01-فبراير-2023
gettyimages

ضاعفت روسيا قواتها على الجبهة الشرقية من أوكرانيا (Getty)

شهدت جبهات القتال في أوكرانيا تصعيدًا في المعارك، فمن جهة أعلنت موسكو عن تقدم قواتها ناحية مقاطعة باخموت بعد سيطرتها على قرية بلاغوداتني، حيث تكثف القوات الروسية من هجماتها على طول الجبهة الشرقية لأوكرانيًا، تحضيرًا لهجوم جديد.

تشهد الجبهة الأوكرانية، قصفًا روسيًا هو الأعنف منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، حيث ارتفعت عمليات القصف المدفعي الروسي من 60 عملية قصف في اليوم إلى أكثر من 90 عمليةً يوميًا

ومن جهة ثانية شنّت القوات الخاصة الأوكرانية ليلة الثلاثاء هجومًا حاولت من خلاله اقتحام المواقع الروسية في مقاطعة زابوروجيا لكن القوات الروسية ادعت أنها قامت بصدّ الهجوم، ودفعت القوات الأوكرانية إلى ترك خط الدفاع الأول في مقاطعة زابوروجيا والتراجع إلى مواقع معدة مسبقًا في الخط الثاني والثالث وفقًا لما نقلته وكالة سبوتنيك الروسية عن مصادرها.

وفي تفاصيل التطورات الميدانية على جبهات القتال، أفادت وزارة الدفاع الروسية أمس الثلاثاء بأن ما وصفتها بـ"تدابير هجومية ناجحة" مكنت قواتها من السيطرة على قرية بلاغوداتني الواقعة في دونيتسك، التي تعد إحدى المقاطعات الأوكرانية الأربع التي أعلنت روسيا ضمها في أيلول/سبتمبر الماضي. 

getty

وتوجد قرية بلاغوداتني على مقربة من سوليدار الاستراتيجية التي استعادتها القوات الروسية مؤخرًا فقط، كما تقع بلاغوداتني، عند طريق سريع يؤدي إلى مدينة باخموت، التي تسعى القوات الروسية منذ أشهر إلى السيطرة عليها في معارك صنّفت بأنها الأكثر ضراوة منذ بدء الحرب شباط/فبراير 2022.

يشار إلى أن مليشيا فاغنر التي تقاتل بجانب القوات الروسية أكّدت السيطرة على قرية بلاغوداتني نهاية الأسبوع الماضي، لكن الطرف الأوكراني نفى تلك السيطرة حينها، قائلا إن قواته "صدت هجمات روسية على القرية". وتتحدث المصادر الروسية عن أنها تحاصرت باخموت من ثلاث جهات حاليًا.

أما في زاباروجيا التي تحتضن أكبر محطة نووية في أوكرانيا فقد صرّح عضو المجلس الرئيسي للإدارة العسكرية والمدنية للمقاطعة فلاديمير روغوف بأن الجيش الأوكراني ترك خط الدفاع الأول في كل مكان تقريبًا في مقاطعة زابوروجيا وتراجع إلى مواقع معدة مسبقًا على الخطين الثاني والثالث، وفقا لما نقلته وكالة سبوتنيك الروسية. 

وذلك على إثر  قيام قوات أوكرانية خاصة ليلة الثلاثاء بمحاولة "لاختراق مواقع القوات الروسية، لكنها اكتشفت باستخدام طائرة مافيك، وتم قصفها بالمدفعية"، بحسب روغوف.

وفي جبهة دونيتسك ذكر بيان صادر عن القوات الروسية أمس الثلاثاء أيضا أن "وحدات من تجمع القوات "فوستوك" ألحقت أضرارًا نارية في وحدات اللواء الآلي 72 التابع للقوات المسلحة الأوكرانية في منطقة أوغليدار، وكذلك اللواء 110 للدفاع الإقليمي في منطقة نوفوبول بجمهورية دونيتسك الشعبية"، وبحسب ذات البيان فقد "وصلت خسائر القوات المسلحة لأوكرانيا على هذا المحور أكثر من 40 من الأفراد العسكريين، ودبابة واحدة، ومركبتين قتاليتين مصفحتين، وشاحنتين صغيرتين، بالإضافة إلى تدمير مستودعين أوكرانيين بذخيرة مدفعية في منطقة أوغليدار وفي منطقة كاترينيفكا في جمهورية دونيتسك.

كما أشار بيان الدفاع الروسية الوزارة إلى أن "كييف فقدت حوالي 105 من الأفراد العسكريين على محوري كوبيانسك وكراسني ليمان بمقاطعة خاركوف".

وتشهد الجبهة الأوكرانية، قصفًا روسيًا هو الأعنف منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، حيث ارتفعت عمليات القصف المدفعي الروسي من 60 عملية قصف في اليوم إلى أكثر من 90 عمليةً يوميًا، مع استهداف 111 موقعًا أوكرانيًا في اليوم الواحد. بالإضافة إلى إرسال عشرات الآلاف من الجنود إلى الجبهة الشرقية، والذي قال عنه الرئيس الأوكراني إن محاولة لاستلام زمام المبادرة.

يترافق مع ذلك زيادة أعداد القوات الروسية على جبهة القتال منذ تعيين الجنرال فاليري غيراسيموف، قائدًا للحرب في أوكرانيا، حيث أضافت روسيا عددًا كبيرًا من القوات في دونباس، كما تقدر المخابرات الأوكرانية أن لدى روسيا الآن أكثر من 320 ألف جندي في أوكرانيا، أي ما يقرب من ضعف حجم قوة الغزو الأول لموسكو، وقال مسؤولون غربيون ومحللون عسكريون إن موسكو لديها أيضًا 150.000 إلى 250.000 جندي احتياطي، إما يتم تدريبهم أو يتمركزون داخل روسيا للانضمام إلى القتال في أي وقت.

وتجمع كل التحليلات العسكرية، على أن روسيا تستعد إلى هجوم وشيك على أوكرانيا، وسط قناعة عالمية، أن التوصل إلى حل عبر المفاوضات أمر غير متوقع في الفترة الراهنة.

ويقول آخر تحديث استخباراتي لوزارة الدفاع البريطانية إن الأيام الأخيرة شهدت واحدةً "من أعنف جولات القصف في الصراع" على طول نهر دنيبر. وتشير الوزارة إلى أن "هذا يشمل القصف المستمر لمدينة خيرسون"، مشيرةً إلى أنه خارج دونباس، تُعد خيرسون المدينة الأكثر تعرضًا للقصف في النزاع.

الرهان على السلاح

على الجهة الأخرى تراهن أوكرانيا على وصول المساعدات العسكرية الغربية المعلن عنها أخيرا من الدبابات الحديثة لقلب المعادلة في جبهات القتال على الروس، كما تسعى كييف لدى حلفائها إلى الحصول على طائرات مقاتلة.

وفي هذا الصدد قال الرئيس الأمريكي جو بايدن أمس الثلاثاء بأنه "سيبحث مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي طلب الحصول على أسلحة متطورة لمواجهة روسيا"، وكان بايدن نفى سابقا تأييده إرسال مقاتلات من طراز "إف-16" إلى أوكرانيا. وتشاطر لندن هذا الموقف مع واشنطن، حيث صرح متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني "بأن إرسال طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا ليس خيارًا عمليًا"، مبررًا ذلك بأن"الطائرات المقاتلة البريطانية معقدة للغاية، وتعلّم طريقة التحليق بها يتطلب شهورًا".

وتابع "إذا أخذنا ذلك في الاعتبار، فنعتقد أن إرسال تلك الطائرات إلى أوكرانيا ليس عمليًا (…) سنواصل النقاش مع حلفائنا بشأن ما نعتقد أنه النهج الصحيح".

وفي ذات السياق أيضا قال فويتشك سكوركيفيتش نائب وزير الدفاع البولندي في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إنه "ليست هناك محادثات رسمية حول إرسال مقاتلات إف-16 لأوكرانيا في الوقت الحالي"، لكنه أشار إلى احتمال إرسال المقاتلات بالتشاور مع دول حلف شمال الأطلسي.

وفي السياق نفسه، وقال وزير الخارجية الأوكراني إن أوكرانيا تتوقع استلام 120-140 دبابة في "الدفعة الأولى" من الشحنات المقدمة من تحالف يضم 12 دولة. وأضاف دميترو كوليبا أن الدفعة الأولى ستشمل الدبابات الألمانية ليوبارد 2 ، وبريطانية تشالنجر 2 ودبابات إم 1 أبرامز الأمريكية.

getty

وقال مسؤولان أمريكيان مطلعان لرويترز، يوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 2.2 مليار دولار لأوكرانيا من المتوقع أن تشمل صواريخ طويلة المدى لأول مرة وذخائر وأسلحة أخرى.

من جانبه، قال كبير مستشاري الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المستشار السياسي ميخايلو بودولاك، يوم الأربعاء، إن المحادثات جارية بشأن تأمين صواريخ بعيدة المدى وطائرات هجومية من الشركاء للمساعدة في صد القوات الروسية.

وردًا على هذه الأنباء، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الصواريخ طويلة المدى التي وردت أنباء عن تضمينها في حزمة قادمة من المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة لأوكرانيا ستصعد الصراع لكنها لن تغير مساره. مضيفًا أنه لا توجد خطط للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإجراء محادثات مع نظيره الأمريكي جو بايدن.

وضمن مساعي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، قال فولوديمير زيلينسكي في تصريحات مساء الثلاثاء إن إدارته تخطط لإجراء تغييرات كجزء من محاولات المضي في مفاوضات سريعة لتأمين عضوية الاتحاد الأوروبي، حسبما ذكرت رويترز. وتعقد أوكرانيا محادثات مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة المقبل. وحديث زيلينسكي يدور حول شبهات الفساد في أوكرانيا.

الوساطة الإسرائيلية

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الثلاثاء، إنه مستعد للتفكير في العمل كوسيط بين روسيا وأوكرانيا إذا طلبته الدول المتحاربة والولايات المتحدة.

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الثلاثاء، إنه مستعد للتفكير في العمل كوسيط بين روسيا وأوكرانيا

وأضاف نتنياهو لشبكة CNN في مقابلة: "إذا طلبت جميع الأطراف المعنية، سأفكر في ذلك بالتأكيد". مشيرًا إلى أنه طُلب منه أن يكون وسيطًا بعد فترة وجيزة من الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/ فبراير من العام الماضي، لكنه رفض لأنه كان زعيم المعارضة الإسرائيلية في ذلك الوقت، موضحًا أن الطلب كان بشكلٍ غير رسمي.