13-يناير-2020

من حلقة التلفزيون العربي مع المفكر ومدير المركز العربي للأبحاث عزمي بشارة (يوتيوب)

ألترا صوت - فريق التحرير

أطل المفكر العربي، عزمي بشارة، مساء الإثنين عبر شاشة التلفزيون العربي، معقبًا على الراهن السياسي في المنطقة، بعد التصعيد الأمريكي الإيراني وانعكاساته على الانتفاضة العراقية، إضافة إلى التطورات في ليبيا التي تشهد حراكًا دبلوماسيًا في الفترة الحالية.

اعتبر عزمي بشارة أن حرْف الانتباه عن الاحتجاج الشعبي، الذي ترى طهران أنه موجه ضدّها، إلى موضوع الوجود الأمريكي في العراق، كان من أهداف التصعيد مع واشنطن

 

تناول اللقاء الذي استمر ساعة ونصف تداعيات التصعيد الأخير بين الولايات المتحدة وإيران على خلفية اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، كما تطرّق اللقاء إلى جديد الملف الليبي في ظل الحديث عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية تركية روسية، وفي الأثناء ردّ بشارة أيضًا على أسئلة المشاهدين التي تطرّقت لعدة قضايا تشغل المنطقة العربية حاليًا.

اقرأ/ي أيضًاعزمي بشارة.. في تشريح الإرهاب

هل كانت المنطقة على شفا حرب جديدة؟

ردًّا على هذا السؤال اعتبر عزمي بشارة أنه نظريًا فقط كان من الممكن أن تنشب حرب، لكن عمليًا لم تكن لدى الطرفين، الإيراني والأمريكي، نية أو إرادة للدخول في الحرب، لأسباب عديدة. وبناء عليه بين أن ما جرى كان جزءًا من كل ما شهدته المنطقة من تصعيد وتوتر منذ إلغاء الاتفاق النووي في العام 2018 والضغط الاقتصادي الأمريكي المكثّف على طهران، ثم ردّ إيران على ذلك بأساليبها المختلفة، من خلال استهداف منشآت أرامكو وناقلات النفط، وصولًا إلى استهداف القاعدة الأمريكية قرب كركوك ومحاولة اقتحام السفارة الأمريكية لاحقًا. كما أوضح بشارة أن المعطى الجديد في هذا كله هو نقل الحرب بالوكالة إلى العراق، واختبار حدود أو سقوف التصعيد بين البلدين، التي رُسمت ووضعت لها خطوط جديدة.

أهداف التصعيد من الجانبين الأمريكي والإيراني

بخلاف ما يروج إعلاميًا بأن قاسم سليماني هو الرجل الثاني في إيران بعد المرشد الأعلى، فإن عزمي بشارة يؤكد أنها مقولة لا تنطبق على قائد فيلق القدس، كما يعتقد بأنه جرت أسطرته بشكل كبير إعلاميًا من الطرفين الأمريكي والإيراني لأهداف معروفة، ومع ذلك فقد كان سليماني حسبه الرجل المهم في الحروب التي تخوضها إيران بالوكالة في الإقليم، حيث كان عمليًا المنفّذ لسياسات طهران منذ عام 2007، وهو نفس العام الذي وضعته فيه الولايات المتحدة على قوائم الإرهاب، أي قبل تصنيف الحرس الثوري منظمةً إرهابية بحوالي 12 سنة. لكنه لم يكن صانع تلك السياسات كما تروج بعض الآراء.

أما حول أهداف التصعيد إيرانيًا، فقد اعتبر المفكر العربي أن حرْف الانتباه عن الاحتجاج الشعبي، الذي ترى طهران أنه موجه ضدّها، إلى موضوع الوجود الأمريكي في العراق، كان هو الهدف الرئيسي من التصعيد الذي بدأ بضرب حزب الله العراقي لقاعدة "كي وان" قرب كركوك، ثم لاحقًا محاولة اقتحام السفارة، وهنا وقع سليماني في خطأ كبير، في حالة ما إذا كان هو من يقف خلف مخطط اقتحام السفارة، وذلك لرمزية هذه المسألة لدى واشنطن منذ حادثة اختطاف الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران واغتيال السفير في بنغازي.

أما حول أجندة الإدارة الأمريكية فيما يتعلق باغتيال سليماني فقد أوضح المتحدث أن أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت ترامب لاتخاذ قرار الاغتيال هو بحثه عن تحقيق رمزية كبيرة، إضافة إلى ذلك فإن ترامب وجد اغتيال سليماني فرصة لرفع الحرج الذي وقع فيه بسبب عدم الرد على إسقاط الطائرة الأمريكية المسيّرة من طرف طهران، هذا فضلًا عن التأثير الإسرائيلي على الرئيس الأمريكي، فمنذ فترة وإسرائيل تحثُّ الولايات المتحدة على اغتيال سليماني  بدعوى أن أن لا شيء سيحصل لو تمّ ذلك.

تغيير قواعد التصعيد

اعتبر بشارة أن إيران كانت مضطرة للرد، لكنها في الوقت نفسه كانت تخشى عواقبه، ولذلك لم تقم بقصف القواعد التي يوجد فيها جنود أمريكيون إلا بعد أن أبلغت العراقيين بالضربة. والفرق الوحيد المسجّل في هذه الضربة أنها مباشرة باعتراف إيران ولم تتم بالوكالة، لكن الأمريكيين حسب بشارة سيعتبرون أي ضربة مستقبلًا بالوكالة ضربةً مباشرة. وبالتالي فإن إيران لم تخرج من هذه الجولة رابحة مع الولايات المتحدة، لكنها ربما تكون قد خرجت كذلك في المنطقة، لأن هنالك صمتًا مطبقًا من الإمارات والسعودية لمعرفتهم بفداحة الخسائر التي يمكن أن يتكبّدوها في حالة مواجهة إيران.

أوضح المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أنّ الإيرانيين براغماتيون بدرجة كافية، وبالتالي فإنه ليس مستبعدًا، بناء على ذلك، أن تعود إيران إلى طاولة المشاورات مع الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق حول برنامجها النووي، بعد مرحلة من المفاوضات غير المباشرة. إلا أن عودتها بدون شروط أو وعود ستكون بمثابة استسلام صريح. ولذلك قال إن الوضع في المنطقة سيبقى هشًا وقابلًا للاشتعال.

أما عن حلفاء إيران في المنطقة، وخاصة في لبنان واليمن وسوريا والعراق ودورهم في أي تصعيد محتمل، يوضح بشارة أولًا أنه بالنسبة لحزب الله اللبناني فإنه ليس معنيًا بالتصعيد، فهو من جهة يريد تجاوز حالة الغليان الشعبي بسبب فساد النظام الطائفي، ومن جهة ثانية فإنه تحول مؤخرًا إلى حزب سلطة لديه الكثير مما قد يخسره في حالة التصعيد.

الحوثيون أيضًا معنيون بالتهدئة أكثر من التصعيد بالرغم من شعاراتهم الصدامية ضد إسرائيل وأمريكا. أما في سوريا فإن عزمي بشارة يعتبر أن أي تصعيد يمكن أن يحدث ربما يكون موجهًا بدرجة أولى ضد إيران نفسها، وسيكون ذلك إن حدث في صالح روسيا وربما تكون حليفة فيه.

بناء على ذلك فالساحة الوحيدة التي يمكن أن تشهد تصعيدًا هي الساحة العراقية، وبالفعل اتبعت إيران مجموعة من الوسائل للضغط هناك من خلال البرلمان وعن طريق الضغط الشعبي وربما أيضًا عن طريق الاغتيالات.

العراق ساحة التصعيد المفضلة لدى إيران

أوضح المفكر العربي أن الهدف الإيراني المعلن حاليًا هو إخراج القوات الأمريكية من العراق، لكنه نبّه في هذا الصدد أنه لا يوجد أساس قانوني حاليًا لوجود القوات الأمريكية في العراق، وما يوجد حقيقة هو قواعد عراقية تضم جنودًا أمريكيين وذلك منذ 2011. ففي العام 2008 وقّع نوري المالكي مع الإدارة الأمريكية اتفاق الانسحاب. مع العلم أن من استدعى تدخل واشنطن هو الشيعية السياسية ومن دعا الولايات المتحدة للدخول من جديد هو حكومة تقودها، والآن نجد نفس الأطراف تطلب خروج تلك القوات من دون تقديم خطّة لمشروع عراقي وطني.

وبالتالي يمكن اعتبار قرار الحكومة العراقية الحالي قرارًا سياسيًا ليست له أي قيمة، فالأمريكيون لن يخرجوا مهزومين، ولن يخرجوا دون ضمانات. كما أن خروج القوات الأمريكية يحب أن يتم في إطار خطة كاملة لرفع الهيمنة الخارجية عن العراق.

ليبيا وإمكانيات وقف إطلاق النار برعاية تركية روسية

في تعرّضه لمستجدات الملف الليبي والحديث الدائر حاليًا عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين فرقاء المشهد الليبي برعاية تركية روسية، نبّه بشارة إلى أن التأثير التركي في ليبيا ليس جديدًا، فتركيا كانت موجودة في ليبيا منذ فترة، وكانت حريصة منذ 2009 على رسم حدودها البحرية مع ليبيا في حوض المتوسط، وهي الآن تحاول استرجاع نفوذها هناك، في ظل سياق يتسم بوجود اضطرابات بين الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

اعتبر عزمي بشارة أن أحد أهم التحديات التي تواجه حكومة السراج في الغرب الليبي هي بناء جيش وطني في طرابلس، وتجاوز حالة التشظي الفصائلية

كما اعتبر بشارة أن حوار برلين الذي دعت إليه ألمانيا لم يكن ليكون ممكنًا دون جو التهدئة الذي سيقود إليه توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.  كما أكد أيضًا أن أحد أهم التحديات التي تواجه حكومة السراج في الغرب الليبي هي بناء جيش وطني في طرابلس، وتجاوز حالة التشظي الفصائلية الموجودة هناك بدمج الفصائل في كيان مؤسسي عسكري موحّد.