14-سبتمبر-2021

من المعرض

ألترا صوت - فريق التحرير

تعكس أعمال الفنانة اللبنانية فانيسّا الجميِّل، شغفها في بناء عالمٍ فني تتجاوز اﻷعمال المُنجزة في إطاره، أصول اللوحة وتعبيراتها التقليدية ومبادئها أيضًا، لصالح أفكار ومفاهيم مختلفة، تسعى من خلالها إلى تقديم مقترحاتٍ بصرية جديدة لا تلتزم بوظائف اللوحة التقليدية، قدر التزامها بإرضاء مزاجها، والتعبير عن طبيعة رؤيتها للمواضيع التي تتناولها.    

تواصل الجميِّل في معرضها ما بدأته في معارضها السابقة التي تناولت فيها مسألة تمدد المدينة وتغوّلها على حساب الحيز العام

في معرضها الفردي الثالث "Ville Rouge Et Nuits En Dentelle"، الذي افتُتح قبل أيام قليلة في "غاليري أجيال"، في العاصمة اللبنانية بيروت، والمستمر حتى الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر القادم، تواصل فانيسّا الجميِّل ما بدأته في معارضها السابقة التي أضاءت فيها على إشكالياتٍ مختلفة تتعلق، غالبًا، بتمدد المدينة وتغوّلها على حساب الحيز العام، الذي يتضاءل بفعلة تزايد الكتل الإسمنتية الشاهقة. بالإضافة إلى مواضيع أخرى لا تبتعد عن عوالم المدينة وتساؤلاتها.

اقرأ/ي أيضًا: الأوشام ومعركة الفردية التي خسرناها

يضم المعرض أربعة عشر لوحة بأحجامٍ مختلفة ومساحاتٍ متنوعة، استخدمت الفنانة اللبنانية في إنجازها مادة اﻹكريليك. وتجسِّد هذهاللوحات، معًا، عالمًا طفوليًا متخيلًا أُنجز بوسائل تبدو بدائية، مما يجعل من مضمونها، على اختلافه، أقرب إلى تعابير طفولية منجزة على عجل.   

هذه هي الانطباعات التي تحيلنا إليها لوحات فانيسّا الجميِّل، التي تبدو وكأنها تُعيد رسم المشهد ذاته، ولكن في سياقاتٍ زمنية ومكانية مختلفة. فالناظر إلى اﻷعمال المعروضة، سيلاحظ أنها تصوِّر مشهدًا واحدًا: مجموعة من المباني السكنية المتراصة، بل المتداخلة ببعضة البعض بسبب الطريقة التي رُسمت بها، تلك التي تزيح الخطوط، العمودية واﻷفقية، المستقيمة جانبًا لصالح أخرى مائلة وملتوية، تظهر البيوت عندها وكأنها تتكئ على بعضها البعض. 

تنشغل فانيسّا الجميِّل في بناء عالمٍ فني تتجاوز اﻷعمال المُنجزة في إطاره أصول اللوحة وتعبيراتها التقليدية

يتوسط هذا المشهد شارعٌ يفصل بين المباني السكنية المتراصة، والبحر الذي يشغل حيزًا ضئيلًا منه. وفي اللوحات التي يغيب فيها البحر، تنوب عنه عناصر أخرى، مثل الجبال والسهول التي تتقلص مساحتها، أمام زحف الكتل اﻹسمنتية. 

اقرأ/ي أيضًا: عن "مشروع المحترف- تمارين في التعب".. ما الذي تفعله الأيدي الحاذقة؟

المطلع على تجربة الفنانة اللبنانية لا بد أن يعبر في ذهنه، فور رؤيته البحر في لوحات هذا المعرض، عنوان معرضها السابق "أخفو عني البحر"، الذي تناولت فيه مسألة إحاطة الشواطئ بأبنية سكنية وتجارية مرتفعة، تحجب رؤية البحر عمن خلفها. وهذه مسألة حاضرة في معرضها الحالي، الذي يُعتبر امتدادًا لما سبقه. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

"أضواء لبنان".. تحولات المشهد الفني اللبناني طيلة سبعة عقود

في وداع الاطمئنان والحب والتحرر