12-ديسمبر-2019

عفيفة إسكندر (فيسبوك)

أخرج العراق العديد من المغنيات والمغنيين، تميز كل منهم بطابعه الغنائي الخاص، فقدم موسيقاه المتفردة في الكلمات والألحان. من بين أبرز هؤلاء، كانت عفيفة إسكندر صاحبة الـ1500 أغنية.

احترفت عفيفة إسكندر الغناء في سن مبكرة، بعمر ثماني سنوات. ورغم حداثة سنها لكنها حجزت مكانة بين كبار المطربين آنذاك

في الـ10 من كانون الأول/ديسمبر 1921، ولدت عفيفة إسكندر في مدينة الموصل، وفي بغداد وفاتها المنية في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2012، وما بين التاريخين عائت حياة ممتلئة بالفن والموسيقى، أنتجت خلالها 1500 أغنية. 

اقرأ/ي أيضًا: 4 من عباقرة المقام العراقي

النشأة وسحر بغداد

بعد ولادتها في الموصل، انتقلت عفيفة مع عائلتها إلى بغداد، حيث كانت والدتها تعمل مغنية بإحدى الملاهي الليلية في العاصمة. لم تبخل والدتها بالنصائح الفنية لعفيفة، فكانت مرشدها الأول. 

تلك النشأة الفنية كان لها بالغ الأثر على تكوين عفيفة فنيًا، فاحترفت الغناء في سن مبكرة، بعمر ثماني سنوات. وفي الـ12 من عمرها فقط، تزوجت من عراقي أرمني، يُسمى إسكندر اصطفيان، كان في الـ50 من عمره آنذاك.

الظهور الفني الأول لعفيفة كان في ملهى ليلي صغير بمدينة أربيل، بأغنية "زنوبة". ورغم حداثة سنها حينها، إلا قدراتها الصوتية حجزت لها مكانة بين كبار المطربين. وسرعان ما تنقلت بين أشهر وأكبر ملاهي بغداد، وحازت شهرة ومكانة اجتماعيه كبيرة.

نجاحات القاهرة

سافرت عفيفة إلى القاهرة عام 1938، وكانت في الـ17 من عمرها آنذاك. كانت القاهرة في أوج تألقها الفني، وكانت بديعة مصباني أشهر فناناتها، الأمر الذي فطنت إليه عفيفة، فعملت لسنوات مع بديعة، قبل أن تنتقل للعمل مع فرقة تحية كاريوكا.

وفي أثناء ذلك، استطاعت عفيفة أن تكون بعض الشهرة وسط أجواء مزدحمة بالفنانين، الأمر الذي مكنها من المشاركة في بعض الأفلام السينمائية إلى جوار كبار نجوم الفن في ذلك الوقت.

وفي عام 1940 شاركت عفيفة في فيلم "يوم سعيد" إلى جوار الملحن الكبير محمد عبدالوهاب وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة. ثم شاركت في فيلم "القاهرة بغداد" في 1947، الذي يعتبر أول إنتاج شينمائي مشترك بين مصر والعراق، كما شاركت في فيلم "ليلي في العراق" عام 1949، قبل عودتها لبغداد والاستقرار فيها. 

مع الغناء ذلك أفضل

تعد عفيفة إسكندر من أكثر المغنيات إنتاجًا على الإطلاق، حيث غنت ما يقارب 1500 أغنية، وهو رقم ضخم بالمقارنة بنظيراتها من المغنيات، وحتى من المغنيين.

 وخلال رحلتها الفنية الطويلة، تعاونت عفيفة مع العديد من الملحنين أمثال: أحمد الخليل وخزعل مهدي وياسين الشخلي، مقدمة عددًا من أشهر الأغاني مثل: "جوز منهم" و"أريد الله يبين حوبتي بيهم" و"الله لو تسمع هلي" و"حركت الروح" و"إلك يومين" و"يا من وجهه القمر". 

شحرورة العراق.. فن وسياسة وأدب

لم تكتفِ عفيفة بكونها إحدى أشهر فناني العراق، فالتحمت بالمجال العام سياسةً وثقافة، من بيتها في منطقة المسبح بالكرادة في بغداد، حيث أقامت صالونًا أسبوعيًا حضره كبار السياسيين والأدباء والمثقفين في عصرها.

ولم يتوقف توغل عفيفة في دهاليز السياسية على صالونها، ففي الوقت الذي كانت تسيطر فيه الملكية على الدول العربية، وكانت القصور الملكية تختار مطربها ومقرئها؛ كانت عفيفة إسكندر المطربة الأولى للأسرة الملكية في العراق.

لكن على عكس أم كلثوم التي استطاعت بسهولة، التخفف من إرث الملكية مع عهد الجمهورية، لم تتمكن عفيفة من تجاوز العصر الملكي، فلم تجد قبولًا بين قادة ثورة الجمهورية، الذين أبعدوها عن المشهد تمامًا، ومنعوها من الغناء في الحفلات الرسمية.

الرحيل بهدوء

ورغم شهرتها الواسعة، والمكانة الرفيعة التي حظيت بها في عالم الفن كإحدى أبرز المطربات العراقيات على الإطلاق؛ عانت عفيفة إسكندر في أواخر حياتها الفقر بعد أن خفتت عنها الأضواء تمامًا.

تعد المطربة العراقية عفيفة إسكندر من أكثر المغنيات إنتاجًا على الإطلاق، حيث غنت ما يقارب 1500 أغنية

ولسنوات صارعت عفيفة المرض وحيدةً، بعد أن التهى العراق بتسارع الأحداث الجسيمة، قبل أن توافيها المنية بهدوء، بعيدًا عن الأضواء، في إحدى مستشفيات بغداد، في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2012، عن عمر يناهز 91 عامًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

نادين الخالدي: نحن أيضًا شعوب تحب الطرب

رحيل قاسم عبد الرحيم.. حياة شعبولا "بس خلاص"