيلسون" مستوحاة من المغني "توم باكستون". لكن بالرغم من كون شخصيات الفيلم مستوحاة من شخصيات حقيقية فقد ارتبطت ببعضها، فقصة الفيلم خيالية ولم تحدث أبدًا.

اقرأ/ي أيضًا: "أم العروسة": فيلم الواقع بالألوان

يرافِق "لوين" في مغامراته قِط له دور مهم في الفيلم، فمثلًا بعد محاولات "لوين" المستميتة لتحسين علاقته بمن حوله والفشل فيها، يهرب القط منه. يبحث "لوين" عنه لكنه لا يجده ويخبر العائلة التي تمتلك القط بأنه "ضائع". حين تسوء أحوال "لوين" أكثر وحين يجد نفسه وحيدًا في منتصف الليل في الطرقات يصدم قِط بسيارته، ونراه يراقب القِط في حزن وهو يمشي ببطء ويموء في ألم.

يزعم صناع الفيلم أن القط لا يرمز إلى أي شيء، وهو زعم لا أصدقه ولا يصدقه معظم من شاهد الفيلم. إذا ركزنا مع "لوين" ومع القِط سندرك ببساطة أن القِط يرمز إلى "لوين" نفسه.

فيلم Inside Llewyn Davis ليس فيلمًا غنائيًا بقدر ما هو درامي، فلا يقدم لك بطل به من المميزات الكثير، بل يقدم لك نقيد البطل anti-hero

ليس السيناريو فقط هو ما يرسم لنا ملامح حياة "لوين" الحزينة، لكن الإخراج الجميل أيضًا والسينماتوجرافي الخلابة. فمعظم المشاهد إضاءتها خفيفة وقاتمة، وفي معظم كادرات الفيلم يظهر "لوين" وحيدًا أو برفقة القِط.

مشاهد الليل قاتمة، ومشاهد النهار باهتة لا تختلف كثيرًا عن مشاهد الليل. المميز في الفيلم أنك دون أن تدرك، ستجد نفسك تحب وتتعاطف مع شخصية "لوين"، بالرغم من مشاكلها وأخطائها. قد يعود ذلك أيضًا لكون شخصية "لوين" موجودة في كل مشاهد الفيلم والذي يجعلنا مقربين أكثر له.

فيلم Inside Llewyn Davis ليس فيلمًا غنائيًا بقدر ما هو فيلم درامي، ولا يقدم لك بطل به من المميزات الكثير، بل يقدم لك نقيد البطل anti-hero. لا يقدم قصة شيقة تجعلك على أحر من الجمر وأنت تتابع أحداثها، بل يقدم لك قصة بإيقاع هادئ، متمهل، لا يغفل عن أي تفصيلة صغيرة، ويتركك مع نهاية شِبه مفتوحة تجعلك تفكر: ما الذي سيحدث للوين ديفيس بعد ذلك؟

اقرأ/ي أيضًا:
لالا لاند.. هل طغى غوسلينج على إيما ستون؟
فيلم "أنا أولغا هيبناروڤا".. خيارات داعشية