10-أغسطس-2023
منتا

إيران أعلنت عن تشديد العقوبات ضد غير الملتزمات بالحجاب.

يستعد النظام الإيراني لإحياء ذكرى مقتل مهسا أميني الشهر المقبل على طريقته، إذ تدرس السلطات الإيرانية فرض قانون جديد "شديد القسوة" ضد النساء اللواتي ينتهكن قواعد الحجاب الإلزامي. فوفقًا لما أشارت إليه منظمة العفو الدولية في تقريرها خلال شهر تموز/ يوليو الماضي، فإن السلطات الإيرانية تضاعف من أساليبها القمعية التي تنطوي على فرض الرقابة الشرطية على النساء والفتيات الإيرانيات وقمعهن بشدة لتحديهن قوانين الحجاب الإلزامي المهينة وفق ما أعلن عنه المتحدث باسم الشرطة الإيرانية، سعيد منتظر المهدي.

وكشفت المنظمة عن حملة القمع المكثفة التي تشنها السلطات على مستوى البلاد ضد النساء والفتيات اللواتي يخترن عدم ارتداء الحجاب في الأماكن العامة.

وتزامن ذلك مع تداول مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر فيها النساء وهن يتعرضن لاعتداءات عنيفة من قبل مسؤولين في طهران ورشت، وعناصر قوات الأمن يطلقون الغاز المسيل للدموع باتجاه الأشخاص الذين يقومون بمساعدتهن على الهروب من الاعتقالات في رشت.

على ماذا ينص القانون الجديد؟

وتفيد تقارير برلمانية في إيران أن مشروع القانون الجديد الذي كان يسمى "قانون الحجاب والعفة"، يتم الإعداد له تحت اسم "حماية الأسرة عبر تعزيز ثقافة العفة والحجاب".

ينص مشروع القانون المكون من 70 مادة على مجموعة من المقترحات، بما في ذلك عقوبات سجن أطول بكثير للنساء اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب، بالإضافة إلى عقوبات جديدة صارمة على المشاهير والشركات التي تنتهك القواعد، ويتيح القانون استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد النساء المخالفات لقواعد اللباس.

وتعتبر المادة 368 من قانون العقوبات بمثابة قانون الحجاب في إيران والتي تنص على أن من تخالفن قواعد اللباس تواجهن عقوبة بالسجن تتراوح بين 10 أيام إلى شهرين، أو غرامة تتراوح بين 50 ألفًا إلى 500 ألف ريال إيراني، وهو ما يعادل اليوم 1.18 دولار إلى 11.82 دولار أمريكي.

وفقًا لشبكة "CNN" سيعيد مشروع القانون الجديد تصنيف عدم ارتداء الحجاب في إيران لتعد جريمة أشد، يعاقب عليها بالسجن من خمس إلى عشر سنوات، بالإضافة إلى غرامة تصل إلى 360 مليون ريال إيراني (8508 دولارات).

وبحسب رأي مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر الدكتور محجوب الزويري خلال مقابلة مع ألترا صوت فإن "مشروع قانون العفة الإيراني الجديد يقدم الحكومة في إيران على أنها راعية للقيم وهو الأمر الذي يرفضه الشعب الإيراني منذ ثمانينيات القرن العشرين. القانون يجعل الحجاب مفردة ضمن سياق أكبر هو العفة المجتمعية وهو ما دفع إلى سؤال أكبر، هو لماذا لم تضع الدولة جهدًا يوازي قانون العفة لحل الأزمات الاقتصادية غير المتوقفة في إيران؟" 

ويرى الزويري أن مواد القانون الحازمة هي رد في الواقع على من يتحدى إرادة الدولة، ذلك أن المظاهرات ضد فرض الحجاب كانت في الحقيقة ضد إرادة الدولة وسطوتها.

ومن جانب آخر تسعى السلطات الإيرانية من خلال القانون الجديد إلى توظيف أكبر لتقنيات الذكاء الاصطناعي في ملاحقة غير الملتزمات بالقانون عبر استخدام تقنيات التعرّف على الوجوه، وفقًا لما قاله قائد شرطة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، العميد أحمد رضا رادان، في وقتٍ سابق، إذ أضاف أن "الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أيد زيادة عدد كاميرات المراقبة المستخدمة لتحديد هوية النساء اللاتي يتحدين قواعد الحجاب الإلزامي، ويخترن عدم ارتداء الحجاب في الأماكن العامة".

سيعيد مشروع القانون الجديد تصنيف عدم ارتداء الحجاب في إيران لتعد جريمة أشد، يعاقب عليها بالسجن من خمس إلى عشر سنوات، بالإضافة إلى غرامة تصل إلى 360 مليون ريال إيراني (8508 دولارات).

وبحسب رادان، فإن تنفيذ المشروع يهدف إلى تحقيق أقصى قدر من الأمن على مختلف الجبهات. وفي المرحلة الأولى، سيرسل النظام إشعارات عبر رسائل نصية تذكيرية للأفراد الذين يتبين أنهم ينتهكون قانون إلزامية الحجاب. بعد ذلك، ستصدر رسائل SMS للمتابعة لأغراض "قضائية وإنفاذ القانون".

بخلاف التوقعات التي رافقت اشتعال الشارع الإيراني، والتي افترضت أن النظام سيتساهل مع مسألة الحجاب، جاءت قرارات السلطات الإيرانية بالتشدّد في إلزامية فرض الحجاب والعقوبات المتصلة بها باعتبارها مخالفة للقانون.

 بيد أنّ قضية الحجاب في إيران ورد فعل السلطات الإيرانية الذي جاء على هذا الشكل لا يرتبط عينًا بالحجاب من ناحيته الدينية، إذ تنظر القيادة الإيرانية للمسألة بأبعاد أخرى سياسية، ترتبط بسياسات البلاد الداخلية والخارجية. ويمكن تفسير تشديد قوانين الحجاب في أن النظام الإيراني يعتبر الثورة ضد الحجاب بمثابة استهداف له ولأصل وجوده وشرعيته بصفته نظامًا دينيًا، خاصة مع الضغط من التيار المحافظ. وهو ما يعبر عنه الكاتب والباحث في الشأن الإيراني، ضياء قدور، الذي يربط بين تشديد قوانين الحجاب وحالة الارتياح التي بات النظام الإيراني يشعر بها "على الصعيد الدولي والإقليمي، خاصة بعد جولة خفض التصعيد الإقليمية التي تمثلت في الاتفاق السعودي الإيراني".

كما يشير الباحث المشارك في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، مصطفى النعيمي، إلى أن النظام الإيراني استخدم مسألة الحجاب ذريعة "من أجل تجييش باقي مؤسساته الأمنية والاستخبارية والعسكرية تجاه قمع المحتجين في كل الجغرافيا الإيرانية ومسألة الحجاب هي بوابة من أجل الالتفاف المستمر على مطالب المحتجين للوصول إلى إنهاء حالة العصيان القائمة".