
كلمات لا تجبّر كسور الأمل
حين فتحت باب غرفته تحرك من مكانه، تقول بسنة إنه كلما شعر بالنور أراد الخروج من الغرفة، تسرع إليه لتمنعه من التسلل إلى الخارج، تمسك به وتتحدث إلي، أنها قد نقلته إلى هذه الغرفة منذ فترة ليست ببعيدة، بعد أن كسرت ساقه ولم يتحسن هذا الكسر

رامي وجنى
اقتربتُ ببطء شديد ثم أطفأت المحرك. ورحت أستمع لهما باهتمام بالغ. الطفل الأول. ضخم البنية وذو شعر أشقر، أما الثاني فيبدو أصغر حجمًا، وذا ملامح أكثر رقة من الآخر. كلاهما يرتديان ثيابًا مدرسيةً، وحقيبة كل واحد منهما محمولة على كتفيه

جنائزُ في مرآة السّيارة
أقرّ لأكثرَ من صوتٍ في حياتي، بالفضل في برمجتي على الكتابة السّردية، وقد كنت خاصعًا للشّعر وحده. ويأتي سُوّاقُ سيّارات الأجرة، التي ركبتها إلى مدن الجزائر، في طليعة هذه الأصوات. منهم عمّي بوجمعة البلعبّاسي، الذي كنت أتقصّد الرّكوبَ معه

تدريبات البحر
أوه، يا لهذا البحر الذي كلما مات ازداد حياةً وغزارةً وامتلاءً بالكائنات الكبيرة والصغيرة. ماؤكَ يجفّ فوقك ليعود إليك بقوة أعلى وأكثر نظافة ومهارة. أوه، يا لهذا البحر ألا تنتبه إلى دورة حياة وموتك على الخطّ نفسه؟

صور مقطَّبة
فازت عين الكاميرا المتحركة بصورة الغرفة الصغيرة، التي حوّلتها روز إلى معرض، وحولها الصّاروخ إلى سقف منهار، وجدران متكئة على بعضها، والتي تناثرت بينها أعضاء جسد روز الممزّق فيما يتكئ رأسها على بقايا كائناتها الجديدة المقطَّبة

أحاديث في الجمال وما ورائياته
هناكَ من يَختزلون الجمال، وهناك من يُختزَلُ الجمالُ فيهم، هناكَ من يَختصرون الجمال، وهناك من يُختَصُر الجمال فيهم، هناك من يقتاتون على الجمال، وهناك من يَقتات الجمال عليهم، هناكَ من يعيشونَ بالجمال، وهناك من يعيشُ الجمال بهم

كانَ مُمكنًا
المستقبل: مجهول الأمر معتقلٌ في حظيرة الواقع ينتظر القاضي لينطق بالحُكم الباطل، القاضي ينبحُ كالكلاب ويفتقر لوفاء الكلبِ ويَظلمُ "الأمر" كظلم الإنسان للحميرِ فالإنسانُ حيوانٌ ناطقٌ، يَنطقُ بالإجرام ويهينُ الحيوانَ كثيرًا منذ سمّى نفسهِ "حيوان ناطق"

هكذا ضربني الرئيس الشاذلي بن جديد
كان عمري تسعةَ أعوامٍ، حين قال لنا مدير المدرسة الوحيدة في القرية، سنة 1986، إنّه علينا أن نحضر باكراً، بعد أربعة أيام، ليتمّ نقلنا في حافلةٍ خاصّةٍ إلى مدينة المنصورة والمشاركة في استقبال الرّئيس الشّاذلي بن جديد

طفولةُ الخَرس الجديدة
هل هذه طفولة ثانية أختارها بمحض إرادتي؟ لا سيما أنها تبدو متسامحة وعفوية وصلدة، لكن المرء لا يتذكر من طفولة بغداد سوى الأسمال، أو طين في الأرضيّة مختلطًا بغبار الهجمات الجوية. نعم، إنني أختارُ طفولةً جديدة، طفولة بديلة عن طفولة لم أخترها

المنطقة الحمراء
بحثتُ عن "المنطقة الحمراء في العقل الباطن" على محرّكات البحث، فلم أجد شيئًا. بعضُ المحرّكات فهمت المنطقة الحمراء على أنّها "الليلة الحمراء،" فقدّمتْ لي موقعًا إباحيًّا. وبعضها فهمتها الليلة الحمراء عندما ذبح محمد علي أمراء المماليك في ليلة القلعة

ظل لا يغادر الجدار
أضاء نورُ الشمعة كاملَ الجدار الذي يتصدّر الغرفة. اعترض ضوء الشمعة في جلوسه للعشاء، على الجدار: يمدّ الظلُّ يده نحو الطعام على الطاولة، ثمّ يعيدها نحو فمه. يكرّر هذه الحركةَ. يقف الظلُّ. يحمل صحنَ الطعام بيد، والشمعةَ بالأخرى، ويتّجه إلى المطبخ

ديريك.. حين تروي الجدران قصة مدينة
مدينة تستطيع رؤية تاريخها من جدرانها، لا تكفي كل صفحات التاريخ لكتابة ما حصل وسيحصل فيها، مدينة تحتاج لمجلدات من الذهب لتفيها حقها مما تملكه من جمال وبساطة ومحبة، مدينة لم يتعبها سوى الاشتياق لأبناء غابوا عنها، لأطفال كانوا يوزعون الحياة أينما مضوا