07-سبتمبر-2018

قد تكون البصرة مقبلة على تصعيدات جديدة (Getty)

في تصعيد غير مسبوق، التهمت نيران المحتجين الغاضبين في البصرة، مقار أحزاب وفصائل الحشد الشعبي المقربة من إيران، فضلًا عن مبانٍ حكومية، مع قطع الطرق إلى الموانئ وحقول نفطية، خلال موجة احتجاجات عارمة طافت المدينة وغطت سماءها بالدخان. في حين دوت صافرات الإنذار في قلب بغداد حيث توجد السفارة الأمريكية، بعد سقوط قذائف هاون على المنطقة الخضراء المحصنة أمنيًا.

البصرة .. "ثورة النار"

وشهدت البصرة، أمس الخميس السادس من أيلول/سبتمبر، تظاهرة هي الأعنف منذ انطلاق الاحتجاجات قبل أشهر، كانت حصيلتها مقتل متظاهريْن وإصابة 45 آخرين، بحسب مفوضية حقوق الإنسان في العراق، لترتفع حصيلة ضحايا التظاهرات في المدينة، إلى أكثر من 10 قتلى ونحو 120 جريحًا، منذ مطلع أيلول/سبتمبر الجاري.

شهدت البصرة، أمس الخميس، تظاهرات هي الأعنف منذ انطلاق الاحتجاجات، حيث التهمت نيران المحتجين مقار أحزاب وفصائل الحشد الشعبي

وحسب مصادر محلية وصور، أحرق المتظاهرون مقار فصائل في الحشد هي "منظمة بدر، وعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، وسرايا الخراساني، وحركة النجباء، وأنصار الله الأوفياء، وجماعة ثأر الله"، فضلًا عن مقار أحزاب أبرزها الدعوة، دولة القانون، الحكمة، وحركة إرادة.

اقرأ/ي أيضًا: ساعات عراقية "قاتلة".. بوادر حرب في بغداد والبصرة تغلي

وأفادت مصادر محلية في البصرة لـ"ألترا صوت"، بأن أحد المتظاهرين قضى خلال عملية إحراق مبنى المحافظة، فيما سقط الآخر برصاص عناصر حماية أحد مقرات الأحزاب التي هاجمها المتظاهرون، وأصيب العشرات خلال صدامات مع القوات الأمنية وبعض المليشيات.

وحاصر المتظاهرون القنصلية الإيرانية في المدينة، لكن القوات الأمنية تمكنت من الحيلولة دون اقتحامها وإحراقها، كما أظهرت مقاطع مصورة، فيما فرضت إجراءات مشددة على الطريق المؤدية إلى مطار البصرة حيث القنصلية الأمريكية.

وذكرت مصادر أمنية لـ"ألترا صوت"، أن "محافظة البصرة باتت خارج سيطرة السلطة بشكل شبه تام، بعد سيطرة المتظاهرين على شوارع المدينة الرئيسية، وغياب المسؤولين المحليين عنها، مع نزوح بعض الأسر إلى خارج مركز المدينة"، مبينة أن "القوات الأمنية وجهت نداءات عبر مكبرات الصوت تدعو المتظاهرين إلى حماية مؤسسات الدولة".

قالت مصادر أمنية إن محافظة البصرة باتت خارج سيطرة السلطة بشكل شبه تام
قالت مصادر أمنية إن محافظة البصرة باتت خارج سيطرة السلطة بشكل شبه تام

من جانبها اتهمت قيادة العمليات المشتركة في بيان لها، "مغرضين بمحاولة النيل منها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال التعدي عليها في البصرة"، معتبرة عمليات الحرق للمؤسسات الحكومية وسواها "ممارسات تصنف ضمن مساحات التخريب"، محذرة من "حرف مسار التظاهرات".

الحشد يهاجم العبادي

إلى ذلك، وكعادتها، عدت فصائل الحشد الشعبي إحراق مقارها في البصرة، جزءًا من "مشروع أمريكي سعودي لإشاعة الفوضى واستهداف العراق دولة وشعبًا"، فيما حملت رئيس الحكومة حيدر العبادي المسؤولية الكاملة في أزمة الخدمات و"التخاذل والتسبب في الانفلات الأمني"، مطالبة إياه بتقديم استقالته "فورًا".

وحذرت تلك الفصائل في بيان لها، الأطراف الداخلية من أن "تكون أدوات لتنفيذ ذلك المشروع"، داعية إلى "الالتفات إلى مصلحة البلد والتزام توجيهات المرجعية الدينية بالسيطرة على ردود الأفعال وعدم حرق مؤسسات الدولة والاعتداء على المال العام والخاص".

و أشارت مصادر إلى تورط عدة ميليشيات ببعض حوادث العنف والحرق في المدينة لـ"تصفية حسابات أو إخفاء ملفات فساد". في حين أكد متظاهرون لـ"ألترا صوت"، أن بعض عمليات الحرق قد جرت بشكل ممنهج دون تدخل من المدنيين.

الصدر غاضب والعبادي يرد

أما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فقد قال إنه "لم يعد قادرًا أن يقف متفرجًا على ما يحدث في البصرة وقد نفد صبره"، داعيًا البرلمان إلى عقد جلسة استثنائية علنية قبل يوم الأحد، التاسع من أيلول/سبتمبر، بحضور رئيس الوزراء والمسؤولين المعنيين، لتدارك الأوضاع في البصرة، وهو ما رحب به العبادي.

وكان مجلس الوزراء قد اتخذ في جلسته الأخيرة جملة قرارات بشأن البصرة على أمل تهدئة الأوضاع فيها، في حين يتواجد أحمد الصافي ممثل المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني في المحافظة منذ أيام، في محاولة لإيجاد بعض الحلول لأزمة المياه الصالحة للشرب، بعد تسمم عشرات الآلاف من المدنيين في المدينة نتيجة تلوث وارتفاع ملوحة مياه شط العرب.

تشير المعطيات إلى عزم المتظاهرين في البصرة تصعيد احتجاجاتهم خلال الأيام القادمة
تشير المعطيات إلى عزم المتظاهرين في البصرة تصعيد احتجاجاتهم خلال الأيام القادمة

وتشير المعطيات إلى عزم المتظاهرين في البصرة تصعيد احتجاجاتهم خلال الأيام القادمة، فيما تستعد عدة مدن من بينها العاصمة بغداد لتنظيم سلسلة تظاهرات مساندة للمحتجين في البصرة.

قذائف قرب السفارة الأمريكية

وفي بغداد دوت صافرات الإنذار بعد قصف بقذائف الهاون طال المنطقة الخضراء المحصنة أمنيًا وسط المحافظة، حيث السفارة الأمريكية والمقار الحكومية والبرلمان.

وذكرت مصادر في وزارة الداخلية العراقية لـ"ألترا صوت"، أن "أربع قذائف هاون سقطت داخل المنطقة، دون أن تسفر عن إصابات أو خسائر مادية". في حين أكدت قيادة العمليات المشتركة، أن "القذائف قد سقطت في ساحة متروكة داخل المنطقة الحكومية".

أكد متظاهرون لـ"ألترا صوت" أن بعض عمليات الحرق جرت بشكل ممنهج من قبل بعض المليشيات دون تدخل من المدنيين المحتجين

يأتي ذلك بعد أقل من يومين على إطلاق فصائل في الحشد الشعبي تهديدات صريحة ضد رئيس الحكومة حيدر العبادي والقوات الأمريكية المتواجدة في البلاد، على خلفية تصاعد حدة الصراع السياسي على تشكيل الحكومة القادمة بين محورين: شيعي يمثله حيدر العبادي ومقتدى الصدر، ويحظى بدعم واشنطن والسعودية، وآخر يمثله هادي العامري ونوري المالكي المقربين من طهران والمدعومين من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تظاهرات البصرة تتوسع في العراق.. سخط الجنوب يوحد الشارع

البصرة تزف شهيدًا جديدًا.. التصعيد وخيارات الضرورة