27-نوفمبر-2017

الكاتب اللبناني جهاد بزي

استعدادًا لمعرض بيروت الدوليّ للكتاب في دورته الواحدة والستين، أصدرت "نوفل" في بيروت 17 عملًا روائيًا، من بينها رواية "المُحجّبة" للكاتب والصحافي اللبناني جهاد بزّي. وهي الرواية الثانيّة لهُ بعد روايته الأولى "ملك اللوتو" التي كتبها بالاشتراك مع الكاتب بشير عزّام، وصدرت عن "دار رياض الريّس" سنة 2011.

تدور رواية "المُحجّبة" لجهاد بزّي حول امرأة في السادسة والعشرين من العُمر، تعيش وحيدةً في مدينة بيروت

يسلك جهاد بزّي طريقًا مُختلفًا عن ذلك الذي سلكهُ في روايته الأولى، حيث اعتمد في "ملك اللوتو" على شخصيّة غير مُنجزة بشكل كافٍ، ولا تزال خاضعةً للتطوير بحثًا عن الشخصيّة التي يسعى لابتكارها بطلا الرواية، وابتكار أحداثٍ وحياةٍ خاصّة لتلك الشخصيّة. بينما يقدِّم في "المُحجَّبة" شخصيّة مُنجزة بشكلٍ كامل، وحياة واضحة لها دون الحاجة لمحاولات ابتكارها.

اقرأ/ي أيضًا: وليد السابق.. كائنات الرعب اللامرئية

تدور رواية "المحجبة" حول امرأة في السادسة والعشرين من العُمر، تعيش وحيدةً في مدينة بيروت، وتعمل مدققّةً لغويةً في موقع إلكترونيّ، وتقتصر علاقاتها الاجتماعيّة على زملائها في العمل وصديقة واحدة، بينما تبدو علاقتها العاطفيّة مُعقّدة وعلى وشك الانهيار دائمًا، حيث يبدو عشيقها، وبشكلٍ مُستمر، مستعدًا للخروج من حياتها بصورةٍ نهائيّة ودون عودة. سلمى مُحجّبة، ولكنها تكسر الصورة النمطيّة والسائدة عن المرأة المُحجّبة، والتي، واقعيًا، تشهد تغيّرًا جذريًا، إذ إنّ المرأة المُحجّبة لم تعد تمثّل بالضرورة المرأة الملتزمة دينيًا، وهذا ما نكتشفهُ مع سلمى التي تفعل ما ليس على المُحجّبة، مُجتمعيًا، فعلهُ؛ من شرب الكحول وتدخين الحشيش وممارسة الجنس، كما أنّها غير مؤمنةً دينيًا، ولا تصلّي أو تصوم.

[[{"fid":"96371","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"رواية جهاد بزي","field_file_image_title_text[und][0][value]":"رواية جهاد بزي"},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"رواية جهاد بزي","field_file_image_title_text[und][0][value]":"رواية جهاد بزي"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"رواية جهاد بزي","title":"رواية جهاد بزي","height":325,"width":200,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

تعيش سلمى حالة صراع داخليّة، تتمثّل في رغبتها بنزع الحجاب الذي وضعتهُ في سن الثانية عشر، وعدم قدرتها على فعل ذلك، لتأخذنا حينها في رحلة داخل يوميّاتها التي نتعرّف من خلالها على الشكل الذي تقوم عليه حياتها، والدوائر الفارغة والمُغلقة عليها، وعلاقتها بعائلتها؛ شقيقها المُسافر والمتدين، والدها المحبط والصامت طيلة الوقت، وعلاقتها بحبيبها وعملها وجسدها ومستقبلها وحاضرها.


مقطع من الرواية

أنا أنتظر. حياتي مرتّبة تمامًا، كبيتٍ لا يعيش فيه أحد. أنتظر الليل كي أنام وأنتظر الصباح كي أذهب إلى المعتقل. أنتظر الساعة الخامسة حتّى أقوم عن مكتبي، ثمّ أعود فأنتظر الليل، فالصباح. أنتظر فرصة عمل أخرى. أنتظر نهاية الأسبوع كي أذهب إلى الضيعة وأنتظر مساء الأحد كي أعود منها. أنتظر حسن كي يقرّر ما يشاء من علاقتنا وأنتظره كي ينفصل عنّي ويختفي. أنتظر رجلًا جديدًا لأبدأ علاقة جديدة. أنتظر في السيّارة. أنتظر في الحياة. أنتظر سرطان الثدي كي أستأصل ثديي وأنتظر سرطان الرحم كي أستأصل رحمي. أنتظر مرور الأيّام كي أستأصل عمري. إنّني أنتظر. ما دمت هنا، فالحياة آمنة، ولا قلق فيها. لا شيء سيحدث في قاعة الانتظار، وها أنا أنتظر. في القاعة شاشة تعرض فيلمًا عن حياتي. أراني في الفيلم جالسة في قاعة انتظار أتفرّج على فيلم يعرض قصّة حياتي. أراني فيه جالسة في قاعة انتظار أتفرّج على فيلم عن قصّة حياتي... إنّني، في الأفلام المتداخلة إلى ما لا نهاية، أدرك كم هو مملّ هذا الفيلم. مع ذلك نبقى كلّنا حيث نحن. نتكرّر في الانتظار. لا نريد أن نخاف وأن نقلق. سنبقى هنا، جالسات في مقاعدنا، نتفرّج على تكرارنا في المرآة. ليس في الخارج ما يستحقّ قلقنا. قد يكون هذا أفضل ما سيحصل لنا في الحياة، لماذا نغامر؟ لماذا أغامر؟ سأبقى هنا. أفضل ما يحدث في الحياة هو ألّا تحدث، تقول المنتظرات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بسمة الخطيب.. الحكاية بوصفها شراكة مع الأسلاف

رواية "أثر على أثر".. تقلبات روسيا المعاصرة