13-أغسطس-2023
;lk

سهّل المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي تجارة السلع المقلدة . (GETTY)

يعتبر التسويق عبر المؤثرين أحد أبرز أشكال التسويق في عصرنا الحالي، إذ بات من الصعب على المؤسسات والعلامات التجارية أن تبني استراتيجياتها التسويقية دون الاستعانة بالمؤثرين الرقميين في ظل انخفاض نسبة متابعة وسائل الإعلام التقليدية من جهة وتصاعد دور مواقع التواصل الاجتماعي من جهة أخرى .

فقد برز نجم المؤثرين كرواد للرأي في مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأ نشاطهم يتطور ويتوسع في عدة مجالات تلامس جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بهدف كسب الشهرة والمال، ولا ينكـر أحد مدى الحضور الجماهيري الذى يحظى به هؤلاء المؤثرين في المواقع الإلكترونية والمنصّات، وهو ما نلاحظـه من عـدد متابعيهم، ومدى التفاعل معهم.

وهذا ما شجع مختلف المؤسسات التجارية على التسويق لمنتجاتهم من خلال المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا لقدرة هؤلاء المؤثرين على الوصول إلى أوسع نطاق من المستهلكين فحسب، إنما لتحقيقهم قاعدة كبيرة من المتابعين وخاصة من فئة الشباب التي تُعتبر فئة مهمة ذات جمهور نشيط يمكن أن يساهم بشكل كبير في إنجاح العملية التسويقية وزيادة فعاليتها، لذلك أصبحت هذه المؤسسات تخوض غمار التسويق عبر المؤثرين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والمنصّات الرقمية، الأمر الذي منح المؤثرّ ثقة أكبر لدى الجمهور المُستهلك.

يشير البحث  إلى أن المستهلكين الشباب هم الأكثر عرضة للوقوع فريسة للتكتيكات المقنعة لهؤلاء المؤثرين، إذ تظهر النتائج أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و33 عامًا أكثر عرضة من غيرهم ممن تتراوح أعمارهم بين 34 و 60 عامًا بثلاثة أضعاف لشراء المنتجات المقلدة.

وقد توقع تقرير نمو مجال التسويق عبر المؤثرين ليصل إلى 21.1 مليار دولار بنهاية عام 2023. ووفقًا للإحصاءات؛ فإن 61% من المستهلكين يثقون في توصيات وآراء مشاهير منصات التواصل، وهو ما دفع الشركات نحو الاستثمار في هذا النوع من التسويق، لتتغير معادلات صناعة التسويق نتيجة لقوة تأثير هؤلاء، الأمر الذي يؤكّد قوة تأثير هذا العنصر في المجتمعات.

وكما لكل ظاهرة نتائجها الإيجابية والسلبية، فقد نتجت عن ظاهرة المؤثرين نتائج عدة لا سيّما على الصعيد الاقتصادي، إذ توصلت دراسة حديثة إلى أن المؤثرين جعلوا وسائل التواصل الاجتماعي سوقًا مزدهرة للسلع المقلدة  والتجارة غير المشروعة.

ووفقًا لبحث حديث أجرته جامعة بورتسموث البريطانية، سهّل المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي تجارة السلع المقلدة والتجارة غير المشروعة، ويقدر البحث الذي يستند إلى استطلاعات بريطانية أجريت على 2000 شخص ، أن 22 في المائة من المستهلكين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 60 عامًا والذين ينشطون على وسائل التواصل الاجتماعي قد اشتروا سلعًا مزيفة روج لها مؤثرون.

وقد وجد الباحثون أن المقلدين يستفيدون من شعبية المؤثرين وموثوقيتهم على وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لسلعهم غير القانونية، مما سهل على المستهلكين العثور على المنتجات المقلدة وشراءها أكثر من أي وقت مضى.

تشكل السلع المقلدة تهديدًا عالميًا هائلًا، إذ تقدر قيمتها السنوية بحوالي 509 مليار دولار، وهي تُمثّل 2.5 في المائة من تجارة البضائع العالمية. وتؤدي هذه التجارة غير المشروعة إلى خسائر اقتصادية كبيرة للشركات المالكة لكبرى العلامات التجارية من خلال انتهاك حقوق الملكية الفكرية. كما ثبت تسبب الأدوية وبعض أنواع مستحضرات التجميل والأطعمة المزيفة بوفيات عديدة. وبحسب دراسة أجراها مكتب الملكية الفكرية التابع للاتحاد الأوروبي، فإن تقليد السلع يكلف الاتحاد 60 مليار يورو و 434 ألف خسارة وظيفية كل عام.

تالال

ولا بد من أجل علاج هذه القضية المعقدة من التوصل إلى فهم أعمق للقوى الدافعة للطلب والتي تشمل استخدام المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي وفقًا لما أوردته الدراسة.

ويشير البحث أيضًا إلى أن المستهلكين الشباب هم الأكثر عرضة للوقوع فريسة للتكتيكات المقنعة لهؤلاء المؤثرين، إذ تظهر النتائج أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و33 عامًا أكثر عرضة من غيرهم ممن تتراوح أعمارهم بين 34 و 60 عامًا بثلاثة أضعاف لشراء المنتجات المقلدة، في الوقت الذي  تمثل نسبة الذكور 70 في المائة من جميع المشترين للبضائع المقلدة، ويعزا ذلك إلى ميلهم للمخاطرة وقابليتهم للتأثر بالمؤثرين.

ومع أن الدراسة أُجريت في المملكة المتحدة لكنها يمكن أن تحمل ملامح نمط عالمي، وقد سنت بعض الدول قوانين تهدف إلى تنظيم أوضاع المؤثرين كما حدث في فرنسا خلال شهر تموز/ يونيو الماضي إذ أقرّت السلطات الفرنسية قانونًا جديدًا لتنظيم عمل المؤثرين والمشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أصدرت الإمارات العربية المتحدة قانونًا لتنظيم ما اعتبرته مهنة.

يشار أن غالبية شركات التواصل الاجتماعي حددت ضوابط حول الإعلانات ونشر المحتوى المرتبط بالعلامات التجارية، لكن هذه الضوابط لا تعد كافية، خاصة في ما يخص محتوى مقاطع الفيديو الترويجية، وهذا ما دفع العديد من الدول للتوجّه نحو سن قوانين.