29-يناير-2017

(Getty) تصوير: راج ك راج

 لماذا تخاف من الطائرات؟ إنك لا تستطيع أن تمنع أصغر الحوادث على الأرض، في غرفتك، خلف نافذة معززة بالحديد، بين من تقول أنهم قادرون على توفير ضحكة اليوم، وإفشال مناورة كبيرة تهدف لاستهلاك رصيدك الجيد من الحياة.

كل من يضع قدمًا في طائرة يعرف أنّ الرحلة الأولى ربما تكون هي الأخيرة، لا حاجة هنا للاطلاع على الأرشيف الضخم لحوادث الطائرات، حتى الأفلام المستوحاة من قصص حقيقية لن تساعد في تغيير ذلك الاحتمال الكبير، خذ مثلًا فيلم "سولي"، الطيور أوقفت محركًا عن العمل، وقائد الرحلة اختار أن يهبط على الماء، أجل لقد نجا الركاب جميعهم. بمراجعة سريعة لأسباب النجاح لا الفشل، تدرك على الفور أنّ نجاحًا مثل هذا لا يمكن تكراره، الطيور فقط يمكن لها أن تكرر اصطدامها بمحرك الطائرة، أما عن وجود قائد رحلة يمتاز بالقدرة على اتخاذ القرار الصائب الوحيد، كما ظهر بنتائج المحاكاة لظروف الحادث والهبوط، الهبوط على الماء دون مضاعفات، بالإضافة إلى عدم انتشار الهلع الكارثي بين الركاب، ثم وصول طواقم الإنقاذ في الوقت المناسب، كل عناصر النجاح هذه لن تتكرر بالسهولة التي يفترضها البعض. صحيح أنّ بمقدور أفلام القصص الحقيقية أن تدفع جسمًا يائسًا على النهوض، لكنها تعرض تجارب النجاح بطابع أسطوري من المستحيل مجاراته، أو توقّع حدوثه للمرة الثانية.

على الأرض، في الغرفة، خلف نافذة معززة بال"حمايات"، كأنّ الخطر الأكثر شراسة يكمن في الخارج، كأنّ النافذة هي السبيل الوحيد لتهديد حياتك، الثمينة بنظرك، الرخيصة ضمن مفاهيم آخرين، ماذا عن الأمراض؟ من أي نافذة سوف تدخل؟ وهل تريد لها أن ترسل أسئلة عن رغبة لك بالحياة المديدة؟ وعن العمر المفضّل للانتشار في المستشفيات؟ يحدث هذا بين من هم على الأرض لا في الطائرات، بين من لا يعرفون محرّكا لحياتهم سوى القدرة على الانتشار في السهل والوعر من الاختيارات والطرق، تماما كأنهم يطيرون إلى أيامهم، الصورة معكوسة هنا، البشر هم الطيور، والطائرات بحجمها الضخم هي الأمراض التي تعترض مجالها/مجالهم. 

على الأرض، بين بشر قابلين للانفجار، لا يمكن التفكير بالطائرات على أنها مخاطرة، حتى في مواسم الهجرة الجماعية للطيور.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قصيدتان لنهارٍ قديم جدًا

الريح الزرقاء