08-مايو-2021

مؤشرات على رضوخ القاهرة للأمر الواقع بشأن أزمة سد النهضة (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

بعد التصعيد والتلويح بخيار الحرب من طرف مصر والسودان حال إصرار إثيوبيا على القيام بالتعبئة الثانية لسد النهضة دون التوصل إلى اتفاق مع دول المصب، تبدو القاهرة متّجهة إلى طي صفحة التصعيد، بل وربما الرضوخ للأمر الواقع، فقد كشفت مصادر دبلوماسية مصرية عن مفاجآت في الموقف المصري تتعلق بقبول مصر للقرار الإثيوبي بتنفيذ الملء الثاني للسد، وذلك بعدما أخفقت مصر في إقناع المجتمع الدولي بمخاطر الملء الثاني للسد.

بعد التصعيد والتلويح بخيار الحرب من طرف مصر والسودان حال إصرار إثيوبيا على القيام بالتعبئة الثانية لسد النهضة، تبدو القاهرة متّجهة إلى طي صفحة التصعيد

صحيفة العربي الجديد نقلت عن مصادر دبلوماسية مصرية قولها "إن مصر بدأت تستعد للملء الثاني بشكل رسمي على مستوى كافة الجهات المعنية"، لافتة إلى أن "هناك جهات في الدولة، بصدد تجهيز خطاب ورسائل شعبية جديدة لبثها عبر وسائل الإعلام، للتعاطي مع الخطوة الإثيوبية التي باتت في حكم الأمر الواقع". وتابعت "الإدارة المصرية في الوقت الراهن تجهز أوراقها للملء الثالث، للحصول على اتفاق قبله".

اقرأ/ي أيضًا: سد النهضة: تصعيد جديد وحراك أمريكي أفريقي للتهدئة

وكانت مصر قد لعبت بورقتها الأخيرة في ملف التعبئة الثانية لسد النهضة عندما حاولت إقناع الإدارة الأمريكية الجديدة بالتدخل عبر وساطة مباشرة، على غرار تلك التي قامت بها إدارة ترمب سابقًا، لكن القاهرة، بحسب المصادر، جوبهت "بعدم استعداد أمريكي في الوقت الراهن". وإن كان المبعوث الخاص إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان بدأ الثلاثاء الماضي جولة أفريقية تشمل مصر وإثيوبيا والسودان، علقت عليها الخارجية الأمريكية بالقول إنه "سيجتمع مع مسؤولين من الحكومات الثلاث، فضلًا عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمات إنسانية".

إلا أن جولة فيلتمان، على ما يبدو، لم تكن في صالح مصر، حيث لم يلجأ إلى ممارسة الضغط على إثيوبيا للتراجع عن الملء الثاني للسد أو توسيع المفاوضات لتشمل الولايات المتحدة وأطراف دولية أخرى بخلاف الوسيط الإفريقي الذي تصر عليها إثيوبيا كوسيط وحيد.

المصادر المصرية كشفت أيضًا عما اعتبرته "صدمة جديدة"، وذلك بشأن موقف دول خليجية بعينها من المفترض أنها داعمة لمصر، لكنها على العكس من ذلك مارست ضغوطًا غير مباشرة، "ساهمت حتى الآن في رضوخ القاهرة للأمر الواقع أمام إثيوبيا، بشأن الملء الثاني" ويتعلق الأمر هنا أساسًا بالإمارات التي تعد من الدول المستثمرة في مشاريع سد النهضة وتربطها علاقات وطيدة بإثيوبيا على حساب مصر والسودان.

كما تحدثت المصادر المصرية في هذا السياق عن عدم استعداد "القاهرة لأزمات اقتصادية، أو عقوبات، نتيجة أي عمل عسكري في ظل استحقاقات مالية خليجية على القاهرة خلال الأشهر القليلة المقبلة". مشيرة إلى أن "المشاورات الأولية من جانب مصر مع الكويت، والإمارات، والسعودية، بشأن تجديد ودائع تقدر بنحو 12.5 مليار دولار لدى البنك المركزي المصري، تشهد تعثرًا".

يُذكر أن أديس أبابا دعت إلى إنهاء المفاوضات الثلاثية وفقًا لاتفاقية إعلان المبادئ، ووجّهت رسالة إلى مجلس الأمن اتهمت فيها كلًا من مصر والسودان بتوقيع اتفاقية عسكرية تتجاوز التهديد بالحرب وتسعى إلى زعزعة الاستقرار.

ومما جاء في رسالة إثيوبيا إلى مجلس الأمن أن القاهرة والخرطوم "وقّعتا اتفاقية عسكرية ثنائية تتجاوز التهديد بالحرب"، وأنهما تحاولان الضغط على أديس أبابا بتعطيل المفاوضات لتدويل ملف سد النهضة، وفقًا لما نقلته وسائل الإعلام الإثيوبية.

أمام التصعيد الإثيوبي تحدث السودان لأول مرة بشكل رسمي عن سيادته على "بني شنقول الإقليم الذي تبني فيه إثيوبيا سد النهضة الذي يعد أحد أكبر مشروعاتها الإستراتيجية على النيل الأزرق، قرب الحدود مع السودان". وذلك بحسب بيان أصدرته الخارجية السودانية انتقدت فيه ما وصفته بتشدد إثيوبيا في مفاوضات سد النهضة.

وجاء في بيان الخارجية السودانية "لا نحتاج إلى أن نُذكّر إثيوبيا بأن التّهاون غير الرشيد في استخدام مثل هذه الدعاوى المضللة وكذلك التنصل من الاتفاقات السابقة يعني المساس بالسيادة الإثيوبية على إقليم بني شنقول الذي انتقلت إليها السيادة عليه من السودان بموجب بعض هذه الاتفاقات بالذات".

كانت مصر قد لعبت بورقتها الأخيرة في ملف التعبئة الثانية لسد النهضة عندما حاولت إقناع الإدارة الأمريكية الجديدة بالتدخل عبر وساطة مباشرة

الرد الإثيوبي على تصريحات الخارجية السودانية جاء سريعًا على لسان المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي الذي نفى  الادعاءات السودانية بتبعية إقليم بني شنقول له، مضيفًا أن تلك التصريحات بمثابة أعمال عدائية على بلده، بحسب تعبيره.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

سد النهضة: رفض متبادل للعروض المقدمة للاتفاق وتزايد احتمالات التصعيد