03-فبراير-2017

أسامة دياب/ سوريا

‏لقد طالَ غيابُهُ
وطالَ شَعري..
يعُدّ عِصيَّ الطَّبشور على جدران السّجن
شهرًا تلو شهرٍ
وكلّما اجتمعَت فوق سريرهِ
اثنتي عشرَ عصا جديدةً
يحزمُها بخطٍّ واحدٍ عرضًا..

يُلغيها من مُهلةِ حياتهِ
التي بالكادِ تكفي
ليستهلكَ حِصَّتهُ من النّومِ والضَّجر.
وكلّما قصَّ بالسّطرِ حزمةً هناكَ،
أقُصُّ أنا هنا شَعري..

لقد طالَ غيابُهُ
وطالَ شَعري..
طولُ غيابهِ الآنَ أربع ضفائر،
سنةٌ كبيسة،
دورةٌ أولَمبيّة،
فاتورةُ مياهٍ متراكمةٍ لثمانٍ وأربعينَ شهرًا،
حَفنةٌ من الثّوراتِ الفاشلة،
ثلاثةُ قبور لم تندمِل بعدُ في مَقبرةِ العائلةِ؛
قبر ٌرابع مجهّزٌ طوالَ الوقتِ
على سبيل الاحتياطِ
فحَفّارُ القبورِ منشغلٌ هذه الأيام
إلى أُذُنيه..

شتاءٌ أول في السّجنِ على رَجُلٍ وأربعةِ جُدرانٍ وسقفٍ والكثيرَ من الوقتِ ومُخَيّلة..
شتاءٌ ثانٍ في السّجن على رجلٍ وأربعةِ جُدرانٍ وسقف والكثيرَ من الوقت..
ثالثٌ على أربعةِ جدرانٍ ورجلٌ وسقف..
رابعٌ على خمسةِ جدرانٍ وسقف..

يحلِفُ الجدارُ بأنَّ العِصِيَّ أَورقَت
يحلِفُ زميلُهُ في الزنزانةِ بأنّ الجدارَ قد حَلَف
يحلِفُ هو بأنّ لهُ زميلًا في زنزانةِ العَزلِ الانفراديّ..

عِصِيُّ السّجنِ صارت غابة..
ضفائري صرنَ حبلَ مشنقة..

تاجَرَ الأوغادُ بالأوهامِ والأحلامِ والنّسيان
والانتظارُ -سلعةُ الأوفياءِ-
سيظلُّ سلعةً كاسدة..

 

اقرأ/ي أيضًا: 

كلانا تربّى على الرحيلِ

تعويذة لكتبي المسروقة