29-يونيو-2023
لقاء قديروف وبوتين

هل سترفع الأحداث الأخيرة من مكانة قديروف ليكون الوجه الأبرز لخلافة بريغوجين (Associated press)

نشر رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف صورة "سيلفي" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد لقاء جمعهم أول أمس في الكرملين، وكتب قديروف في قناته على تلغرام: "رئيسنا فلاديمير بوتين يكن لمسلمي بلدنا الكبير والعظيم والمترابط احترامًا شديدًا.

 طلب بوتين من قديروف أن أنقل تهانيه للجنود العاملين في منطقة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتمنى التوفيق للشباب الشجعان، السرعة في إنجاز مهامهم

تناول الأوضاع في الشيشان وتوجيه تحية لكتيبة أحمد الخاصة

وخلال الاجتماع الذي جمع قديروف وبوتين، تم تناول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في جمهورية الشيشان، كما تم بحث "الخطط والإنجازات"، بحسب ما نقله  الرئيس الشيشاني، الذي أضاف: "في نهاية الاجتماع، طلب مني فلاديمير بوتين أن أنقل خالص تهانيه إلى جميع المسلمين بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، ونقل تمنياته بالسعادة والخير والسلام والازدهار".

لقاء قديروف وبوتين

وتابع قديروف: " كما طلب أن أنقل تهانيه للجنود العاملين في منطقة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتمنى التوفيق للشباب الشجعان، والسرعة في إنجاز مهامهم"، في إشارة لعناصر كتيبة "أحمد" الشيشانية الخاصة التي تقاتل في شرق أوكرانيا.

الانحياز إلى صف الرئيس الروسي

يأتي اللقاء بعد الأحداث التي هزت أركان حكم الرئيس الروسي، خلال التمرد الذي قاده مالك الشركة العسكرية الخاصة "فاغنر" يفغيني بريغوجين، والذي انتهى بعد 36 ساعة باتفاق أفضى إلى توقف عناصر "فاغنر" عن الزحف نحو العاصمة موسكو، وإسقاط التهم الجنائية عن المشاركين في التمرد، وانتقالهم مع رئيسهم إلى جمهورية بيلاروسيا.

يذكر أن الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، أعلن وقوفه إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رفضه تمرد عناصر "فاغنر" ضد القيادة العسكرية الروسية، وأرسل وحدات من كتيبة "أحمد" الخاصة إلى مدينة روستوف في جنوب روسيا، التي سيطرت عليها وحدات من "فاغنر"، وخرج بتصريحات قال فيها، إن " لدينا قائد أعلى منتخب من قبل الشعب يعرف الوضع برمته بأدق التفاصيل بشكل أفضل من أي استراتيجي"، وأضاف "يجب القضاء على التمرد، ونحن مستعدون إذا كان الأمر يتطلب اتخاذ إجراءات صارمة"، وتابع الرئيس الشيشاني، أن "مقاتلي وزارة الدفاع، والحرس الروسي في جمهورية الشيشان قد غادروا بالفعل إلى مناطق التوتر"، مؤكدًا "سنبذل قصارى جهدنا للحفاظ على وحدة روسيا وحماية دولتها، وأن أمن الدولة وتماسك المجتمع الروسي في مثل هذه اللحظة فوق كل شيء".

جنود شيشان على مشارف روستوف

وشدد قديروف على أن "ما يحدث ليس إنذارًا لوزارة الدفاع ولكنه تحد للدولة، ويجب على الجميع الالتفاف ضده"، قائلًا:" انظروا كيف يستغل أعداؤنا في الغرب هذا الوضع، كم عدد الأكاذيب وكم عدد النداءات الكاذبة التي تخيف مواطنينا، وتخلق خطر حدوث حالة مزعزعة للاستقرار، وهذه هي النتائج المتوقعة لمحاولة بريغوجين الغادرة".

تغليب المصالح الشخصية

اتهم قديروف، مالك مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين، بأنه "بصق على الارتباط بالوطن وحبه"، وذلك من أجل طموحاته الشخصية، وكتب قديروف في قناته على تلغرام: "اعتقدت أن بعض الناس يمكن الوثوق بهم. إنهم يحبون وطنهم بصدق كوطنيين حقيقيين حتى النخاع، لكن اتضح أنه من أجل الطموحات الشخصية والربح والغطرسة، يمكن للناس أن يبصقوا على الارتباط بالوطن وحبه".

وتحدث قديروف، عن أنه حث بريغوجين على" التخلي عن طموحاته التجارية، وعدم الخلط بينها وبين الأمور ذات الأهمية الوطنية"، كما دعا الرئيس الشيشاني جميع مقاتلي مجموعة "فاغنر" إلى "اتخاذ قرارات واعية، والتفكير في مستقبل روسيا". مشيرًا إلى أن" كل شيء انتهى بسلام، لكن القمع الشديد كان يمكن أن يصبح إجراء أخيرًا".

انتقادات للقيادة العسكرية الروسية

وعلى الرغم من المكانة التي يحظى بها قديروف لدى الرئيس الروسي، لكن ذلك لم يمنعه من توجيه انتقادات للقيادة العسكرية الروسية، بعد هزائم خريف العام الماضي، خلال الهجوم الأوكراني المضاد في جنوب البلاد، والذي خسرت على إثره القوات الروسية عددًا من المدن والمواقع الاستراتيجية، حيث وجه انتقادات لوزارة الدفاع الروسية، لشح المعلومات التي تصدرها، قائلًا: " في الأيام الأخيرة نحصل على معلومات حول الأوضاع، ولكن من دون أي شيء محدد"، مضيفًا "نأمل أن نحصل  بإذن الله على توضيحات من وزارة الدفاع، لماذا قرروا الانسحاب من مدن مثل إيزيوم، وبالاكليا، ومدن أخرى لا أعرف أسماءها، وتبين أنه الانسحاب كان اضطراريًا من وجهة النظر الاستراتيجية العسكرية من أجل تقليل الخسائر البشرية"، وهدد بالتواصل المباشر مع القيادة الروسية.

قديروف وضابط روسي على جبهة ماريوبول

 وكان يُنظر سابقًا إلى قديروف على أنه حليف لبريغوجين، بحكم انتمائهم لمعسكر صقور الحرب، وتشكيلهم عماد القوات الرديفة التي تقاتل إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا، لكن في الأسابيع القليلة الماضية، بدأ قادة شيشانيون تابعون لقديروف في انتقاد الهجوم المتكرر لبريغوجين على وزارة الدفاع الروسية.

صراع فاغنر والمؤسسة العسكرية الروسية

 تصاعد الصراع بين "فاغنر" والمؤسسة العسكرية الروسية الرسمية، بشكلٍ كبير خلال الأشهر الأخيرة، مع توجيه بريغوجين اتهامات علنية لوزير الدفاع الروسي وقائد هيئة الأركان بالخيانة العظمى، بسبب منعهم وصول الذخيرة لقواته، على حسب ادعائه، والتهديد بالانسحاب من جبهات القتال، لكن في الغالب كانت وزارة الدفاع الروسية تنفي تلك الاتهامات، دون أن ترد مباشرةً على بريغوجين.

كتيبة أحمد الشيشانية الخاصة

في هذه الأثناء برز اسم كتيبة "أحمد" الشيشانية الخاصة، بعد أن طرحها بريغوجين لتحل محل قواته في باخموت، لكن اتضح فيما بعد، أن الأمر لم يكن يعدو سوى كونه مناورة من قبل بريغوجين للضغط على القيادة العسكرية الروسية.

وصل الخلاف بين مالك "فاغنر" ووزارة الدفاع إلى نقطة اللاعودة، حين طرحت الأخيرة على التشكيلات العسكرية الخاصة، توقيع عقود مع الوزارة للانضواء تحت مظلة الجيش الروسي في القتال بأوكرانيا، رفضت "فاغنر" توقيع تلك العقود، فيما وقعت كتيبة "أحمد" الشيشانية عقدًا مع وزارة الدفاع الروسية لتصبح جزءًا من القوات الروسية التي تقاتل في أوكرانيا.

يذكر أن الكتيبة  تأسست في حزيران/ يونيو 2022، واكتسبت اسمها نسبة إلى الرئيس الشيشاني الراحل أحمد قديروف. وتتكوّن كتيبة "أحمد" أو "مفارز أخمات" كما يطلق عليها كذلك من أربع مجموعات قتالية هي: "أحمد شمال وأحمد جنوب وأحمد شرق وأحمد غرب"، وتضمّ مقاتلين شيشانيين متطوّعين من خارج القوات النظامية. ويبلغ عدد مقاتليها نحو 10 آلاف مقاتل، ويرأس الكتيبة الجنرال آبتي علاء الدينوف، الذي أكد أنه "إذا تم نقلنا إلى اتجاه دونيتسك، فأنا أضمن أن القوات الخاصة أحمد، ستفعل كل شيء من أجل تحرير جمهورية دونيتسك الشعبية".

كتيبة أحمد الخاصة

وتتسلح الكتيبة بأحدث وأقوى الأسلحة الروسية، حيث تحصل على أسلحتها وذخيرتها من المخازن العسكرية الروسية بشكل مباشر، ونظرًا لشراسة عناصرها في القتال، اعتمدت عليهم القوات الروسية في عملياتها العسكرية على محاور مارينكا على الجبهة الشرقية في دونيتسك.

دور قادم

انتهى تمرد عناصر "فاغنر"، وخروجوا من الساحة الروسية بعد إنهاء عملهم من قبل الرئيس الروسي، ويتم الآن تداول معلومات عن نية القيادة العسكرية الروسية تسليم كتيبة "أحمد" المواقع التي كانت تسيطر عليها قوات "فاغنر" على جبهات القتال.

وصل الخلاف بين مالك "فاغنر" ووزارة الدفاع إلى نقطة اللاعودة، حين طرحت الأخيرة على التشكيلات العسكرية الخاصة، توقيع عقود مع الوزارة للانضواء تحت مظلة الجيش الروسي في القتال بأوكرانيا، رفضت "فاغنر" توقيع تلك العقود، فيما وقعت كتيبة "أحمد" الشيشانية عقدًا مع وزارة الدفاع الروسية لتصبح جزءًا من القوات الروسية التي تقاتل في أوكرانيا.

ويعد استعانة القيادة الروسية بالكتيبة الشيشانية لمواجهة تمرد عناصر "فاغنر"، بالإضافة للاعتماد عليها في القتال بعدد من الجبهات بأوكرانيا،  أن رمضان قديروف قد يكون الوجه الأبرز الذي سيحل محل بريغوجين في الصراع الدائر بأوكرانيا، ويفتح السؤال مشرعًا عما إذا كان سيصبح الأكثر قربًا من الدائرة المحيطة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الفترة المقبلة.