16-مايو-2019

سوزان سونتاغ (Getty)

ذكرت الغارديان البريطانية أن سيرة جديدة للكاتبة الأمريكية الراحلة سوزان سونتاغ ستكشف سرًا عن الكتاب الشهير المنسوب لزوجها فيليب ريف بعنوان "فرويد: عقل الأخلاقي" (Freud: The Mind of the Moralist)، يبيّن بشكل قاطع ولأول مرّة أنّ سونتاغ هي المؤلفة الحقيقية للكتاب وليس زوجها.

كتاب جديد يكشف أن سوزان سونتاغ هي المؤلفة الحقيقية لكتاب "فرويد: عقل الأخلاقي" وليس زوجها

ومن المرتقب أن يصدر الكتاب في أيلول/سبتمبر المقبل عن دار هاربر كولينز بعنوان (Sontag: Her Life)، من تأليف بنيامين موسر، وسيعرض فيه عدد من الأدلة المكتوبة والشهادات المحكية عن كون سونتاغ هي التي ألفت ذلك الكتاب المهم الذي يتناول فرويد نهاية الخمسينات، وأنها لم تكن مجرد مساهمة بشكل غير رسميّ في تأليف كما هو شائع، بعد أن تزوجت منه ريف وهي في سن السابعة عشرة، بعد 10 أيام فقط من مشاركتها في محاضراته.

اقرأ/ي أيضًا: حنة آرندت.. فيلسوفة تفكيك الشمولية

وكانت الطبعات الأولى من الكتاب الصادر عام 1959 تشتمل في تصديرها على شكر خاص لسونتاغ لمساهمتها فيه، ثم توقفت الطبعات اللاحقة ابتداء من عام 1961 عن ذكر سونتاغ ومساهمتها في تأليف الكتاب، وقد كان ذلك حسب أحد المراجع جزءًا من اتفاقية الطلاق بينهما، حيث وافقت سونتاغ على نسبة الكتاب بشكل حصري لزوجها السابق فيليب ريف.

وقد حصل كاتب هذه السيرة الجديدة لسوزان سونتاغ، بنيامين موسر، على إذن خاص وحصريّ للاطلاع على أجزاء من الأرشيف الخاص بسونتاغ في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، وهو أرشيف غير متاح للعامة، كما تحدّث موسر مع عدد من أصدقائها ومعارفها ممّن تكتموا حتى فترة حديثه معهم عن العلاقات التي كانت تربطهم بسونتاغ وما كانوا يعرفونه عنها من أسرار حياتها.

ومع أن موسر يقر في المقدمة بأن كتاب "فرويد: عقل الأخلاقي" قائم بشكل ما على دراسات وملاحظات كانت لدى ريف، إلا أنّه يدعي بكل ثقة أن ريف لم يكن الشخص الذي ألّف الكتاب الذي كان سبب شهرته، وأن سونتاغ هي التي وضعت محتويات الكتاب بأكمله. ففي رسالة من سونتاغ إلى أمّها، قالت: "لقد قطعت شوطًا جيدًا في الكتاب، وأنا أعمل عليه بسرعة لمدة 10 ساعات في اليوم على الأقل". وفي رسالة من صديق لسونتاغ عام 1958 جاء ما يلي: "هل تنازلت تمامًا عن جميع الحقوق الخاصة بكتاب فرويد؟ سيكون هذا جريمة لو حصل". وحين تقول له إنّها قد تنازلت بالفعل، جاءت منه رسالة أخرى تقول: "أنا مغتاظ جدًا لسماع ذلك.. كيف يمكن أن تتنازلي عن حقك الفكري لشخص آخر.. ستكون تلك نهاية فيليب لو تجرأ أن ينسب الكتاب لنفسه فقط دون أن يظهر اسمك".

ووفقًا لموسر، فإن فيليب ريف، وبعد 40 عامًا، أرسل طردًا لسونتاغ يحتوي على نسخة من الكتاب، كتب عليه: "إلى سوزان، حب حياتي، وأم ابني، والمؤلفة الشريكة لهذا الكتاب: سامحيني، أرجوك. فيليب".

وهكذا يتأكد وفق هذا الكتاب ما شاع كثيرًا في السابق بأن سونتاغ هي المؤلفة الحقيقية لكتاب "فرويد: عقل الأخلاقي".

يذكر أن سونتاغ قد تزوجت فيليب ريف وهي في سن السابعة عشرة، وكان الكتاب في مستوى من التعقيد حتى أنه كان يستحيل أن يصدق أحد أنّها هي من ألفته، لكن يبدو بعد التحريات التي أجراها كاتب هذه السيرة الجديدة لسونتاغ أنه من تأليفها بالفعل، ولكنها حسبما يفترض الكاتب تنازلت عن حقها فيه بعد طلاق مؤلم، مقابل أن تستطيع نيل حضانة ابنها.

تنضم سونتاغ إذًا إلى قائمة النساء المبدعات في مجالات مختلفة، اللواتي حرمن من الاعتراف بأعمالهنّ وأرغمن على البقاء، ولو مؤقتًا في ظل أزواجهنّ

تنضم سونتاغ إذًا إلى قائمة النساء المبدعات في مجالات مختلفة، اللواتي حرمن من الاعتراف بأعمالهنّ وأرغمن على البقاء، ولو مؤقتًا في ظل أزواجهنّ. نذكر هنا مارغريت كين، الرسامة الأمريكية التي سرق زوجها لوحاتها ونسبها إليه، في قصة خلدها فيلم "Big Eyes" من إخراج تيم بيرتون وبطولة إيمي آدامز في دور أهلها للحصول على جائزة غولدن غلوب عام 2015. وقبلها الكاتبة الفرنسية كوليت، التي ألفت عددًا من الروايات ونشرت باسم زوجها، فنال باسمها حظًا وافرًا من الشهرة والمال، ولم يظهر اسمها على أعمالها إلا بعد وفاته عنها، وقد جسّدت كيرا نايلتي شخصية كوليت في فيلم صدر عام 2018 يحمل اسم الكاتبة.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "Big Eyes".. حين تهيمن الذكورية على إبداعات المرأة

وهكذا، فإن وراء كل رجل عظيم امرأة، لأنها ربما لو ظلت بجانبه فستكشف ضآلته المؤلمة، حسب تعبير الكاتبة البريطانية يومي أديغوكي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

معرض "لا مكترث".. فوتوغرافيا تتقلّب مع المزاج

مسودة في نقد النسوية