18-يوليو-2023
gettyimages

كييف اعترفت بتفجير الجسر الذي يربط شبه جزيرة القرم بروسيا (Getty)

عادت شبه جزيرة القرم إلى الواجهة من جديد عقب التفجير الذي استجد أمس الإثنين مستهدفًا جسر كيرتش الحيوي الذي يربط البر الرئيسي لروسيا متسببًا في سقوط قتلى وجرحى. 

حركة أتش السرية، مكونة من تتار القرم وترفض الاحتلال الروسي لشبه الجزيرة

يضاف إلى ذلك إعلان حركة "أتش الفدائية" التي يقودها تتار القرم عن استعدادها لحمل السلاح ضد روسيا لتحرير شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا عام 2014 من أوكرانيا، وعلى الرغم من عدم تبني الحركة للهجوم الأخير الذي استهدف جسر كيرتش، فقد سبق للحركة تبني سلسلة من الهجمات المشابهة ضد أهداف روسية في القرم.

وبالعودة لهجوم الإثنين فقد اعتبرته موسكو عملًا إرهابيًا أوكرانيًا، في حين اعترفت كييف بتنفيذ الهجوم.

تنا

أما بخصوص جماعة إتش وإعلانها الجديد استعدادها حمل السلاح ضد موسكو حال حصولها على الأسلحة في مغازلة صريحة لكييف وحلفائها، فإنها تُعدّ حركة سرية أسسها تتار القرم وتنشط بشكل سري خلف الخطوط الروسية.

getty

وكشف الزعيم في الحركة مصطفى دزيميليف لصحيفة الغارديان البريطانية أنّ "المئات من شباب التتار مستعدون لحمل السلاح لتحرير شبه الجزيرة الأوكرانية المحتلة".

ونوه دزيميليف، الذي يعده الكثيرون الأب الروحي لحركة حقوق تتار القرم، إلى العمليات التي قامت بها جماعة "أتش" الفدائية، التي تضم تتار القرم والأوكرانيين والروس في شبه جزيرة القرم، ومناطق أوكرانية محتلة أخرى.

وقد تمّ إنشاء حركة أتش، التي تعني "النار" في تتار القرم، أيلول/سبتمبر من العام الماضي "للقيام بأعمال تخريبية من داخل صفوف الجيش الروسي".

وتزعم الحركة أن أكثر من 4 آلاف جندي روسي قد التحقوا بالفعل في دورة تدريبية عبر الإنترنت، حول كيفية "النجاة من الحرب" من خلال تدمير معداتهم الخاصة.

كما تزعم الجماعة أنها فجرت نقاط تفتيش روسية، واغتالت ضابطًا روسيًا، وأضرمت النار في ثكنات وقدمت معلومات حساسة للمخابرات الأوكرانية، ومؤخرًا كشفت أن خبراء المتفجرات الروس زرعوا ألغامًا في مصنع "Krymskyi Titan" الكيميائي، شمال شبه جزيرة القرم.

ويقول دزيميليف البالغ من العمر 79 عامًا إن "منظمة أتش عميقة جدًا تحت الأرض، فلم يقع أي اعتقال بين أعضاء أتش، لكنهم يعملون داخل أراضي القرم في تفجير الأهداف".

getty

وأشار دزيميليف إلى أن تتار القرم البالغ قوامهم 300 ألف شخص، كانت محور مقاومة الاحتلال الروسي منذ 2014، عندما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم.

وتتار القرم، حسب الغارديان، "هم السكان الأصليون الناطقون باللغة التركية في شبه جزيرة القرم، تبنوا الإسلام، وانفصلوا عن خانية القرم القوية في القرن الـ15، وبعد الضم الروسي عام 1783، بدأت عملية الاضطهاد والطرد في ظل الحكم الإمبراطوري، واستمرت في ظل الاتحاد السوفيتي".

ففي عام 1944، قام ستالين بترحيل جميع سكان تتار القرم، معظمهم إلى أوزبكستان بما في ذلك عائلة دزيميليف عندما كان عمره 6 أشهر، وكناشط في مجال حقوق الإنسان، أمضى سنوات تحت المراقبة في مستعمرات عقابية، ورغم أنه لم يعد رئيس مجلس تتار القرم، لكنه ظل عضوًا في البرلمان والشيخ البارز للمجتمع.

وفي 12 من آذار/مارس 2014، بعد أسبوعين من استيلاء الجنود الروس الذين لا يرتدون أي شارة على نقاط استراتيجية في شبه جزيرة القرم، وقبل 4 أيام من إجراء "استفتاء" في شبه الجزيرة لتأييد "استقلالها"، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى دزيميليف عبر الهاتف.

وقال دزيميليف أثناء تذكره للمحادثة التي استمرت 45 دقيقة مع الرئيس الروسي: "أخبرني أنه رأى تتار القرم على أنهم دعاة سلام، وأنه يأمل ألا يكون هناك عنف، قلت له انتظر لحظة، لا يوجد عنف عندما تدافع عن حقوقك المدنية في بلدك. ولكن عندما يخطو حذاء العدو على أرضك، فهذه مسألة مختلفة تمامًا".

ويرى دزيميليف أن تتار القرم يتحملون وطأة الاحتلال الروسي، ورغم أنهم يشكلون 13% من سكان شبه الجزيرة، إلا أن 85% منهم تعرضوا للاعتقالات السياسية وعمليات التفتيش غير القانونية.

كما تعرض نشطاء تتار القرم للاختطاف والاختفاء القسري، وقال دزيميليف إن "49 ناشطًا في عداد المفقودين، وعثر على 8 فقط من جثثهم حتى الآن، فيما تم سجن زعماء سياسيين وعشرات النشطاء".

وعلى الرغم من مستوى السيطرة والاضطهاد، أكد دزيميليف أنه إذا شعر تتار القرم أن التحرير قريب، فإن صفوف الثوار ستنمو بشكل كبير، وتابع "في الوقت الحالي، هناك حوالي ألف شاب على استعداد لحمل السلاح بمجرد وصول الجيش الأوكراني، إذا تمكنوا من الحصول على الأسلحة"، حسب قوله.

في ذات السياق، نقلت الغارديان عن رئيس المجلس الحالي لتتار القرم رفعت تشوباروف، قوله إنه "توجد قوى خارجية تسعى للتفاوض بشأن مستقبل شبه جزيرة القرم، دون مشاركة السكان الأصليين في تلك المفاوضات"، مؤكدًا أنّ "هناك الآلاف من تتار القرم على استعداد لمحاربة أي محاولة لمغادرة وطنهم تحت الاحتلال الروسي".

وترجح الغارديان أن الدور العسكري لتتار القرم "سيكون وسيلة لوضع موسكو تحت ضغط إضافي دون إثارة قلق الحلفاء، كما هو الحال مع المتطوعين الروس، الذين يقاتلون بدعم أوكراني على الأراضي الروسية".

زكي وزكية الصناعي

وقد تفاعلت كييف بشكل إيجابي مع دعوات تتار القرم، حيث سبق لمستشار الرئاسة الأوكراني ميخايلو بودولاك أن قال: "إن تتار القرم لهم أهمية قصوى في التحرير المستقبلي لشبه جزيرة القرم، من وجهة نظر أيديولوجية وسياسية وغيرها". مردفًا القول: "يخدم تتار القرم في القوات المسلحة لأوكرانيا، ويقومون بدور نشط في العمليات الحزبية في شبه جزيرة القرم. هناك شبكة واسعة جدًا داخل شبه جزيرة القرم في الوقت الحالي، وهذا أمر مفيد للغاية. هناك حوادث معينة تحدث هناك وهي دليل على ذلك"، على حدّ قوله.

وترى الغارديان أنه في حال تحرير شبه جزيرة القرن من السيطرة الروسي، سيسعى تتار القرم إلى اعتراف أكبر، بما في ذلك تغيير دستوري من شأنه أن يجعل شبه الجزيرة "جمهورية وطنية" يكون لهم فيها، بوصفهم السكان الأصليين، وضع خاص. إلّا أنّ حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لم تقدم أي ضمانات محددة في هذا الصدد، حسب الغارديان.

ترى الغارديان أنه في حال تحرير شبه جزيرة القرن من السيطرة الروسي، سيسعى تتار القرم إلى اعتراف أكبر، بما في ذلك تغيير دستوري من شأنه أن يجعل شبه الجزيرة "جمهورية وطنية"

حيث تقول تاميلا تاشيفا، وهي ناشطة في تتار القرم وتشغل حاليًا منصب الممثل الدائم للرئيس في شبه الجزيرة قالت إنه: "في زمن الحرب، يحظر تغيير الدستور"، مضيفةً أنه بعد التحرير "هناك الكثير من الحديث عن وضع شبه جزيرة القرم، لكن في الوقت الحالي لا يوجد قرار نهائي. هذا السؤال معلق".