21-فبراير-2017

لقطة من الفيلم

نوستالجيا الحبّ في زمنه الجميل، الذي يستقي من اللونين الأبيض والأسود في أفلام السينما المصريّة حميميّة خاصة تجعله جذّابًا وشفّافًا ورديفًا للتوق الخيالي في عصر أطواق المادّة، تشكّل واحًة للراحة في فيء المشاعر الدافئة الموحية بالصدق والوفاء.

رهافة العلاقات المبنيّة على حبّ معذّب يواجه المصاعب والتحديّات فينتصر في الختام، أو يلقى مصيرًا تراجيديًا أهونه الفراق وأقساه الموت، لم تكن وحدها مادة أفلام الرومانسية الذهبية بدءًا من الأربعينيات وصولًا إلى مطلع الثمانينيات حين شكلت أعمال سعاد حسني وسهير رمزي ونور الشريف "الملوّنة" امتدادًا شرعيًّا للأعمال المُتقنة فنيًا لجهة النص والإخراج وأداء الممثلين المحترف والمبدع.

العلاقات المبنية على حب يواجه المصاعب فينتصر في الختام، لم تكن وحدها مادة أفلام الرومانسية الذهبية من الأربعينيات للثمانينيات

فـ"ثيمة" الخداع الصريح على أنه "تآمر" أو المُلطّف على أنه "تلاعب" من قبل شبان ما بعد منتصف القرن الماضي شكلت واحدة من المواضيع التي تمّت معالجتها بصورة عابرة أو مُعمّقة في السينما المصريّة. و"حبّ سنة 70" هو نموذج عن تلك الأفلام التي خرجت عن التقليد في "العفّة" وبيّنت واحدة من أشكال العلاقات المفتوحة على مزيد من الجميلات والحبيبات والكلام المعسول الذي يقطر حلاوة زائفة هنا وهناك.

الفيلم الذي أخرجه محمود ذو الفقار وكتب نصّه الكوميدي تأليفًا وحوارًا الهامي سيف النصر، قدّم الفنان أحمد رمزي في واحدة من صور "الدان جوان" التي امتهنها في أعماله. بوسامته وخفة ظله، أوقع -بحسب النصّ والمشهد- مضيفات من مختلف الجنسيات في مصيدة حبّه حتى بات في عمله الذي يشغله كمنسّق للعلاقات الخارجية بحسب ما يقول، يُدير جدولًا لمواعيد هبوط المضيفات على الأراضي المصرية ليهتم هو بـ "الباقي". فجميعهن خطيباته، وما "الشبْكة" إلا عربون اطمئنان للشابة كي يستضيفها في منزله بحسب أصوله "الغرامية" المتّبعة.

اقرأ/ي أيضًا: أوسكار أفضل فيلم أجنبي (1990-2016) لمن ذهبت؟

ليس اللافت في الفيلم، الذي يَخلُص بحسب العرف الاجتماعي الواعي أو اللا واعي الموروث لجهة ارتباط الشاب/أي شاب بالفتاة التي تحجب عنه ثقتها وتدفعه إلى التحايل عليها بكل ما أُوتي من وسائل ترغيب وإقناع لحبّه فتتمنع مع ذلك حتى انغماسه بحبها أوّلًا، في زواج "شريف" أو أحمد رمزي من مواطنته نورا (نيللي) التي تكتشف ألاعيب شريف وتلقّنه درسًا فيتزوجها بعد أن اكتشف مقدار حبّه لها رغم ما يحيط به من فتيات.

فيلم "الحب سنة 70" أخرجه محمود ذو الفقار، قدّم الفنان أحمد رمزي في واحدة من صور "الدان جوان" التي امتهنها بوسامته وخفة ظله

المُفاجئ هو ذاك التشابه بين فيلمي "حب سنة 70" و"مطاردة غرامية" الذي كان عرض في العام 1968 في واحدة من البطولات الثنائية لفؤاد المهندس وشويكار التي أخرجها نجدي حافظ. ففي تقاطع مستغرب بين أفكار كل من سيف النصر وفاروق صبري (مؤلف مطاردة غرامية)، كان منير أو فؤاد المهندس لعب الدور نفسه في حب مضيفات الطيران، حيث يستضيف بحسب مواعيد أسبوعية محددة كل واحدة منهن، فتأتيه في كل يوم عاشقة بزي ولغة مختلفة، لكنه في الختام يرتبط بمواطنته منى التي تعشقه فعلًا وتحبه.

قد تكون "التوابل" التي وضعها كل من المؤلفين للفكرة الواحدة مختلفة، وساعدتهما في ذلك رؤية مخرجَين ترجما بالكادرات الداخلية والخارجية ما كُتب على الورق، إلا أن التشابه لا يغطيه الاختلاف والتقاطع سيظهر جليًّا بين كل التفاصيل التي تجعل من شخصية منير بعيدة عن شخصية شريف. كما أن دخول عدد من الممثلين على خط "جوهر" الفيلم كعبد المنعم مدبولي في "مطاردة غرامية" ومحمد عوض في "حب سنة 70" لن يُغيّر في معادلة الحبكة مع البداية وما تصل إليه في النهاية.

ما تقدّم لا تُقصد منه الإشارة إلى نسْخ أو اقتباس. توارد أفكار ربما. لكن إزاء مفارقات التشابه سيقع المشاهد أمام مقارنة غير عادلة تُرجح كفّة فيلم على آخر، أغلب الظن أن الحديث على قدَمه سيبدو أكثر سلاسة ورومانسية. ما يُشبه النسخة المنقّحة ربما بشخصيات جديدة وحوار آخر و"توابل" تمنح التفاصيل طعمًا مختلفًا.

اقرأ/ي أيضًا:
هوامش عابرة عن الأفلام والسينما
ختام مهرجان برلين الـ67.. ما الأفلام الفائزة؟