28-أغسطس-2023
النيجر روسيا

رغم تأكيد عدة مصادر على عدم اشتراك روسيا في الانقلاب، إلّا أنّ موسكو تبحث عن فرصتها في استغلاله (ألترا صوت)

شرعت منصات التواصل الاجتماعي المرتبطة بروسيا، في وقت مبكر، في محاولة استغلال الانقلاب العسكري في النيجر الذي وقع الشهر الماضي، سعيًا لتعزيز نفوذ موسكو في البلاد وربما فتح فرص للتدخل هناك لاسيما بعد رفع العلم الروسي في أكثر من مظاهرة مساندة للجيش وبعد طرد السفير الفرنسي من نيامي.

مع الإشارة إلى تنامي النفوذ الروسي في أفريقيا وحصول موسكو على عقود وصفت بالمربحة في عدة عواصم أفريقيا، بالإضافة إلى حصولها على منافذ نحو المصادر الطبيعية في أفريقيا.

ارتفع المحتوى المتعلق بالنيجر عبر 45 قناة روسية على تطبيق "تليغرام" تابعة للدولة الروسية أو "فاغنر" بنسبة 66.45% في الشهر التالي للانقلاب

وكان محمد بازوم، الرئيس المنتخب الموالي للغرب، قد أطاح به كبار ضباط الجيش في 26 تموز/يوليو، وهو محتجز في مقر إقامته الرسمي في نيامي. وهدد الزعماء الأفارقة في إيكواس بالقيام بعمل عسكري للإطاحة بالنظام الجديد، لكن دعاة التدخل لم يتمكنوا حتى الآن من حشد الدعم الكافي.

وبحسب تقرير للغارديان فإن منصات التواصل الاجتماعي المرتبطة بروسيا شنّت حملة واسعة لاستغلال انقلاب النيجر، مع ملاحظة تراجع النشاطات المتعلقة بالنيجر على القنوات المرتبطة بشركة فاغنر بشكل نسبي بالتزامن مع الإعلان عن مقتل زعيم المجموعة يفغيني بريغوجين الأسبوع الماضي، في تحطم طائرة خاصة بموسكو، لكن القنوات الروسية على تطبيق "تليغرام" واصلت "مناقشة أو الدفع بعمليات التضليل الإعلامي بشأن النيجر، وبنفس المستويات التي كانت قبل مقتل بريغوجين"، وذلك وفقًا لبحث أجرته شركة  Logically التي تتابع المحتوى المضر والمعلومات المضللة عبر الإنترنت في المملكة المتحدة والهند والولايات المتحدة ومؤخرًا أفريقيا.

وقاد بريغوجين، الذي قاد تمردًا في روسيا في حزيران/يونيو، حملة تضليل في أفريقيا لعبت دورًا رئيسيًا في توسيع النفوذ الروسي في مناطق استراتيجية مثل منطقة الساحل والصحراء.

بودكاست مسموعة

وقد ارتفع المحتوى المتعلق بالنيجر عبر 45 قناة روسية على تطبيق "تليغرام" تابعة للدولة الروسية أو "فاغنر" بنسبة 66.45% في الشهر التالي للانقلاب، مما يشير إلى اهتمام موسكو الشديد باستغلال الاضطرابات.

كما تم اكتشاف 11 تقريرًا من المحتوى المتعلق بالنيجر، في الشهر السابق للانقلاب، و742 من المحتوى منذ الانقلاب العسكري. ورصدت شركة "لوجيكالي" زيادة كبيرة في كمية المحتوى الذي يروج للروايات المناهضة لفرنسا في هذه الحسابات، على الرغم من أنها وجدت أن المشاعر السلبية تجاه باريس في النيجر، وهي مستعمرة فرنسية سابقة، كانت منتشرة بالفعل قبل الانقلاب.

لقد تفاجأ معظم المراقبين بانقلاب تموز/يوليو، إذ كان يُنظر إلى النيجر على أنها دولة مستقرة نسبيًا، وتتمتع بمؤسسات ديمقراطية أقوى من العديد من جيرانها. فضلًا عن أنها تُعد قاعدة رئيسية للقوات الغربية وكان جيشها شريكًا للولايات المتحدة والجيوش الأخرى في منطقة الساحل المضطربة.

ومع ذلك لا توجد أدلة على وجود جهود روسية لزعزعة استقرار حكومة بازوم قبل الانقلاب مباشرة، حيث يعزو المتابعون الانقلاب إلى صراعات داخلية على السلطة.

ومع ذلك، كانت النيجر محور حملات التأثير على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل. وفي منتصف شهر شباط/فبراير الماضي، غمرت موجة من المعلومات المضللة وسائل التواصل الاجتماعي عندما سافر بازوم إلى باريس للقاء إيمانويل ماكرون.

وفي هذا الصدد أظهر أحد مقاطع الفيديو التي تم تداولها على نطاق واسع على تيك توك وفيسبوك لقطات زعم أنها صور عن محاولة انقلابية في آذار/مارس 2021 بنيامي، وأدلة عن تبادل إطلاق النار حول القصر الرئاسي، وتحت اللقطات منشور ينتقد بازوم ودعمه لفرنسا.

وتم نشر لقطات أخرى بنفس الطريقة للتضليل، وأظهرت صور مفبركة الفرنسيين وهم يهاجمون قافلة عسكرية للقوات في النيجر، وفيها اتهامات للقوات الفرنسية بأنها تتواطأ مع الجهاديين.

 وعثرت لوجيكالي على محتويات مماثلة في الأسابيع الماضية، بما فيها منشور من موقع روسي "للتحقق من المعلومات" على تطبيق تليغرام ولديه أكثر من 600 ألف متابع وزعم أن عدم الاستقرار في النيجر والدول الأخرى كان نتيجة للجهود الغربية التي تعارض انضمام العديد من الدول إلى مجموعة البريكس والتي كانت بشكل عام داعمة لروسيا والحرب في أوكرانيا. وفي منشور آخر، على وسيلة إعلامية تابعة للدولة الروسية وبـ 360 ألف متابع، جرى تضخيم المزاعم حول اتهامات النخبة العسكرية لدولتين في إيكواس وأنهما تحضران لتدخل عسكري محتوم بالنيجر لإعادة بازوم.

وقال كايل وولتر، مدير البحث في لوجيكالي "تحركت الحسابات على منصات التواصل الاجتماعي وسريعًا باتجاه النيجر، وبقضايا جادة وسوء نسبة اللقطات، وكان هناك جمهور كبير موال لرواية الكرملين والتي تتناقض مع رواية الدول الغربية الموالية لأوكرانيا".

وتم إلقاء اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج العداء المتزايد تجاه فرنسا مما دفع باريس إلى سحب قواتها من مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى في عام 2022 ومن بوركينا فاسو هذا العام.

ولا يعرف مستقبل فاغنر في القارة بعد مقتل بريغوجين، فقد حصلت شركاتها على عقود للتنقيب عن الذهب والماس وتصدير الخشب في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وليبيا وموزامبيق ومناطق أخرى.

ويقول دينو مهتاني، المحلل المستقل والخبير بالشؤون الأفريقية "من غير الواضح إن تمت عملية سيطرة شاملة على فاغنر من الدولة الروسية أو أجزاء منها، وإن استخدمت موسكو كتلة من الجماعات وهي تحاول الحفاظ على التأثير الذي حققته فاغنر". مردفًا القول "هناك صعود في المشاعر المؤيدة لروسيا في العديد من هذه الدول والتي تريد موسكو تقويتها".

وتشير الجهود المتواصلة من الحسابات المرتبطة بروسيا إلى أن الكرملين يبحث عن طرق للاستمرارية وهو يقوم بالتحكم بعمليات التأثير وشبكات المال والأعمال التي كان يديرها بريغوجين.

زكي وزكية الصناعي

ونشرت عدة مواقع استغلت الاضطرابات في النيجر معلومات مضللة عن فرنسا في دول الساحل. وفي صفحة على فيسبوك نشرت معلومات مضللة في نيسان/أبريل 2022 زعمت أن القوات الفرنسية ارتكبت جرائم وحفرت مقابر جماعية في غوزي، قرب القاعدة العسكرية الفرنسية التي تسلمها الجيش المالي. 

وكشف الجيش الفرنسي أنه استخدم المُسيّرات وصور ما يمكن أن يكون قبورًا جماعية حفرها المرتزقة الروس. واستأجرت جمهورية أفريقيا الوسطى المرتزقة الروس وهناك مظاهر قلق تتعلق ببوركينا فاسو. وفي كانون الثاني/يناير انتشر على منصات التواصل شريط متحرك حول قيام فاغنر بعملية لمساعدة دول غرب أفريقيا لقتال جنود الزومبي الفرنسيين.

وقال المجلس الأطلنطي، وهو مركز بحث أمريكي، إن مصدر الشريط غير معروف، ويبدو أنه نشر على منصة إكس (تويتر سابقًا) في 14 كانون الثاني/يناير. 

لا توجد أدلة على وجود جهود روسية لزعزعة استقرار حكومة بازوم قبل الانقلاب مباشرة

يشار إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن قال في تصريح لشبكة بي بي سي "إنه لا يعتقد بوجود صلة روسية بانقلاب النيجر" مستدركًا "لكنهم يحاولون الاستفادة من الانقلاب العسكري".

يذكر أنّ المجلس العسكري في النيجر تراجع عن قرار يقضي بطرد سفراء الولايات المتحدة وألمانيا ونيجيريا، وأقرّ في المقابل قرار طرد السفير الفرنسي من نيامي.