15-نوفمبر-2017

الكاتبة بسمة الخطيب

تخصّص الكاتبة والصحافيّة اللبنانيّة بسمة الخطيب روايتها الجديدة "في بلاد الله الواسعة" (دار الآداب، بيروت) للناشئة. تتمحور الرواية حول عدّة أفكار منها دور الإرث في المستقبل، والبحث في جوهر الحياة والقيم الانسانيّة، وتأثير الحكايات الشعبيّة على المتلقّين بشكلٍ عام والفئات الناشئة بشكلٍ خاص.

يشغل جمع الحكايات الشعبيّة العربيّة حيّزًا من حياة بسمة الخطيب، وتعملُ دائمًا على توظيفها في أعمالها الأدبيّة

يشغل جمع الحكايات الشعبيّة العربيّة حيّزًا من حياة الروائيّة بسمة الخطيب، وتعملُ دائمًا على توظيفها في أعمالها الأدبيّة. فرواية بسمة الخطيب الأولى "برتقال مرّ" كانت تتحدَّث عن علاقتها بجدَّتِها التي هي ابنة حكواتي القرية، حيث دفعتها تلك العلاقة إلى تدوين تلك الحكايات والبحث في أسرار صنْعتِها. والحكاية الشعبيّة بالنسبة لبسمة الخطيب واحد من الفنون التي تُعتبر مُعلِّمةً ومُلهمة للإنسان عمومًا، والكتّاب خصوصًا. وهذا ما دفع بسمة الخطيب للانتقال من الحكاية الشعبيّة اللبنانيّة إلى الحكايات الخاصّة بشبه الجزيرة العربيّة، حيث أمضت هناك ما يقارب العشرين سنة، استثمرتها في البحث والكتابة.

اقرأ/ي أيضًا: رواية "بينوكيو".. فانتازيا إيطالية

تدور رواية "في بلاد الله الواسعة" لبسمة الخطيب في واحات تيماء شمال الجزيرة العربيّة، وتروي حكاية إسماعيل الحالم بالسفر لجمع الحكايات الغريبة والعجيبة، ولكنّه يصطدم برفض والده الذي يحتاجهُ لمساعدته في العمل في مزرعة النخيل. ولكنّ ذلك لا يستمرُّ طويلًا، حيث تهبُّ فيما بعد رياح سموم تقضي على الواحات وتدفع سكّانها للهجرة، لتبدأ حينها رحلة إسماعيل الطويلة في بلاد الله الواسعة بحثًا عن الدواء، راويةً لنا بسمة الخطيب ما رافق تلك الرحلة من معوقات ومشقّات، وكيف ساهمت في تعليم إسماعيل دروسًا قاسيةً عن الحياة، بالإضافة إلى جمعه عددًا من الحكايات الغريبة والمشوّقة، وعمله على صناعة الحكاية الخاصّة بهِ.

بلاد الله الواسعة

حوّل رواية "في بلاد الله الواسعة" تقول الروائيّة بسمة الخطيب لـ"ألترا صوت": "الرواية كانت تحدّيًا كبيرًا وحقيقيًا لي، لأنّني حاولتُ فيها إعادة رواية حكايات من الموروث الشفويّ لشبه الجزيرة العربيّة وجوارها بعد سنواتٍ من البحث والجمع، كما أضفتُ أيضًا إليها حكاياتٍ من خياليّ، لأن إعادة سرد الحكايات فنٌّ شيق وممتع، ونحاول فيه أن نعوّض ما فاتنا، واللحاق بأجدادنا أيضًا فيما يخصُّ صناعة الموروث الحكائيّ الخيالي".

وتضيف بسمة الخطيب: "عبر هذا الفن نرسم دائرة شراكة مع أسلافنا، ونعيد الرونق لإرثهم المظلوم هذا قبل أن يبتلعه النسيان. صحيح أنّ الكثير من هذا الإرث موثّق، لكنهُ غالبًا يبقى حبيس الأدراج والرفوف في أرشيف المكتبات. بينما مكانهُ الحقيقي هو في مكتبة كلّ أسرة عربيّة.

يُذكر أنّ بسمة الخطيب كاتبة وصحافيّة من لبنان، تعمل في الإعلام المرئيّ والمكتوب. وقد صدرّ لها في القصّة مجموعة بعنوان "شرفة بعيدة تنتظر"، ورواية بعنوان "برتقال مرّ". وسلسلة قصصيّة للأطفال صدرت عن دار "أكاديميا".


مقطع من رواية "في بلاد الله الواسعة"

لن نعرفَ كم مضى من الوقتِ قبلَ أن تعثرَ عَفرةُ على إسماعيلَ، مُمدَّداً عند أطرافِ غابة السِّدر، وآلافٌ من الأشواكِ مغروزةٌ في جسمِه. برغمِ ذُعرِها، تماسكَتْ الصبيَّةُ الرقيقةُ واقتربَتْ منهُ. عرفتْ أنَّه حيٌّ. لم تحتَجْ إلى برهانٍ غيرَ ما رأتهُ. رأتْهُ يحلمُ. رأتْ أحلامَه على وجهِه الساكنِ. لا تعرفُ الكثيرَ عن الموتى، ولكنَّها تعرفُ أنَّ الموتى لا يحلُمون. تلفَّتتْ حولَها. وجدَتْ كيسًا على مقرُبةٍ منهُ، ولكنَّها لم تجرؤْ على فتحِهِ. غابتْ قليلًا، وعادتْ مع حصيرٍ من السَعَفِ، قلبَتْ الشابَ فوقهُ بصعوبةٍ، وجرَّتهُ إلى القصرِ. الطريقُ وعرةٌ، والحَرُّ شديدٌ، يُلهِبُ الرمالَ، ولكنَّ عَفرةَ لم تتراجعْ. كانَت تأخذُ استراحاتٍ قصيرةً، تُرتِّبُ شيلَتها السوداءَ، وترفعُ أذيالَ عباءتِها كي لا تتعثَّر بها، ثُمَّ تُتابعُ. السنواتُ التي عاشَتها في هذه الأرضِ القاسيةِ علَّمتها الجلَد والمثابَرة. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

أليف شفق تكتب رواية ستُنشر بعد 100 عام في "مكتبة المستقبل"

رواية "أثر على أثر".. تقلبات روسيا المعاصرة