26-فبراير-2024
مقال علماء الجودة الشاملة

تعريف بعلماء الجودة الشاملة

إن المهتم بموضوع الجودة، يجد أن جذورها ممتدة إلى بدايات تاريخ البشرية، غير أنه برز في كل حقبة زمنية رواد تبنوا أفكار الجودة وعملوا على تطويرها، فقد اهتم العديد من العلماء بالجودة الشاملة في القرن العشرين، وبرز اهتمامهم من خلال الأفكار التي قدموها في هذا المجال. وسأعرض في هذا المقال إسهامات أبرز علماء الجودة الشاملة، وأفكارهم، ومحاولاتهم الفكرية.

قدّم جوزف جوران نظرية ثلاثية الجودة التي تعرف باسمه؛ وتشمل ثلاث عمليات هي التخطيط، والمراقبة، والتحسين المستمر.

أشهر علماء الجودة الشاملة

ظهر العديد من علماء الجودة الشاملة الذين كان لإسهاماتهم دور كبير في نشأة وتطوير علم الجودة، وإليك أشهر علماء الجودة الشاملة كالتالي:

  1. والتر شوهارت  Walter Shewhart 

ولد في أمريكا عام 1891م، وتوفى فيها عام 1967م. ويعتبر مُنشئ الرقابة على الجودة الإحصائية. وهو أول من ربط بين علوم الإحصاء والهندسة وعلوم الاقتصاد. ومن أبرز مؤلفاته، كتاب: "الرقابة الاقتصادية على جودة المنتجات المصنعة". وعمل كخبير إحصائي في ولاية نيويورك خلال العشرينات والثلاثينات. وأشار إلى أن عملية الجودة عملية مستمرة لا يمكن أن تتوقف أو تنتهي. حيث وضع دائرة لتحسين الجودة تتكون من أربع عمليات مستمرة؛ هي: التخطيط، والفعل، والفحص، والتصرف، ويرمز لها بالاختصار (PDCA).

  1. إداورد ديمنج  Edward Deming 

ولد في أمريكا عام 1900م، وتوفى فيها عام 1993م. وقدّم 14 مبدأً لإدارة الجودة الشاملة، عرفت فيما بعد بمبادئ ديمنج الأربعة عشرة لتحسين الجودة. وعمل على تطوير دائرة (PDCA) التي أعدها شوهارت، لتصبح دائرة (PDSA)، حيث استبدل خطوة الفحص بالدراسة. وركّز على المناهج الإحصائية لمراقبة الجودة وتطبيقها. وعمل خلال الحرب العالمية الثانية في وزارة الدفاع الأمريكية، ثمّ انتقل بعدها إلى اليابان بدعوة من قبل اتحاد العلماء والمهندسين اليابانيون.

  1. جوزيف جوران  Joseph Juran 

ولد في رومانيا عام 1904م، وتوفي في أمريكا عام 2008م. ثمّ انتقل إلى اليابان عام 1954م، وعمل في أحد مصانعها مع ديمنج. واهتم بإيجاد حلول للعيوب والأخطاء التي تحصل في العمليات، وركّز على معالجتها. وقدّم نظرية ثلاثية الجودة التي تعرف باسمه؛ وتشمل ثلاث عمليات هي التخطيط، والمراقبة، والتحسين المستمر. وفي عام 1951م أصدر أكثر كتبه شهرةً بعنوان: "مراقبة الجودة". وقبل وفاته أسس معهدًا متخصصًا بإدارة الجودة وأسماه "معهد جوران".

يعتبر فيغنبوم من أوائل علماء الجودة الشاملة الذين اقترحوا تطبيقها كأساس لضبط جودة العمليات الصناعية والخدماتية

  1. فيليب كروسبي Philip Crosby 

ولد في أمريكا عام 1926م، وتوفى فيها عام 2001م. وعمل نائبًا لرئيس شركة ITT لشؤون الجودة في أمريكا لمدة 14 عامًا. ووضع 4 مسلمات للجودة؛ هي التعريف، والنظام، ومعيار الأداء، والمقياس. وهو أول علماء الجودة الشاملة الذين نادوا بفكرة صناعة بلا عيوب. وأصدر كتابه Quality Is Free عام 1979م، الأكثر مبيعًا ورواجًا في ذلك الوقت.

  1. كاورو ايشيكاوا Kaoru Ishikawa 

 ولد في اليابان عام 1915م، وتوفى فيها عام 1989م. ويعتبر إيشيكاوا رائد مفهوم حلقات الجودة (Quality Circles)، وأحد أهم علماء الجودة الشاملة الذين طبقوا حلقات الجودة في امبراطورية اليابان. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التقى إيشيكاوا بكل من ديمنج وجوران أثناء وجودهما في اليابان، وتأثر بأفكارهما حول إدارة الجودة الشاملة، وتعلم منهما مما ساعده على تطوير إدارة الجودة.

  1. أرماند فيغنبوم  Armand Feigenbaum

ولد في أمريكا عام 1920م، وتوفي فيها عام 2014م. وهو أول من أطلق مصطلح الضبط الشامل للجودة. ويعتبر فيغنبوم من أوائل علماء الجودة الشاملة الذين اقترحوا تطبيقها كأساس لضبط جودة العمليات الصناعية والخدماتية. حيث ركّز على أهمية القيادة في الجودة، والتقنيات والنماذج الحديثة للجودة، وأثر الالتزام التنظيمي على تحقيق الجودة. وفي عام 1983م نشر كتابه المشهور بعنوان "الرقابة على الجودة الشاملة".

تايشي أونو أول علماء الجودة الشاملة الذين طبّقوا مبدأ الإنتاج في الوقت المحدد

  1. غينتشي تاغوشي Genichi Taguchi 

ولد في اليابان عام 1924م، وتوفى فيها عام 2012م. وهو أول علماء الجودة الشاملة الذين ربطوا بين التفاوت الهندسي في التصميم وجودة المنتج. ويعتبر تاغوشي صاحب نظرية دالة الخسارة (Loss fun.) التي تركّز على أن الخسارة لا تكون بسبب المنتجات المعيبة فقط، بل تتعداها لتشمل الفرص الجيدة المفقودة. وعمل تاغوشي مديرًا لأكاديمية الجودة اليابانية، وحاز على جائزة ديمنج للجودة أربع مرات. وله إسهامات كبيرة في الجودة الشاملة ساعدت على تطوير وسائل تحسين الجودة. حيث ساعد الشركات الكبرى؛ مثل شركة FORD وشركة IBM من خلال عمله فيهما كمستشار على تحسين الرقابة الإحصائية في عملياتها الإنتاجية.

  1. شيغيو شينغو Shigeo Shingo 

 ولد في اليابان عام1909م، وتوفى فيها عام 1990م. وساهم شينغو في نظام تغيير قالب إحدى سيارات شركة تويوتا في أقل من عشر دقائق. واهتم بهندسة عمليات التصنيع وسبل تحسينها، وأصبح شينغو من أبرز علماء الجودة الشاملة المتخصصين بهندسة عمليات التصنيع في اليابان، والتي امتدت فيما بعد إلى الدول الغربية. وساهم بضبط الجودة من خلال تقديم مفهوم ضبط الجودة الصفري، وذلك من خلال نظام تدقيق الخطأ الآلي.

  1. توم بيترز   Tom Peters   

ولد في أمريكا عام 1942م، وما زال على قيد الحياة. طرح بيترز أفكارًا جديدة لإدارة الجودة الشاملة من خلال إصدار سلسلة كتب؛ أسماها سلسلة أساسيات؛ ذكر فيها فشل الأساليب الإدارية والتخطيط الإداري القديم. وشارك في العديد من المؤتمرات والمنتديات العربية لإدارة الجودة والموارد البشرية. وقدّم العديد من المصطلحات في هذا المجال، مثل الإدارة من أجل القيادة، القائد كمسيّر، والإدارة الجوالة؛ والتي تعني الاتصال الفعّال مع العاملين والزبائن.

الإرث الذي تركه العلماء  الجودة يشكل لنا اليوم دليلًا ومنارة لفهم أهمية الجودة الشاملة في تحسين العمليات الإنتاجية والخدمية

  1. ماساكي أيماي  Massaki Imai

 ولد في اليابان عام 1930م، وتوفي فيها عام 2023م. ويعتبر أيماي من كبار علماء الجودة الشاملة، والأب الروحي لمفهوم التغيير للأفضل، المعروف بـ Kaizen للتحسين المرن للعمليات التي تقدمه القيمة المضافة. وأسس أيماي عام 1986م مركز Kaizen العالمي، الذي يقدم الدعم في التدريب والاستشارات ومنح الشهادات. وعمل أيماي محافظًا لبنك اليابان في الفترة ما بين إبريل 2008م إلى إبريل 2013م.

  1. تايشي أونو Taiichi Ohno   

ولد في الصين عام 1912م، وتوفى فيها عام 1990م. وعمل أونو نائبًا للرئيس التنفيذي في شركة تويوتا اليابانية لتصنيع السيارات حتى عام 1980م. وله إسهامات عديدة في مجال الإنتاج اللحظي، منها نظام JIT، ونظام 55 المختص بإنشاء بيئة للجودة داخل المنظمة من خلال التنظيم، والتصفية، والتنظيف، والتقييس، والانضباط. وركّز أونو على إشراك العاملين في عملية صنع القرار. ويعتبر أول علماء الجودة الشاملة الذين طبّقوا مبدأ الإنتاج في الوقت المحدد، الذي يختصر الكثير من فلسفة هذا المبدأ في التصنيع.

 

في ختام هذا المقال، يتضح لنا أن الجودة الشاملة ليست مجرد مفهوم حديث، بل هي ثمرة جهود علماء ومفكرين مروا عبر التاريخ، حيث ساهم كل منهم بإضافات قيمة استندت على أساسيات ومبادئ تعد اليوم حجر الزاوية في عالم الجودة. من والتر شوهارت وإدوارد ديمنج، إلى كاورو إيشيكاوا وماساكي أيماي، وغيرهم من رواد الجودة، الذين تقاطعت أهدافهم وأسسوا مفاهيم تراكمية استند كل منهم على ما قدمه السابقون له وطوروه، كما أننا نجد أن كل واحد منهم قد أثرى هذا المجال برؤى فريدة ونهج استثنائي ساعد في رفع معايير الإنتاج والخدمات عبر العالم. وإن الإرث الذي تركه هؤلاء العلماء يشكل لنا اليوم دليلًا ومنارة لفهم أهمية الجودة الشاملة في تحسين العمليات الإنتاجية والخدمية، وكيفية تحقيق الرضا الكامل للعملاء.