01-أكتوبر-2021

الكاتب محمود محمد نعسان

الترا صوت – فريق التحرير

صدر حديثًا عن دار اسكرايب في مصر رواية للكاتب السوري الكردي محمود محمد نعسان بعنوان "وحي السراب"، وتدور أحداثها حول سيبويه، وهو شاب عشريني يعيش في مرحلة ما قبل الحرب وأثناءها، يعاني من صراعات داخلية في محاولته للتأقلم مع الواقع الجديد في الساحة العربية، وتناسي الخسارات والانهزامات النفسية والمادية مع رحلة لجوء مريرة يعيشها في تركيا، يبحث خلالها عن زوجة مناسبة له لكنه يصطدك بجدار الواقع ومعاناته الشخصية، ورفض الكثير من الأهالي تزويج بناتهم له بسبب داء السكري الذي يعاني منه، إلا أنه ينتصر أخيرًا.

رواية "وحي السراب" محاولة لكسر تابوهات اجتماعية، وهي دعوة للتفكير العقلي الناقد في كل أمر حياتي نقوم به

تحاكي وحي السراب واقع المجتمعات العربية والكردية، وتهدّم الكثير من العادات والتقاليد بمعول التفكير العقلي الناقد، بهدف عيش حياة استقلالية والخروج من قمقم اللاوعي الجمعي.

اقرأ/ي أيضًا: كتاب "معنى إسرائيل".. أصول الدولة وطبيعتها الاستعمارية

ولأننا نعيش في زمن وباء التكنولوجيا، وسيطرة قوى لا تحمل أي قيم سامية أو فضائل نبيلة على مجتمع ذي جذور وهوية تاريخية، ولأن حياتنا نتيجة خليط مما تمليه علينا السوشيال ميديا والتوريث غير الناقد؛ يعيش الشاب العربي والكردي في محيط من الحيرة الفكرية والنفسية، فكان لِزامًا على الكاتب العربي والكردي أن يقف موقف الطبيب من مجتمعه ويتناول القضايا التي تحول دون لِحاقنا بركب الحداثة، والأهمية الكبرى تكمن في تقديم معالجة واقعية للمعاناة الاجتماعية.

وعن روايته قال نعسان لـ"الترا صوت": "وحي السراب محاولة لكسر تابوهات اجتماعية حياتية تخص كل مجتمعاتنا، وهي دعوة للتفكير العقلي الناقد في كل أمر حياتي نقوم به ونبني عليه قناعاتنا، وبكل تصرف ينتج عن لا وعي".

وأوضح: "هي تحليل ونقد الحالة الاجتماعية والنفسية للشاب في مرحلة عمره الأكثر إثمارًا، والتي يكون فيها حائرًا فكريًا وبلا هدف ينطلق نحوه، وتناول حزمة من العادات والمعتقدات التي نتشربها دون وعي منا، وتؤثر على حياتنا وحياة أجيال من بعدنا لأننا نتلقاه دون تمحيص وتحليل".


مقطع من الرواية

من غير المنطق أن يتزوج السخي بالبخيلة، أو الاجتماعية بالانطوائي، وهذه الأمور لا تُكشف من أول جلسة ولا اثنتين ولا ثلاثة ربما، ستبقى هناك صفات لن تكتشفها إلا بعد الزواج العملي، ولكن جلسات التعارف والدراسة والتحليل الشخصي ستقلل نسبة الصدمة التي ستتعرض لها، وقد تعطيك مؤشرًا للتراجع، التراجع الذي هو خير من الطلاق، لذا يجب أن تُنشر هذه الثقافة بين العامة ويصبح عُرف وعادة؛ لأن الشرع سمح به، ولأن فيه فوائد جمة، لا تُدرك إلا بعد الزواج والتعرف على ما تكره من الصفات في شريكك، فإذا كنت لا تستطيع أن تشتري السمك وهو في الماء ولن نخسر فيها إلا بعض المال الذي تستطيع تعويضه، فكيف تختار شريكة لا تعرف إلا مظهرها الخارجي؟! والمظهر الخارجي لن تعرفه بعد المساحيق، فحين تقع الطامة سيندم النادم في وقت لن يعود عليه الندم إلا بالخسران والحسران، والذكي مَن يستفيد من تجاربه وأخطائه، لكن الأذكى مَن يستفيد من تجارب وأخطاء غيره.

الكثير من أمور حياتنا التي نمارسها باعتياد ووراثة تكون في قاع الحضيض، لو تركنا لفطرتنا وعقولنا الحكم لما عانينا في تحصيل الصحيح، لكن تلقيناها دون تمحيص، دون عرضها على الفطرة، دون وضعها تحت مجهر العقل، هذا الأمر يشمل كل أمور الحياة من دين أو المال الذي نقضي حياتنا في حصده على حساب صحتنا وقتل رغباتنا في الأشياء التي نحبها ومن ثم تأتي الورثة تستلذ بتعبنا وحصاد عمرنا، هم ليسوا مذنبين، الذنب ذنبنا عندما حوّلنا المال من وسيلة إلى غاية، من حمار نركبه إلى حمار، العمل الذي نقضيه تحت رحمة الآخرين ولا نتجرأ أن يكون نحن أصحاب العمل والإدارة ونكون محرك إطار، الأمر الذي يجعلنا لا نتقن عملنا كما طُلب منا، وفهمنا العام ونظرتنا للحياة والزواج جزء مهم منها، من هذا الذي يحاسب نفسه في العام مرة؟ ويعيد تشكيل نظرته للأمور؟ من هذا الذي مستعد للتخلي عن أمتن قناعاته عندما يكتشف أنه خطأ؟ إنه الإنسان فقط! ولكن ليس أي إنسان، بل هو إنسان الإنسان.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"دفاتر الحرب الغريبة".. ما تبقّى من يوميات سارتر

رواية "عالم 9".. حروبٌ ترويها النساء