27-أكتوبر-2019

سركون بولص (1944-2007)

لم يكن الشِّعر عند سركون بولص (1944-2007) خيارًا بقدر ما كان قدرًا لا يقبل الرفض، ولا يترك للمرء الحرية في رفضه أو اختياره أيضًا. لأنّ الشِّعر "موقع خاص تصل إليه بشروط معيّنة، تدفعك إليها تجربتك الحياتية". والشِّعر عندهُ، عند الشّاعر العراقيّ جاء فجأة منذ كان صغيرًا. جاء كالضربة التي ظلّ يستعيدها إلى أن غادرنا سنة 2007.

شيّد سركون بولص لنفسه عالَمين لا ينفصلان عن بعضمها البعض إلّا ليتّصلا مُجدّدًا. كان شاعرًا، وكان مُترجمًا للشِّعر

12 عامًا مرّت إذًا على رحيل مؤلّف "عظمة أخيرة لكلب القبيلة" (2008)، الذي مرّر الضربة إلى قارئه وتشاركها معهُ. ولعلّ الفارق هنا هو أنّ سركون لم يعد مُتلقّيًا، أو مُستقبِلًا تلك الضربة، بقدر ما بات صانعًا لها، يُصدِّرها إلى قُرّائه الذين لن يجدوا في شعره البوصلة التي أراد يومًا أن يطلع الدخان منها، لكثرة السفر. "سافر/ حتّى يتصاعد الدخان من البوصلة" يقول.

اقرأ/ي أيضًا: وجوه ثقافية عراقية تلاحق سكّان بغداد في الشوارع

لا نستعيد هنا من حملَ الشِّعر فانوسًا في ليل الذئاب. ولا نكتب ما نكتبهُ لأنّ ذكرى رحيله الـ 12 حلّت مؤخّرًا. ولا نقرأهُ من جديد أيضًا، لأنّنا لم نتوقّف عن قراءته أصلًا. بشكلٍ أو بآخر، الحديث هنا عن الشّاعر المولود في الحبّانية، أقرب إلى ردّ أو تسديد دينٍ مُتأخّر نُسدِّدهُ بالكلام، ونحن نعرف جيدًا أنّ كلامًا كثيرًا قيل فيه شاعرًا ومُترجمًا. سركون شيّد لنفسه عالَمين لا ينفصلان عن بعضمها البعض إلّا ليتّصلا مُجدّدًا. كان شاعرًا، وكان مُترجمًا للشِّعر. وبينما لا نستطيع ولوج عالمه الأوّل، شاعرًا، إن لم نتوقّف عند المحطّات الأساسية في حياته؛ جماعة كركوك، انفتاحه على الإرث العراقيّ القديم، والتراث الشّعري العربيّ، وعلاقته بما عُرِفَ بجماعة مجلّة "شعر"؛ فإنّنا سنظلُ نجهلهُ إن أغفلناه مُترجمًا أيضًا.

صحيحٌ أنّ الترجمة عند الشّاعر العراقيّ عالم قائم بنفسه، ويُجاور عالمهُ الشّعري ولكنها أيضًا في المقابل، أبرز ركائز عمارة عالمه الأوّل. لأنّ مؤلّف "إذا كنت نائمًا في مركب نوح" (1998)، وجد في الترجمة سبيلًا لتوسعة دائرة انفتاحه على جغرافيات مُغايرة وجديدة، والقصد هنا التجربة الأمريكية، وتحديدًا جماعة أو حركة "جيل البيتنيكس" التي مثّلها شعراء مثل جاك كيرواك، وآلن غيسنبرج، وغريغوري كورسو، وغيره. الجماعة التي عقد سركون صداقات مع أفرادها، نهضت على رؤى وأفكار جيل مهزوم، أسّس رؤيته وأفكاره على ثنائية الرفض والاحتجاج. إنّها، نوعًا ما، تلتقي مع "جماعة كركوك" التي كان ولا زال سركون واحدًا منها. تلتقي معها لجهة الرماد والخروج منه، بحسب تعبير الشّاعر العراقيّ فاضل العزاوي: "إذا كان البيتنيكس قد خرجوا من رماد الحرب، فإنّ الستينين في العراق قد خرجوا من رماد الانقلابات والدكتاتوريات العسكرية".

كان لجماعة "البيت" نصيبًا مُهمًّا من اهتمامات الشّاعر العراقي، شاعرًا وقارئًا ومُترجمًا. إقباله على قراءة ما كتبهُ ويكتبهُ أفرادها، وبعد ذلك صُحبتهِ لهم بعد سفره إلى سان فرانسيسكو، وقبلها إعداد ملفٍّ عنهم نُشر في مجلة "شعر"؛ دفع بالكثير نحو اعتباره أحد أفراد الجماعة، مُتأثّرًا بها إلى حد ارتباط قصيدته بقصيدتها، ودورانها في فلكها أيضًا. إلّا أنّ الواقع عكس ذلك تمامًا. تفاعلهِ مع قصيدة الجماعة، واستجابته لمادّتها، لم تكن استجابةً داخلية، أو تفاعلًا روحيًا خالصًا. بمعنى أنّ قصيدة سركون التي أمضت سنوات طويلة وسط الشِّعر الأمريكيّ، استجابت إلى الأخير بصورةٍ محدودة، وبأسلوبٍ مبنيٍّ على مدى توافقه مع مقدّراتها العربية. ما معناهُ أنّها ظلّت حمّالة هواجس صاحبها العربية، وذاكرتهُ الموزّعة بين المدينة (كركوك/ بغداد/ بيروت)، والقرية (الحبّانية).

ظلّت قصيدة سركون بولص حمّالة لهواجس صاحبها العربية، وذاكرتهُ الموزّعة بين المدينة والقرية

لـ"البيت" تأثيرها إذًا على شاعرنا، دون أن يصل الأمر إلى حدّ التماهي معها، وتغييب الخيط الذي يُميّز/يفصل بين مفردته، ومفردة أفراد الحركة الشّعرية الأمريكية. سركون حافظ على تفرّده وسط ذلك الشِّعر، وكتّابه. تمامًا كما حافظ قبلًا على تفرّده وسط أفراد جماعة كركوك الذين ذهبوا نحو النثر، أو نحو تحويل المادّة اللغوية المحتوية على الشِّعر إلى نثر. على عكس صاحب "شاحذ السكاكين" الذي لم يكن النثر عندهُ مُغريًا إلى حدّ أخذه بكفّيه وذراعيه وأصابعه. لا سيما وأنّ الخطّ الذي رسمهُ لنفسهِ، أو مساره شاعرًا، ضمّ في ثناياه الرغبة في البقاء داخل مسار الحداثة الشّعرية العراقية، على أن يُحدِّد الشّاعر نفسه مدّة بقائه، وعمر رغبته.

اقرأ/ي أيضًا: حديث عادي عن مجموعات أولى

هكذا، سنراهُ يسلكُ مسارًا مُختلفًا عن مسار جماعته، مُتِّجهًا نحو بدء قصيدته بما هو نثري مُباشرةً، مُصمِّمًا في الوقت نفسه على أنّ ما يكتبهُ قصيدة حرّة، أو شعرًا حرًّا.

كان صاحب "عاصمة الأنفاس الأخيرة" قد عبّد وقطع مسافاتٍ طويلة في رحلته، غير المقصودة على الأغلب، نحو ابتكار نثرية جديدة ستمنحُ نثرهُ، فيما بعد، فرادة حتّى داخل قصيدة النثر العربية، وتُبقيه مستقلًا عن شعريه المعاجم الجاهزة. إنّها، في أمكنةٍ مُتعدّدةٍ منها، ممارسة نثرية، لم يُكتب أو يُقدّر لها أن تكون مُكتملة، ولكنها لم تظهر ناقصةً أيضًا، ذلك أنّها ممارسة أصيلة أفردت قصيدة الشّاعر العراقيّ عن الشائع في كتابة قصيدة النثر.

الشِّعر عند سركون بولص كان سببًا كافيًا لمُغادرة الحبّانية نحو مدينة كركوك غير المتمدّنة بشكلٍ كاملٍ حينها، وسببًا كافيًا للخروج من الأخيرة نحو بغداد، ومنها نحو بيروت، قبل أن يحطّ رحاله في سان فرانسيسكو، ويُنهي ترحالهُ في العاصمة الألمانية برلين. لقد كان لهُ ما أراد إذًا، أي أن يكون شاعرًا، يُمارس نشاطه الشّعري كاملًا، ولا يسمح لأي نشاطِ آخرـ أن يتفوّق عليه، كتابةً وترجمةً. لأنّ الشِّعر عندهُ كان، منذ أن جاءتهُ ضرباته الأولى، مشروع حياة قبل أن يكون مشروع كتابة. مشروعٌ وهب لهُ نفسه، مُمضيًا نحو أربعين عامًا متجوِّلًا بين الصور والاستعارات والمُفردات، باحثًا عن هواء مختلف تتنفس فيه قصيدته، ومكانًا يقطف فيه ثمارها، ويُحدّد فيه هويّتها، دون أن يصير المكان: بيروت، سان فرانسيسكو، برلين؛ وطنًا بديلًا.

لعلّنا، بما ذكرناهُ قبلًا، عرفنا أسباب ترحال شاعرنا من مكانٍ إلى آخر. إلّا أنّ هذا الترحال، في مكانٍ ما، أو أمكنةٍ مُتعدّدة، هو هروبٌ لا بدّ منه بالنسبة إليه ليكون خارج دائرة آفاقٍ ضيّقة، لمس سركون بداية تسييسها، واستشرف ما ستكون عليه مُستقبلًا. هروبٌ تلاهُ هروبٌ آخر نحو سان فرانسيسكو. وفيها، لن يستطيع الشّاعر العراقي أن يُخفي حنينهُ الذي سيكتبُ انطلاقًا منه معظم قصائده، دون أن تكون القصيدة نوعًا من البكائيات، بقدر ما هي مُحاولة بالغة الجهد للتعامل مع حنينهِ، والاعتراف بأنّ أمريكا مكان عيش وإقامة فقط وليست وطنًا، لأنّ الإنسان لا يستطيع أن يمتلك وطنًا إلّا مرّة، واحدة. هكذا، لن يكون سهلًا معرفة إن كان الشِّعر طريقًا إلى الألم عند سركون. أو أنّ الألم، بحدّ ذاته، طريق مُعبَّد وجاهز للوصول إلى الشِّعر.

الشِّعر عند سركون بولص كان، منذ أن جاءتهُ ضرباته الأولى، مشروع حياة قبل أن يكون مشروع كتابة

مجموعته الشّعرية الفارقة، والمعروفة بأنّها عملهُ الأول "الوصول إلى مدينة أين" (1985)، لا تُجيب على تساؤلنا بقدر ما تطرحهُ، ولا تكشف بقدر ما تُخفي. نقول عمله الأول، ونحن نعرف أنّها ليست كذلك تمامًا. ليس لأنّ نبرة النضج فيها كانت عالية، بل لأنّها لا تجمع قصائد البدايات؛ بدايات سركون التي ظلّت متوسِّدةً ورق المجلّات. وبفعلةٍ كهذه، يبدو أنّ الشّاعر العراقي يُمارس هوايته في بث الحيرة أولًا وتعقيد مسألة تأريخ مساره الشّعري ثانيًا، مُبعدًا ما صنع إطلالته القوية والمدهشة لصالح قصيدة هي حصيلة ما اختبرهُ إبّان سفره إلى سان فرانسيسكو.

اقرأ/ي أيضًا: 5 مجموعات أساسية في تاريخ قصيدة النثر العربية

سماتٌ مُتعدّدة ستبثّها قصيدة سركون، إلّا أن أبرزها ستكون الحيرة. السّمة المُلازمة لقصائد مجموعته هذه، لم تأت مخفية أو مُخبّأة وإنّما ظاهرة منذ عنوانها الذي ينطوي على قدرٍ كبير منها، الحيرة. تمامًا كما ينطوي على سأمه، الشّاعر، من التيه والترحال، والشتات أيضًا بين الوصول وعدمه. إنّها قصيدة أقرب إلى شرك نصبهُ سركون لقارئه الذي لن يهتدي إلى بوصلةٍ تُسهِّل عليه تتبّعه واقتفاء أثره في ذهابه وإيابه، ومجيئه ورحيله. تمامًا كما سيُصعِّب عليه مسألة الخروج من دائرة "أين" التي وضعت لنا قصيدة متوتّرة، أو قصيدة مقلّة في اكتراثها، مُكثرة في قلقها: "أصلُ إلى وطني بعد أن عبرتُ/ نهرًا يهبط فيه المُنجّمون بآلاتٍ فلكية صدئة/ مُفتِّشين عن النجوم/ أو لا أصل إلى وطني/ بعد أن عبرت نهرًا لا يهبط فيه أحد".

استبدال سركون مُفردة "أصل" بمفردة تنفيها: "لا أصل"، ويهبط" بـ"لا يهبط"، كان كافيًا لحشد الحيرة في القصيدة، يُجاورها مُباشرةً قلقه ورغبته في الوصول أيضًا. بالإضافة إلى الأسى العميق مما حدث (هجراته المتعدّدة بدءً بالحبّانية ووصولًا إلى سان فرانسيسكو) والريبة مما سيحدث: "هناك رحلات/ أعود منها ساهمًا/ نحيلًا كظلّ إبرة". عبر جملة كهذه: هناك رحلات؛ يؤكّد سركون فعلة تكراره مُحاولات الوصول التي تنتهي، دائمًا، بالوصول وإعادة نفيه. وعند هذا الحد، تبدو الرحلة/ الحركة سبيلًا وحيدًا لإشعال أفق الروح عنده، حينما تزدحم عليه عواطفه فجأة، مُختبرًا لوعة المنافي، إلى درجة تُصبح فيها الحركة/ الرحلة المجازية، بما تنطوي عليه من محاولات للوصول أو العودة، عزاءً أخيرًا لمن كتب يومًا "رسالة إلى صديقة في مدينة محاصرة".

ما ذكرناهُ للتوّ، يصحّ أن يكون سببًا لاحتشاد "الوصول إلى مدينة أين" بمفردات الحركة/الترحال؛ يُسافر، أماكن، الرحلة، الوصول، خطوة ومسافات، أذهب، الطريق، وغيرها من المفردات التي تُبقي القارئ لاهثًا وراء الشّاعر العراقيّ الذي لا يكفّ عن الحركة، كأنّ أحذيته "تحلم بالطريق"، وكأنّ الطريق نفسه "البضاعة الوحيدة التي تشبه الذهب"، وتمنحهُ صفة "مُسافر عاد، خفية، إلى أرضه/ ليغيّر ما رآه إلى الأبد". ولكنّ رحلة العودة هذه لن تكتمل، سيظلّ النقص يعتريها، وإن كانت تأخذه دائمًا "إلى الحافّة/ لألقي نظرة، لأشرب، لأذهب". لن ينال سركون بولص ذهابًا خالصًا، ولكنّه في المقابل سيترك وراءه مسافات "مُريشّة بخطوة/ تُصافح آفاقًا/ تترجم أميالها وتلد المسافرين".

يسير الشّاعر العراقيّ في رحلاته هذه على طريق يقول إنّها "غير مُعبّدة"، مُفكّرًا بجملة "يسبح بين عظامها ذهب العميان"، ولكنّ الطريق نفسها ستصير، بعد قليل، مُعبّدة، عبّدها "عبيد أسطوريون/ منذ ألف سنة لتسير عليها إلى حتفك"، دون خارطة، ودون أن " ينتظرني أحد حيث أذهب". ولعلّ ما جناه سركون من حركته هذه هو تعلّمه " أسرار الحفاة القديمة"، وإدراكه، برفقة ما تعلّمه، أن "المدن اليتيمة كلها بانتظار أقدامي" يقول.

واضحٌ إذًا أن الطريق، طريق العودة، الطريق الذي يودّ أن يسلكهُ إيابًا وليس ذهابًا؛ يشغل سركون بولص، تمامًا كما يشغله مكانه الأول، المكان الذي سنعرف أنّ فيه حانات "تشرب فيها من جمجمة جارك/ وهناك الجسور التي بنيت/ لتجذب المسافرين الأغبياء إلى داخل المدينة/ التي أصيب أهلها كلّهم بالطاعون/ هناك المرأة في داخل المرأة/ كالمشط الخبيء في ظهر سمكة". كما سنعرف أنّه المكان الذي يحملون فيه "العاريات على المحفات"، و"يغرفون فيه العبيد بالشباك من الأنهار"، وتنتشر فيه "المتاريس التي جفّ عليها الدم"، ويتكسّر فيه "التاريخ في موجة مدلهمّة/ على سدّة طويلة من ركب الشعوب"، ويضرب فيه أيضًا جيرانهُ برؤوسهم على الأبواب/ علامة على الطاعة/ أو الألم الذي لا يطاق"، ويجنّ فيه الفلاح في المجاعات، و"يشحذ في مساء المدن الكبيرة".

لم يخض سركون بولص غمار السياسة، ولكنّه كمثقّف لم يكن بعيدًا عنها، أو بمعزلٍ عنها

حينما شيّد شاعرنا عالمه الشّعري، لم يتجنّب إشراك السياسية في أساساته، وإن اعتبره البعض شاعرًا خارج كلّ الأطر السياسية لمجرّد أنّه لم ينتمِ لأي حزب. لم يخض سركون بولص غمار السياسة، ولكنّه كمثقّف لم يكن بعيدًا عنها، أو بمعزلٍ عنها، بمعنى أنّ تناوله للسياسة ظلّ ضمن حدود عالمه ومساره الذي رسمه لنفسه، والذي لن يمنعه من مُخاطبة الجلّاد قائلًا: "أيها الجلّاد عُد إلى قريتك الصغيرة/ لقد طردناك اليوم، وألغينا هذه الوظيفة". أو الإشارة إلى أحوال بلاده بقوله "يداي مقيّدتان بالحرية وأسنانها". الحرية التي قابلها حينما كانت على عربة، بوجهها الذي "لأرملة من الغبار، في طريقها إلى معسكرات صغيرة لا تملك حتّى شمعة تستثمر صرع الليل".

اقرأ/ي أيضًا: الأعمال الشعرية الكاملة لبسام حجّار.. كلمات صاحبها الأسى

كتب سركون بولص الذي غادر عالمنا يوم 22 تشرين الأول/أكتوبر سنة 2007، مجموعته الأولى حينما كان مليئًا بالحيرة والتيه والحنين إلى مكانٍ تركه ورائه هربًا من ضيقه، رغم اتّساعه جغرافيًا. ذهب وعاد، جاء ورحل، مشى، وصل ولم يصل في مجموعته هذه التي افتتحها بـ"أصل"، وأنهاها بـ"ذهبت" بينما هو لا يزال مكانه، يتحرّك من مكانه، وعبر قصيدته، داخل جسد العالم. ومن مكانه، دعانا إلى قراءته، إلى قراءة سركون بولص الذي كتب انطلاقًا من نفسه التي تماهت مع كل الأشياء التي مرّرنا على ذكرها، ما منحها أو حمّلها دلالاتٍ ومعاني مضاعفة. لربّما باستثناء اليقين الذي طارده تمامًا كما طارد مكانه/أرضه الأولى، دون أن يصل إليه. اليقين الذي أفسدته الحيرة؛ حيرة أنّه هنا، أو هناك؟ وصل أم لم يصل؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

محمد الماغوط.. شاعر الشفوية المضادة

صورة ضائعة مع وديع سعادة