08-مايو-2023
Getty

تراجع فاغنر عن الانسحاب من باخموت ترافق مع تكثيف قصفها (Getty)

شنت روسيا موجةً واسعةً من الضربات على كييف ومدن أخرى أوكرانيا، مما تسبب في دمار وإصابات واسعة النطاق، في الوقت الذي تستعد فيه موسكو لعطلة يوم النصر، وذلك بمناسبة هزيمة ألمانيا النازية بمشاركة الاتحاد السوفيتي، كما تأتي الضربات بعد ما يقارب الأسبوع على إعلان روسيا الكشف عن طائرات مُسيّرة تحاول مهاجمة الكرملين.

وقالت مصادر أوكرانية إن خمسة أشخاص على الأقل أصيبوا في هجمات على كييف، بينما تسببت الصواريخ الروسية بحريق هائل في مستودع للمواد الغذائية في مدينة أوديسا المطلة على البحر الأسود، كما وردت أنباء عن انفجارات في عدة مناطق أوكرانية أخرى في ساعة مبكرة من صباح اليوم الإثنين.

شنت روسيا صباح موجة واسعة من الضربات الصاروخية على عدة أهداف أوكرانيا

وفي سياق متصل، كثفت القوات الروسية قصفها على مدينة باخموت، على أمل الاستيلاء عليها بحلول يوم الثلاثاء، حسبما قال الجنرال الأوكراني المسؤول عن الدفاع عن المدينة المحاصرة. ويترافق ذلك مع تراجع مجموعة فاغنر عن عزمها الانسحاب من المدينة خلال الأيام المقبلة. 

وتأتي سلسلة الهجمات، بعد تكثف الضربات على أهداف تسيطر عليها روسيا، خاصة في شبه جزيرة القرم. وهي هجمات لم تعلن أوكرانيا، المسؤولية عنها بشكلٍ رسمي، لكنها تأتي ضمن جهود تدمير البنية التحتية الروسية، وذلك استعدادًا للهجوم البري الأوكراني.

Getty

وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في تحديثها صباح اليوم، إن روسيا شنت 16 ضربةً صاروخيةً على مدن ومناطق بما في ذلك خاركيف وخيرسون ونيكولاييف وأوديسا بالإضافة إلى 61 غارة جوية، مشيرةً إلى امكانية "شن مزيد من الضربات الصاروخية والجوية الروسية في أوكرانيا".

تراجع فاغنر

تراجع زعيم مجموعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين عن تهديداته بانسحاب قواته من باخموت شرقي أوكرانيا، بعد تلقّيه وعودًا رسمية باستلام مزيد من الأسلحة والذخيرة خلال الساعات القليلة القادمة. 

وبالترافق مع هذه الأنباء، أشارت المجموعة إلى إمكانية فتح "جبهات قتال جديدة" في مدن أخرى بمنطقة دونباس وفقًا لخطط وزارة الدفاع الروسية، وتزامن تراجع فاغنر عن التهديدات بالانسحاب مع تصريحات جديدة أدلى بها كل من وزير الدفاع الأوكراني والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لصحيفة واشنطن بوست حول الهجوم الأوكراني المضاد المرتقب.

ونشر زعيم مليشيا فاغنر يفغيني بريغوجين أمس الأحد رسالة صوتية على قناته على تيليغرام، الأحد أكد فيها: "تلقيه وعودًا بالحصول على كل ما تحتاج إليه قواته من الذخيرة والأسلحة لمواصلة المزيد من العمليات"، مردفًا القول "وتلقينا وعودًا بإرسال كل ما هو ضروري لمنع العدو من عزلنا عن الإمدادات"، وفق تعيره.

وكان بريغوجين لوّح يوم الجمعة الماضي بانسحاب مقاتلي فاغنر من مدينة باخموت التي قاتلوا فيها بشدة منذ أشهر وخسروا فيها آلاف القتلى، متذرعًا بنبرة شديدة اللهجمة بـ "حرمانهم من الذخيرة وتكبدهم خسائر بلا فائدة أو مبرر"، نتيجة لذلك الحرمان، متّهمًا بالتحديد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وفريقه في موسكو بالمسؤولية عن ذلك.

وقال بريغوجين، الجمعة الماضي، في مقطع مصور وسط جثث مقاتليه، إنه سينسحب من باخموت "اعتبارًا من العاشر من أيار/مايو الجاري، بسبب عدم توفير الإمدادات اللوجستية والذخائر من طرف وزارة الدفاع الروسية"، رغم تحقيقه "انتصارات عجز عنها الجيش النظامي".

Getty

ولم تأخذ كييف تصريحات بريغوجين على محمل الجد، بل اعتبرت مناورة روسية، وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم قيادة المنطقة الشرقية بالجيش الأوكراني سيرهي تشيريفاتي "إن القوات الروسية تملك ذخيرة أكثر من كافية"، وفقًا لما نقلته عن رويترز، مؤكدا أن تصريحات زعيم مليشيا فاغنر "غرضها الإلهاء عن الخسائر الفادحة التي تتكبدها فاغنر بسبب دفعها بأعداد كبيرة من القوات إلى المعركة".

وأردف المسؤول الأوكراني قائلًا: "489 هجومًا مدفعيًا على مدى 24 ساعة مضت في المنطقة المحيطة بباخموت، أهذا افتقار للذخيرة؟".

من جانبه، قال معهد دراسات الحرب في أحدث تقييم له، إن بريغوزين والزعيم الشيشاني رمضان قديروف "ابتزوا بشكل فعال على الأرجح" وزارة الدفاع الروسية لتخصيص المزيد من موارد فاغنر، مشيرًا إلى القائد العام للحملة في أوكرانيا فاليري جيراسيموف، وربما وزير الدفاع سيرجي شويغو، يتفقدون القدرة للسيطرة على قديروف وبريغوزين، وبدلًا من ذلك "يتفاوضون معهم كأنداد".

كييف تخفض سقف التوقعات

وبدأت كييف تميل إلى خفض مستوى التوقعات والآمال المعلّقة على هجومها المضاد الذي طال انتظاره، بحسب واشنطن بوست التي استندت في هذا "الانطباع" على تصريحات لوزير الدفاع الأوكراني والرئيس زيلينسكي، ويحدث ذلك في وقت يترقب فيه الجميع الهجوم الأوكراني المضاد الذي من "المتوقّع" حسب المتفائلين أن يخرج القوات الروسية من معظم الأراضي الأوكرانية.

إلا أن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، قال في تصريحاته لصحيفة واشنطن بوست "العالم يبالغ كثيرًا بخصوص هجومنا المضاد، فجميع الأشخاص ينتظرون حدثًا ضخما، ونخشى من أن يؤدي الإفراط بالتفاؤل إلى خذلان عاطفي"، وفق تعبيره.

وكان ريزنيكوف، قد أكّد نيسان/أبريل الماضي، أنّ الاستعدادات للهجوم المضاد "شارفت على نهايتها، فقد تمّ التعهد بمعدات وأصبحت جاهزة وسلّمت جزئيًا. بالمعنى الواسع، نحن جاهزون"، ويتعلق الهجوم الأوكراني المضاد باستعادة الأراضي التي "احتلتها روسيا في شرق أوكرانيا وجنوبها".

وبحسب صحيفة  واشنطن بوست فهذا النوع من الهجوم المضاد "يتطلب في الغالب تحقيق انتصار ساحق"، مع الإشارة إلى أنه من الصعوبة بمكان معرفة أين يمكن أن تصل قوات كييف "في ظل تمركز القوات الروسية في أماكن دفاعية معززة على امتداد خط الجبهة البالغ نحو 1450 كيلومترا".

هذا فضلًا عن تخوف المسؤولين الأوكرانيين، حسب واشنطن بوست، من رد الفعل الغربي والأمريكي، في حالة ما إذا لم يحقق الهجوم النتائج المرجوة لدى العواصم الغربية، ففي حالة فشل الهجوم قد يتراجع مستوى الدعم الدولي لكييف بل قد تتعرض لضغوط شديدة للجلوس على طاولة المفاوضات مع الروس.

وذكرت واشنطن بوست "أنّ محادثات مماثلة سيكون محورها بشكل مؤكد مطالب روسية لتسليم مناطق ذات سيادة، وهو ما ترفضه أوكرانيا بالمطلق".

وفي هذا السياق قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في مقابلة مع الصحيفة الأمريكية: "أعتقد بصدق أنه كلما حققنا انتصارات أكثر بميدان المعركة، كلما زادت ثقة الناس فينا، وهو ما يعني أننا سنتلقى المزيد من المساعدة".

Getty

وضمن نفس الاتجاه نقلت الصحيفة عن وزير الدفاع الأوكراني ريزنيكوف قوله إنّ الشركاء الغربيين أخبروه بأنهم يودون الآن "أن يروا مثالًا جديدًا على النجاح لأننا في حاجة لإظهار ذلك لشعوبنا.. لكن لا أستطيع أن أقول لكم إلى أي مدى سيكون هذا النجاح. 10 كيلومترات، 30 كيلومترًا، 100 كيلومتر، 200 كيلومتر؟".

ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية للهجوم المضاد الأوكراني، في كسر ما الجسر البري بين البر الرئيسي لروسيا وشبه جزيرة القرم، وقطع خطوط الإمداد الحيوية للقوات الروسية في منطقة زابوروجي، وعزل القواعد الروسية في شبه الجزيرة. بالإضافة إلى استعادة السيطرة على مرافق البنية التحتية الحيوية ذات القيمة الكبيرة، بما في ذلك محطات الطاقة النووية.

وقال زيلينسكي إن أوكرانيا ستكون مستعدة لشن الهجوم "بمجرد ملء الأسلحة التي تم الاتفاق عليها مع شركائنا"، كما يمكن أن يعتمد الجدول الزمني أيضًا على الطقس، بسبب الأرض الرطبة بشكل غير معتاد على طول الخطوط الأمامية للبلاد.

بدأت كييف تميل إلى خفض مستوى التوقعات والآمال المعلّقة على هجومها المضاد الذي طال انتظاره

وقال ريزنيكوف إن "تشكيل الهجوم الأول الأوكراني مستعد بأكثر من 90 في المائة للبدء، لكن بعض القوات لم تنهي برامج التدريب في الخارج".

يشار إلى أن تقديرات الاستخبارية الأمريكية، التي كشف عنها في تسريب ديسكور، كشفت عن مخاوف الولايات المتحدة بشأن قدرة أوكرانيا على إحراز تقدم كبير هذا الربيع، ويرجع ذلك جزئيًا إلى "أوجه القصور في التدريب وإمدادات الذخيرة".