11-يناير-2020

طفل في دار أيتام رومانية في التسعينات (Corbis)

الترا صوت - فريق الترجمة

قد تكون التربية صعبة على الوالدين، لكن الحقيقة العلمية المثبتة مؤخرًا أن الإهمال أصعب على الأطفال، ليس فقط نفسيًا وإنما حتى فسيولوجيًا. في السطور التالية نستوضح الأمر، نقلًا بتصرف عن موقع شبكة "BBC".


الحياة المبكرة المليئة بالإهمال والحرمان والشدائد، تؤدي إلى نمو أطفال بأدمغة أصغر. هذا ما وجده باحثون في جامعة كينغز كوليدج البريطانية، تابعوا أطفالًا تم تبنيهم بعد أن قضوا وقتًا في دور الأيتام برومانيا.

وجد باحثون في جامعة بريطانية أن الأطفال الذين قضوا وقتًا في دور الأيتام، نموا بأدمغة أصغر بنسبة 8.6% من الأطفال الآخرين

ووجد الباحثون أن هؤلاء الأطفال، نموا بأدمغة أصغر بنسبة 8.6% من الأطفال الآخرين الذين تم تبنيهم مبكرًا، أو دون أن يقضوا وقتًا في دور الأيتام. 

اقرأ/ي أيضًا: أيتام تشاوشيسكو.. ماذا تعرف عن سياسة الإنجاب القسري في رومانيا؟

ووفقًا للباحثين، كان ذلك الدليل الأول والأكثر إقناعًا على أن تجربة الحرمان والإهمال في سنين الطفولة المبكرة، لها تأثير على نمو الدماغ. وكانت قد ظهرت أدلة على مستويات الرعاية الفظيعة في دور الأيتام الرومانية، بعد سقوط الديكتاتور الروماني نيكولاي تشاوشيسكو في عام 1989.

أبواب الجحيم

وصف البروفيسور إدموند سونوغا بارك، الذي يشرف على هذه الدراسة، دور الأيتام الرومانية في عهد تشاوشيسكو بـ"أبواب الجحيم"، قائلًا: "أتذكر الصور التلفزيونية لدور الأيتام تلك. كان الأطفال مقيدون بالسلاسل إلى أسرتهم، وتملؤهم الأوساخ والقاذورات".

دور الأيتام في رومانيا
أطفال في إحدى دور الأيتام الرومانية في عهد تشاوشيسكو

حرم أطفال دور الأيتام تلك من أقل القليل من التواصل الاجتماعي الطبيعي، على المستوى الجسدي والنفسي، وغالبًا كانوا يعانون من الأمراض دون أي رعاية. أما الأطفال الذين شملتهم الدراسة، فكانوا عينة ممن قضوا ما بين أسبوعين وأربع سنوات تقريبًا في دور الرعاية الرومانية.

هذا وقد أظهرت دراسات سابقة عن الأطفال الذين تبنتهم فيما بعد أسر جديدة في بريطانيا، أنهم ما زالوا يعانون من مشاكل الصحة العقلية حتى في مرحلة البلوغ.

ووُثقت مستويات أعلى من بعض الاضطرابات، بما في ذلك مرض التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والخوف من الغرباء أو ما يعرف بـ"اضطراب القلق الاجتماعي".

وكانت الدراسة الأخيرة التي نشرت في مجلة "Proceeding of the National Academy of Sciences"، هي الأولى التي تجري عمليات مسح لأدمغة الأطفال المعنيين، بغرض التوصل إلى إجابات مقنعة عن أثر البيئة المبكرة على أدمغة الأطفال.

انخفاضٌ في معدلات الذكاء

وشملت الدراسة 67 طفلًا رومانيًا متبنّى، قارنت أدمغتهم بأدمغة 21 طفلًا آخرين متبنّين أيضًا لكن دون أن يعانوا من الحرمان في طفولتهم المبكرة.

وأوضح البروفيسور سونوغا بارك: "ما وجدناه مذهل حقًا. أولًا كان حجم الدماغ الإجمالي أصغر بنسبة 8.6% في المتوسط ​​لدى الأطفال الرومانيين، وكان التقلص يزداد لدى الأطفال الذين أمضوا فترات أطول في دور الرعاية تلك".

دور الأيتام في رومانيا
الأطفال الذين يعانون الحرمان والإهمال تنخفض لديهم معدلات الذكاء وترتفع معدلات الاضطرابات النفسية

ومع ذلك، فإن التأثير على الدماغ لم يكن بالقدر ذاته في جميع الحالات، إذ قال أحد الباحثين: "لقد وجدنا اختلافات هيكلية بين المجموعتين في ثلاث مناطق من الدماغ. ترتبط هذه المناطق بوظائف مثل التنظيم والنشاط وتكامل المعلومات والذاكرة".

ووفقًا للباحثين في الدراسة، فإن هذه النتائج يمكن أن تساعد في تفسير انخفاض معدل الذكاء وارتفاع معدلات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى هؤلاء الأطفال عندما أصبحوا بالغين.

أمّا ما لا تستطيع الدراسة شرحه بدقة، فهو أثر الإهمال الذي يعاني منه الأطفال في سنين الحياة المبكرة على الدماغ، ما يعني أنه من الصعب إيجاد تأثير لصدمات الحياة المبكرة الأخرى مثل سوء المعاملة أو اللجوء.

الإهمال والحرمان في الصغر يرتبطان بانخفاض معدلات الذكاء وارتفاع معدلات الاضطرابات النفسية والعقلية لدى الأطفال

ومع ذلك، فإن الدراسة تشير إلى أن التأثير على نمو الدماغ لا يتعلق فحسب بمسألة سوء التغذية في الصغر. ووفقًا لسونوغا بارك، فإن هذه الدراسة مهمة لأنها "تبرز للمرة الأولى، وبطريقة مقنعة، أثر البيئة والشدائد التي يتعرض لها الأطفال في سن مبكرة على نمو أدمغتهم".

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف نتحدث مع أطفالنا عن الجنس؟

ما العلاقة بين حنان الأهل ونرجسية الأطفال؟

كيفية علاج العدوانية عند الأطفال بطرق تربوية

كيف تعلم الأطفال حُسن التنظيم؟.. السر في الروتين!