29-يناير-2017

اللوحة للشاعر

1

الريح الزرقاء
تجلس أمام نافذتكِ
الريح الزرقاء في هذه الليلة
رسولٌ بيننا
تتحدث لي عنكِ
عن ثياب نومكِ وعن نومكِ
عن شعرك المبعثر
على أشجار روحي
وعن وجوهٍ عابرة وغابرة
في هذه الليلة
أمامك كغيمة صيفية
على الصحراء
الريح الزرقاء
رسولٌ بيننا
في هذه الليلة الشتوية
تلامس بأصابعي الملتهبة
أطرافَ نافذتك
وتتسللُ إلى سريرك
كبياض الشراشف في عتمة الليل
وأنت تسمعين همهمة أصابعي
أصابعي التي تتحرك نحوك
كبحرٍ تائهٍ في أبعاد جسدكِ
وهي تقشّرُ عنه شهوةً
مؤجَّلةً منذ ذاكرة الأرض
والسماء
ها أنت تسمعين همهمة أصابعي
كموسيقى تسعدك في الصباح
كموسيقى تحاولين الإمساك بها
في فراغ الوحشة التي تحيط بك
في خرائب مليئة بأطياف رملية
وستائر شاحبة... شاحبة كروحي
قبل أن أعرفك.
الريح الزرقاء
رسولٌ هذه الليلة
تهذِّبُ العالمَ من حولي
وفي داخلي
تختصر المسافةَ فيما بيننا
رغبةٌ جارفةٌ كزهرة سنواتي
التي نبتت بين أناملك
وأنت تصوغين دروبي
بدون ضجيج أو افتعال
الريح الزرقاء
ليس إلا أنت في هذا الوقت
من ليل طويل
وأنت تحضنينني
أمام الكون
بشعركِ وثياب نومكِ
ورقّتكِ
ورائحتكِ
وظلِّكِ
وأنوثتكِ
وقامتكِ التي تغرق فيها الريح الزرقاء
تحضنينني بكل شفافيتكِ
أمام نافذتك التي لا تغيب
عن بالي
سوى انشغالي الدائم بكِ
ويقيني بأن ثمة
في حدائق روحي مكان لكِ
لكِ وحدكِ.

2

لقالق أشواقي ترتجف بردًا
منذ ليلة أمس
في حديقتك
وشرفة منزلك
وأمام نافذتك المحكمة الإغلاق
في وجهي
لقالق أشواقي تعرف الباب
والنافذةَ
والدروبَ الخضراء
إلى منزلك المضاء
في تلك الليلة ثمة
ما يجعل اللقالق
أكثر فرحًا وإشراقًا 
نحو خطواتك
كما تفعل دائمًا
في غيابكِ عني
تنتظر الوقتَ كلَّه
وتذهب دائمًا كماء ينزل من أعلى
منحدرٍ في حنيني
نحو خطواتك في
داخل البيت
والزمن.

3

في ضباب أنفاسك الحنون
اتخذت مكانًا كعصفور
في يومٍ ممطر
ذراعاك تضماني بلا ثقل
أشعر بهما كالماء
الذابل يختفي في عيوني
لا أرى غير عينيك
وأنفاسك كأزهار جميلة
وأرنبة يديك الجميلتين تأكل من
أعشاب صدري
وأنت تستندين إليَّ بخفّة ملاك
تستندين بحنان لدرجة أشعر فيها
أنكِ ما عدت موجود.

  • من مجموعة بعنوان "امرأة بمظلة وشاعر بقبعة" التي تصدر قربيًا

 

اقرأ/ي أيضًا:

نجومٌ في سماءِ القلب

قصيدتان لنهارٍ قديم جدًا