23-مايو-2021

من مظاهرة مؤيدة لفلسطين في مدينة ديترويت (Getty)

ألتراصوت- فريق الترجمة 

يبدو أن الكلفة السياسية للنهج التقليدي للبيت الأبيض بالدعم المطلق لإسرائيل قد باتت أعلى بكثير مما كانت عليها قبل سنوات، قبل ظهور جيل جديد من الديمقراطيين، مثل رشيدة طليب، وقبل أن نشهد هذا التلاحم بين حملة "حياة السود مهمة"، وبين مطالب الفلسطينيين. المقال التالي المترجم بتصرف عن الغارديان البريطانية يوضّح مستقبل هذه التغيرات. 


كان من المقرر أن يزور الرئيس الأمريكي جو بايدن مدينة ديترويت في ولاية ميتشيغن، التي تضمّ أكبر جالية عربية أمريكية في البلاد، في ذروة العدوان الإسرائيلي على فلسطين.

تتزايد الكلفة السياسية في الولايات المتحدة لاستمرار التأييد المطلق لإسرائيل رغم جرائمها في فلسطين

مر الموكب الرئاسي يوم الثلاثاء الفائت وسط احتجاج رفعت فيه الأعلام الفلسطينية، وخاض بايدن نقاشًا ساخنًا مع رشيدة طليب، أول امرأة فلسطينية تنتخب لعضوية الكونغرس، على مدرج مطار ديترويت، في مشاهد تكشف مقدار التحولات السريعة الجارية في السياسة الأميركية.

وقال بايدن، في معرض ترحيبه بوقف إطلاق النار، إنه سيواصل ما أسماه "دبلوماسية هادئة لا هوادة فيها". لكن تأكيده على مدى 11 يومًا من القصف الصاروخي وإراقة الدماء، على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، ورفضه المطالبة بوقف إطلاق النار أو الانضمام إلى بيان مجلس الأمن للدفع نحو وقف الاعتداءات، قد كانت له تكلفته السياسية في الولاية التي كانت حاسمة في انتخابه ووصوله إلى البيت الأبيض. 

يمكن القول بطبيعة الحال أن بايدن كان يسير على نفس خطى من سبقه من الرؤساء الأمريكيين، إلا أن الكلفة السياسية لهذا النهج باتت أعلى بكثير مما كانت عليها قبل سنوات، قبل ظهور جيل جديد من الديمقراطيين، مثل رشيدة طليب، وقبل أن نشهد هذا التلاحم بين حملة "حياة السود مهمة"، وبين مطالب الفلسطينيين.

ثم إن هذا التحالف الواسع الذي عزّز موقف بايدن في حملته الانتخابية للترشّح عن الحزب الديمقراطي، وساعده على الفوز بالانتخابات في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، قد يتحوّل إلى ثقل موازن في مواجهة التوجه السائد المؤيد لإسرائيل داخل الحزب الديمقراطي.

عبدول السيد، أحد الناشطين الذين شاركوا في المسيرات الاحتجاجية في ميشغن يوم الثلاثاء الماضي، والذي كان مرشحًا سابقًا لمنصب حاكم الولاية، وشغل فيما سبق منصب مدير قسم الصحة والدعم الصحي في مدينة ديترويت، قال إن "جو بايدن، وعبر تاريخه السياسي، تميّز بقدرته العالية على قراءة التغيّرات في المزاج السياسي، وآمل أن يكون قد لاحظ حقيقة تغيّر مزاج القاعدة الشعبية هنا إزاء هذه القضية".

كما شارك في حراك يوم الثلاثاء الناشط، روبن تيلوشكين، وهو يهودي أسود والمسؤول على المستوى الوطني عن منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" (JVP)، وقد قال "إن حملة حياة السود مهمة" عززت التحالف بين الفلسطينيين والأمريكيين من أصول أفريقية.

وأضاف تيلوشكين: كان التشبيك يحصل بين الناس في الشوارع، وعبر الإنترنت، وهو ما كان له أثر على ترسيخ التضامن الموجود أكثر وأكثر، إضافة إلى توسع قاعدته ليشمل الأشخاص العاديين وربما المحايدين تقليديًا، والذين تم تسييسهم مؤخرًا".

ويشير تيلوشكين إلى أثر الاحتجاجات التي شهدتها مدينة فيرغسون في ولاية ميزوري الأمريكية عام 2014، عندما تم اكتشاف أن عبوات الغاز المسيل للدموع التي استخدمت ضد المتظاهرين الأمريكيين السود في ميزوري كانت هي نفسها التي تستخدمها إسرائيل ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

اقرأ/ي أيضًا: "غزة تنتصر" يتصدر منصات التواصل الاجتماعي

ويقول تيلوشكين: "أظهر الفلسطينيون تضامنهم من خلال إرسال تغريدات إلى المتظاهرين في فيرغسون حول كيفية التعامل مع الغاز المدمع"، وهذا ما جعل تيلوشكين يقتنع بأن الرابط بين المتظاهرين في كلا المكانين كان رابطًا حقيقيًا وليس رمزيًا وحسب.

ثمة مفردات جديدة دخلت ظهرت في حيّز الجدل القائم أمريكيًا حول إسرائيل وفلسطين، لا سيما منذ أن نشرت "هيومن رايتس ووتش" تقريرًا الشهر الماضي، وصف الوضع الراهن في أماكن تواجد الفلسطينيين بأنه "فصل عنصري"، وهو الوصف الذي وجد له صدى في مجلس النواب الأمريكي، وعلى شبكة MSNBC على لسان المذيع علي فيلشي.

إدوارد أحمد ميتشل، نائب المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، يعتبر أن ما يحدث "تغيير جذري"، ويقول: "عادة ما تكون عرضة لخطر فقدان وظيفتك إذا دافعت عن حقوق الإنسان للفلسطينيين".

ويقول ميتشل: "يجب أن تتغير النقاشات قبل أن تتغير السياسات". ويضيف: "الآن نشهد تغييرًا جذريًا في النقاشات المحيطة بفلسطين".

لنأخذ على سبيل المثال ما قامت به العارضتان الأمريكيتان بيلا وجيجي حديد، اللتان تنحدران من أصول فلسطينية في من طرف والدهما الذي ولد في فلسطين، استخدمتا منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بهما، التي يبلغ مجموع متابعيها 108 ملايين متابع على الأقل، لتسليط الضوء على معاناة سكان غزة والضفة الغربية.

وبحسب رئيس مركز السياسة الدولية صالح بوكر، فإن هذا النشاط السياسي يتزايد زخمه منذ عقود، ويقول: "أعتقد أننا نقترب من نقطة تحول جديدة يتم على أثرها إعادة صياغة النقاش بجميع حذافيره".

من جهتها، تؤكد بيث ميلر، مديرة الشؤون الحكومية في منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" أنه لم يعد من الممكن قبول أن يكون السياسي "تقدميًا" في حال استمر بتجاهل القضية الفلسطينية، وهو ما يرفضه الكثير من الناس حاليًا.

إلا أن المشهد على مستوى الرأي العام الأمريكي ما يزال راجحًا لصالح إسرائيل، والتعاطف معها، على حساب الفلسطينيين. فقد أظهر استطلاع للرأي كانت أجرته مؤسسة غالوب في آذار/مارس الماضي، أي قبل أحداث الاعتداءات الأخيرة والحرب على غزّة، أن نسبة التعاطف مع إسرائيل تبلغ 58% ممن شملهم الاستطلاع، مقابل 25% لصالح الفلسطينيين.  

المشهد على مستوى الرأي العام الأمريكي ما يزال راجحًا لصالح إسرائيل، والتعاطف معها، على حساب الفلسطينيين

كما لا يزال مركز الثقل في الحزب الديمقراطي ما يزال مؤيدًا بشكل كبير للنهج الذي يتبناه بايدن، لكن مع انزياح يبتعد شيئًا فشيئًا عن الدعم التلقائي لإسرائيل، وهو ما جرت عليه عادة الرئيس الأمريكي في مسيرته السياسية الطويلة.

ومن الإرهاصات على هذا التغير المحتمل، يذكر التقدميون أنه قد تمت الإطاحة بالرئيس القوي السابق الموالي لإسرائيل في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إليوت إنجل، من قبل الوافد السياسي الجديد، جمال بومان، في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في تموز/يوليو الماضي.

 

المصدر: الغارديان

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ضغوطات على إدارة بايدن بشأن العدوان الإسرائيلي وتوقعات بوقف وشيك لإطلاق النار

إسرائيل تستهدف الإعلام بشتى الطرق وسياسات منصات التواصل تساعدها

رفض التطبيع في دائرة الاهتمام العربي عبر السوشيال ميديا